tag icon ع ع ع

داخل أحد منازل مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، يجلس أبو محمد مع عائلته تحت ضوء أبيض خافت، متحدثًا عن تجربته في تأمين بديل يغطي حاجاته اليومية من الكهرباء، في ظل غلاء أسعار المولدات والمحروقات اللازمة لتشغيلها، واستمرار قطع نظام الأسد الكهرباء عن المناطق التي أصبحت خارج سيطرته.

بطارية موصولة على لوح طاقة شمسية في ريف المهندسين بحلب

بطارية موصولة على لوح طاقة شمسية في ريف المهندسين بحلب

يقول أبو محمد إن تركيبه للّوح الشمسي مكّنه من تشغيل جهاز الإنترنت وشحن 4 أجهزة لابتوب، بالإضافة إلى إنارة الغرفة التي يعيش فيها، “ركّبت لوحًا باستطاعة 200 واط يُخرّج 24 فولت–15 أمبير، وأصل عليه بطاريتين، كل واحدة 100 أمبير”، مضيفًا “أشغّل أحيانًا خلال النهار مروحًة وتلفزيونًا صغيرًا”.

وانتشرت فكرة استخدام الألواح الشمسية كبديل للكهرباء بكثرة في ريفي إدلب وحلب، فيما لجأ قسم من الأهالي إلى استخدام المولدات الكهربائية والإنفيرترات (رافعات الجهد).

وإن كان لألواح الطاقة الشمسية استخدامات متعددة، إلا أنها اقتصرت على تأمين مصدر بديل للكهرباء.

يرى بعض الأهالي الذين التقتهم عنب بلدي أن الألواح الشمسية بديل جيد عن الكهرباء في الوقت الراهن في حين يفضّل بعضهم الآخر استخدام طرق أخرى لتغطية انقطاعها، بينما يرى آخرون أن كلفتها عالية لا تتناسب مع ذوي الدخل المحدود:

 

“بديل جيد” لكنه لا يخلو من الأعطال

وعلى الرغم من استخدام الألواح الشمسية بكثرة في ريفي إدلب وحلب، إلا أنها كغيرها من البدائل تتعرض لأعطال مختلفة وتتطلب حرصًا أثناء استخدمها.

خالد، وهو من سكان ريف المهندسين في محافظة حلب، نوّه إلى أن “الألواح الشمسية فكرة جيدة للحصول على الكهرباء، ولكن يجب الانتباه إلى أن التيار الكهربائي الناتج عنها يرتفع وينخفض تبعًا للإضاءة التي يتلقاها، ما يستوجب استخدام منظّم لحماية البطاريات التي تشحن الألواح عن طريقها من التلف”. لكن آخرين قللوا من جدوى استخدام الألواح في المناطق التي تتعرض للقصف، إذ تنخفض فاعليتها بمجرد إصابتها بالشظايا أو تعرضها للصدمات:

 

براد، تلفزيون، إنارة

وبحسب عدد من بائعي الألواح الشمسية الذين التقتهم عنب بلدي في ريفي إدلب وحلب، فإن الألواح الموجودة في السوق قادرة على تشغيل أجهزة المنزل الأساسية (براد، تلفزيون، إنارة)، وتتوفر بنوعيات مختلفة (تركي، صيني، ألماني) تتراوح أسعارها ما بين 95 و 210 دولار.

ويقول البائعون إن كمية الكهرباء التي ينتجها اللوح الشمسي تختلف باختلاف حجمه واستطاعته، كما يعود أمر اختيار حجم اللوح المناسب للزبون ولنوع الأداة الكهربائية التي يريد تشغيلها:

 

وزارة الطاقة تعيد تأهيل محطات التحويل.. والألواح الشمسية لإنارة المخيمات

نفّذت وزارة الطاقة في الحكومة المؤقتة مشروعًا متكاملًا استخدمت فيه الألواح الشمسية لتأمين الإنارة داخل مخيم الأخضر في أطمة، بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية.

وبحسب عبد القادر علّاف، معاون وزير الطاقة والثروة المعدنية في الحكومة السورية المؤقتة، فإن مشروعًا آخرًا قيد التنفيذ “بانتظارالتمويل”، لتزويد مخيمات أخرى بالكهرباء، بالإضافة إلى مشروع دعم المشافي الميدانية في ريفي حلب وإدلب لتأمين الكهرباء عن طريق الألواح الشمسية.

عبد القادر علّاف - معاون وزير الطاقة والثروة المعدنية في الحكومة السورية المؤقتة

عبد القادر علّاف – معاون وزير الطاقة والثروة المعدنية في الحكومة السورية المؤقتة

ويشير علّاف في حديثه لعنب بلدي إلى سعي الوزارة منذ تأسيسها إلى تلافي أعطال محطات التحويل، “هناك مشاريع كثيرة نُفّذت سابقًا عبر المجالس المحلية، غالبيتها تأمين مواد صيانة وقطع تبديل لشبكات توتر المتوسط ومراكز التحويل في محافظة حلب وريف إدلب”، منوّهًا إلى أن المشاريع الحالية الأحدث في محافظة حلب هي صيانة وإعادة تأهيل عشر محطات تحويل، ثلاث منها تحويل (230-66) كيلو فولط في حريتان والزربة والصاخور ستنفذها مديرية الطاقة في حلب، و7 محطات (66-20) إعادة تأهيل على امتداد المحافظة.

وفيما يخص تأمين مصدر مستقل للكهرباء يقول علّاف “لم يتم تأمين الدعم الكافي لمشروع ربط الشبكة التركية مع السورية حتى الآن، بينما لا تزال المشاورات مع الحكومة التركية قائمًة لربط الشبكة الكهربائية في مدينة كلس التركية بـشبكتي إعزاز وتل رفعت، بالإضافة إلى مشروع الربط عبر باب الهوى”، لكن صعوباتٍ وتحدياتٍ أخرى تقف في وجه الوزارة، وهي موافقة الحكومة التركية على دفع الفاتورة الضخمة، بالإضافة إلى موضوع الجباية من الأهالي.

وفي لقاء لعنب بلدي مع محمود الإبراهيم، رئيس المجلس المحلي المُنشَأ حديثًا في بلدة أورم الكبرى جنوب غرب حلب، اعتبر أن استثمار الطاقة الشمسية هو مشروع تكميلي مؤجل، وأكد على أهمية دعم مجلسه لإصلاح الشبكات الكهربائية المتضررة في البلدة:

 

“إنها بديل رائع لمولدات الكهرباء”

يصرّ العديد من الأهالي في ريفي حلب وإدلب على أن الألواح الشمسية بديل جيد للكهرباء وأن استخدامها ذو جدوى اقتصادية أكبر من المولدات.

ألواح طاقة شمسية صغيرة تستخدم للشحن

ألواح طاقة شمسية صغيرة تستخدم للشحن

ويشير أسعد، وهو من أهالي بلدة سراقب في ريف إدلب، إلى أنه يصل البطارية التي يملكها باللوح الشمسي من الساعة 7 صباحًا وحتى 4 عصرًا، ويستخدمها طوال الوقت لشحن جهازه وهاتفه بالإضافة إلى تشغيله لجهاز الإنترنت، “أشحن البطارية لمدة 2-3 ساعات واستخدمها قرابة 7-8 ساعات بعد وصلها على رافع الجهد، ما يمكنني من الاستفادة منها طوال الليل؛ إنها بديل رائع لمولدات الكهرباء”.

ويضيف أن ألواحًا شمسية صغيرة (بحجم كف اليد) انتشرت مؤخرًا في ريف إدلب، “يستخدم اللوح الصغير الموصول بليدات إنارة للشحن، إذ يحتوي على USB بالإضافة إلى وصلة شحن جوالات شاملة، كما يمكنك إزالة الليدات وشحن القبضات اللاسلكية وأدوات كهربائية خفيفة أخرى”.

 

الألواح الشمسية لتنقية المياه أيضًا

بدأت مديرية مياه الشرب والصرف الصحي، التابعة لوزارة الزراعة والبنية التحتية والموارد المائية في الحكومة السورية المؤقتة، منذ بداية شهر شباط من العام الحالي، بأعمال تنقية مياه مخيمات “حمد العمار” و “مخيم بيان” و “مخيم قاح” في ريف إدلب الشمالي باستخدام الألواح الشمسية، وأكدت التقارير الطبية بحسب الوزارة، خلو المياة المنقّاة من المسببات المرضية بعد تحليلها كيميائيًا وجرثوميًا.

جهاز تنقية المياه باستخدام الطاقة الشمسية في مخيم حمد العمّار - ريف إدلب الشمالي

جهاز تنقية المياه باستخدام الطاقة الشمسية في مخيم حمد العمّار – ريف إدلب الشمالي

ويقول المهندس محمد الأحمد، مدير مياه الشرب والمسؤول عن برنامج المياه، لعنب بلدي “هدفنا من المشروع تقليل حالات التسمم في مخيمات ريف إدلب الشمالي لذلك تم التعاقد مع أحد المنظمات واستيراد ثلاث أجهزة تنقية بالطاقة الشمسية استطاعة كل منها 2000 ليتر بالساعة”، مشيرًا إلى أنها “يمكن أن تعمل حوالي 10 ساعات متواصلة عند توفر أشعة الشمس، كما أنها أثبتت فعاليتها  بعد التقارير الواردة من المخيمات، والتي أشارت إلى نقاوة الماء بنسبة 90%، وإلى انخفاض نسبة الأمراض”.

وأضاف الأحمد أن مشكلة الطاقة في سوريا لا زالت متفاقمة مردفًا أن المديرية في صدد تعميم هذه التجربة على جميع المحافظات التي تقوم بمشاريع ضمنها، “نحاول إيجاد حلول بديلة للطاقة وتشغيل المضخات ومحطات الضخ، ونعمل على تجهيز دراسات جديدة لتشغيل  عدد أكبر من المحطات عبر الطاقة الشمسية”.

 

يعمل نظام الأسد على شل الحياة في المدن والبلدات المحررة عبر قصفه محطات توليد الكهرباء بشكل مستمر، وتسعى المجالس المحلية المنتشرة في تلك المناطق إلى تدارك تضرر الشبكات الكهربائية، من خلال مشاريعها التي تعمل فيها على صيانة تلك الشبكات، بينما يُجمع الأهالي على ضرورة وأهمية الألواح الشمسية وغيرها من البدائل الأخرى في تأمين حاجتهم اليومية من الكهرباء.

*أعدت هذه المادة بدعم من البرنامج الإقليمي السوري

مقالات متعلقة