معرض دمشق الدولي.. نجاح إعلامي تكذبه الأرقام

camera iconمواطنون يحضرون فعاليات معرض دمشق الدولي -6 من أيلول 2019 (سانا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- اقتصاد

أسدل الستار على فعاليات معرض دمشق الدولي بنسخته الـ 61، الذي أقيم في العاصمة السورية، بين 28 من آب و6 من أيلول الحالي، تحت شعار “من دمشق إلى العالم”، والذي هدفت من خلاله حكومة النظام السوري إلى خلق مرحلة مفصلية جديدة ونقطة تحول في مستقبل سوريا سياسيًا واقتصاديًا، بحسب ما ركز عليه رئيس الحكومة، عماد خميس، قبل انطلاق المعرض.

وحاولت الحكومة عبر وسائل الإعلام الرسمية والمقربة منها الترويج للمعرض بشكل كبير، وتأطيره برسائل فحواها أن سوريا تعافت من آثار الحرب وبدأت مرحلة إعادة الإعمار، بهدف جذب الاستثمارات وعودة الشركات العربية والأجنبية لحجز مكان في مرحلة إعادة الإعمار المستقبلية، بحسب ما قاله الدكتور في إدارة الأعمال عمر المحمد، لعنب بلدي.

لكن هل نجحت أهداف المعرض؟

رغم الضخ الإعلامي للمعرض قبل انطلاقه وتسليط الضوء على فعاليته خلال إقامته، بقي حضوره دون التوقعات، من حيث عدد الزوار والدول المشاركة مقارنة بالدورتين السابقتين، بحسب الأرقام الصادرة عن المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية.

وبلغ عدد زوار المعرض في دورته الحالية مليونًا و462 ألف زائر، في حين بلغ في الدورة الماضية مليونين و217 ألف زائر، ووصل في الدورة 59 التي أقيمت في 2017 إلى مليونين ونصف المليون زائر، ما يعني أن الانخفاض في الدورة الحالية وصل إلى حوالي مليون زائر.

أما على مستوى المساحة المحجوزة، فكانت الدورة الحالية الأكبر في تاريخ المعرض، إذ تجاوزت 100 ألف متر مربع، في حين بلغت في الدورة الماضية 93 ألف متر مربع، ومساحة 70 ألف متر مربع في دورة 2017، وعلى الرغم من “المساحة الاستثنائية”، إلا أن عدد الدولة المشاركة كان أقل، إذ شاركت 38 دولة عربية وأجنبية فقط، في حين كان عدد الدول المشاركة في الدورة الماضية 48 دولة، وفي دورة 2017، التي جاءت بعد توقف لخمس سنوات بسبب تصاعد الأحداث، بلغ عدد الدول المشاركة 43 دولة.

عقود ضئيلة بسبب عقوبات أمريكية

وفيما يخص عدد العقود المبرمة على هامش المعرض، فقد بلغ في دورته الماضية في 2018 نحو 740 عقدًا، بقيمة 15 مليون دولار، في القطاعات الغذائية والزراعية والهندسية والكيميائية والنسيجية، بحسب تصريح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لصحيفة “الوطن” المحلية، في حين وصل عدد العقود المبرمة في دورة 2017 إلى نحو 650 عقدًا، تجاوزت فيها قيمة دعم الشحن لعقود التصدير مليار ليرة سورية (مليونين ونصف مليون دولار بسعر صرف 400 ليرة للدولار آنذاك).

ولا يزال حجم العقود الموقعة في الدورة الحالية غير معروف، بحسب ما قاله وزير الاقتصاد، سامر الخليل، لصحيفة “الوطن”، في 5 من أيلول الحالي، الذي أكد “عدم إمكانية تحديد قيمة العقود على المدى المنظور، خاصة وأن العقود الموقعة هي أصناف، جزء منها عقود بين التجار ورجال الأعمال على المستوى المحلي، وجزء آخر بين رجال الأعمال الأجانب والسوريين، تتضمن العقود التصديرية”.

وعلى الرغم من عدم معرفة عدد العقود المبرمة، اقتصرت هذه العقود على الدول الداعمة للنظام السوري مثل روسيا وإيران في مجالات عدة، مثل النفط وتصدير المنتجات.

وقال وزير الاقتصاد، سامر الخليل، لوكالة “سبوتنيك” الروسية، الخميس 5 من أيلول، “إن عددًا من الاتفاقيات والعقود تم توقيعها مع روسيا والقرم وأوسيتيا الجنوبية خلال الدورة الحالية”، كان أبرزها توقيع ثلاثة عقود مع شركات روسية، في مجالات المسح والحفر والإنتاج في القطاع النفطي إضافة إلى توقيع عقود استيراد وتصدير مع جزيرة القرم بقيمة 250 مليون دولار.

اللافت في المعرض كان غياب العقود الكبيرة مع شركات عربية حضرت المعرض، مثل الإمارات وسلطنة عمان، ويعو د ذلك إلى التهديدات الأمريكية، بحسب الدكتور في إدارة الأعمال عمر المحمد، الذي قال لعنب بلدي إن معرض دمشق الدولي فرصة لعقد صفقات مع شركات ورجال أعمال، وترويج النظام لنفسه، لكن التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات على أي شركة أو كيان اقتصادي يوقع أي عقود مع النظام حال دون توقيع عقود.

وحذرت الولايات المتحدة الشركات التجارية والأفراد من المشاركة في معرض دمشق الدولي، ونشرت السفارة الأمريكية في دمشق، عبر حسابها الرسمي في “فيس بوك”، الجمعة 23 من آب، بيانًا قالت فيه إن مشاركة الشركات التجارية والأفراد في معرض دمشق الدولي وتعاملهم مع النظام السوري قد يعرضهم لعقوبات أمريكية.

وجاء في البيان “الولايات المتحدة لا تشجع على الإطلاق الشركات التجارية أو الأفراد على المشاركة في معرض دمشق التجاري الدولي (…) فنظام الأسد يواصل استخدام موارده المالية لتنفيذ هجمات شريرة ضد الشعب السوري” معتبرًا أن أي شخص يُجري تعاملات تجارية مع نظام الأسد أو شركائه “سيمكن النظام من مواصلة حملته للقتل والقمع ضد السوريين”.

اهتمام بالإماراتيين وتجاهل للحلفاء

وشهدت أيام المعرض العشرة اهتمامًا إعلاميًا بالوفود العربية وخاصة الوفد الإماراتي، الذي ضم 40 رجل أعمال في مجالي المال والأعمال ورؤساء شركات تطوير عقاري، يتقدمهم حميد محمد آل علي، الأمين العام لاتحاد غرف التجارة في الإمارات، وعبد الله سلطان العويس، نائب رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة، وناصر محمد النويس، رئيس مجموعة “روتانا”، وعبد الله محمد السويدي، مدير شركة “بن دسمال” القابضة.

ويظهر من خلال متابعة الإعلام الرسمي الحكومي والمقرب منه تسليط الضوء بشكل كبير على الوفد الإماراتي والعماني، وتجاهل للوفود الأخرى، وخاصة الروسية والإيرانية، على عكس الدورتين الماضيتين.

وقال بكار لعنب بلدي إن للنظام السوري فوائد عدة من المشاركات الخليجية والأجنبية على صعيد الأفراد والشركات، إلى جانب أهمية مشاركة وفود حكومية، كونها تحمل رسائل دبلوماسية منخرطة بالرسائل الاقتصادية للنظام وللمجتمع الدولي بالاستعداد لفتح علاقات وتعاون في المستقبل مع النظام السوري.

لكن بكار يعتقد أن الانفتاح الخليجي لن يعكس ولن يأتي بنتائج إيجابية، لأن النظام السوري غير مهيّأ سياسيًا واقتصاديًا، باعتباره ضعيفًا لوحده قويًا بشركائه، وأي شريك (روسيا وإيران) يتخلى عن النظام أو يخلق توازنًا جديدًا في المنطقة، سيؤدي بالنظام إلى الهاوية.

وأكد بكار أن الدولة تقاس بقوة إنتاجيتها وقوة اليد العاملة ومدى عجز الميزان التجاري والمنتجات الأساسية التي تصدرها، لكن في سوريا اليوم معظم المنتجات (ومنها منتجات سيادية مثل القمح) مصدرها الاستيراد وليس الإنتاج المحلي.

وحاولت الإمارات وبعض الدول العربية، خلال الأشهر الماضية، إعادة العلاقات الاقتصادية والسياسية مع النظام السوري، وتجسد ذلك في فتح السفارات وإعادة فتح الطرق البرية من سوريا إلى الخليج العربي، لكن أمريكا حذرت من عودة النظام إلى الجامعة العربية وإعادة العلاقات الاقتصادية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة