في اليوم الدولي لمحو الأمية.. ملايين من أطفال سوريا بلا تعليم

tag icon ع ع ع

منصور العمري

يحتفي العالم في 8 من أيلول/سبتمبر من كل عام بـ “اليوم الدولي لمحو الأمية”.

اختارت الأمم المتحدة هذا العام التركيز في احتفاليتها بهذا اليوم على لغات الشعوب الأصلية وذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، كي يكون فرصة للاحتفال بعام 2019 بوصفه السنة الدولية للغات الشعوب الأصلية، وأيضًا بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين للمؤتمر العالمي بشأن تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، الذي اعتمد بيان “سلامنكا” بشأن التعليم الشامل و”ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة”.

أعلنت يونسكو عام 1966 في مؤتمرها العام، 8 من أيلول/سبتمبر من كل عام، يومًا دوليًا لمحو الأمية، بهدف تذكير المجتمع الدولي بأهمية التعليم للأفراد والمجتمعات، ولتأكيد الحاجة إلى تكثيف الجهود المبذولة للوصول إلى مجتمعات أكثر إلمامًا بمهارات القراءة والكتابة. جاءت فكرة هذه المناسبة في أثناء فعاليات المؤتمر العالمي لوزراء التربية الذي عقد بشأن محو الأمية في العاصمة الإيرانية طهران يومي 18 و19 من أيلول/سبتمبر 1965.

خلُص التقرير الختامي للمؤتمر إلى: “ضرورة تغيير السياسات الوطنية التعليمية لتحقيق التنمية في العالم الحديث، واستقلال عدد كبير من البلدان، والحاجة إلى تحرر الشعوب تحررًا حقيقيًا، ولضمان المشاركة الفاعلة والمنتجة في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الإنسان، خصوصًا في ظل وجود مئات ملايين البالغين من الأميين في العالم”.

أوصى التقرير أيضًا بأنه “ينبغي أن تُتيح النظم التعليمية التدريب التعليمي لتلبية حاجات الأجيال الشابة التي لم تدخل معترك الحياة بعد، وأجيال البالغين التي لم تستفد من الحد الأدنى الأساسي من التعليم الابتدائي. كما ينبغي أن تشتمل خطط التعليم الوطنية على مفاهيم التعليم للأطفال وتدريب محو الأمية للبالغين بوصفهما عنصرين متوازيين”.

بالنسبة لسوريا، تشير إحصائيات تعليم الأطفال إلى كوارث تعليمية ستظهر نتائجها في المستقبل القريب، على سوريا والمنطقة بأكملها، فهناك ملايين الأطفال السوريين من دون تعليم في سوريا ودول الجوار.

حسب هيومن رايتس ووتش، يوجد 1.5 مليون طفل سوري في سن المدرسة في تركيا والأردن ولبنان، ولكن نصفهم تقريبًا لا يحصلون على تعليم رسمي. اتخذت الدول المضيفة خطوات كبيرة لتحسين التحاق الأطفال بالتعليم، مثل توفير التعليم الحكومي المجاني وفتح “فترات مسائية” استجابة لحاجيات عدد أكبر من الأطفال، ولكن ما زالت توجد عوائق تمنع هؤلاء الأطفال من التعلّم، منها عمل الأطفال وشروط التسجيل بالمدارس وصعوبات اللغة وعدم توفر خدمات نقل بأسعار مناسبة. كما يواجه الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة أو الذين هم في سن المدرسة الثانوية صعوبات من نوع خاص.

عدة أسباب أدت إلى انهيار العملية التدريسية داخل سوريا، من أهمها استمرار النظام السوري في تدمير المدارس وقتل طلابها، واستخدام أبنية المدارس لأغراض حربية من قبل عدة أطراف في سوريا. كما يضطر الهاربون من قصف الأسد، ومن دُمرت منازلهم إلى السكن في المدارس. بعض الأهالي يخشون من إرسال أطفالهم إلى المدارس خوفًا من القصف.

أصدر “التحالف الدولي لحماية التعليم من الهجوم” تقريرًا عام 2015 وضح فيه آثار انهيار العملية التعليمية في سوريا، وقال فيه إن نحو ثلاثة ملايين طفل سوري خارج التعليم، وإن نحو نصف الأطفال اللاجئين السوريين بلا تعليم، وإن تمويل تعليمهم لا يتجاوز نصف المطلوب.

في مؤتمر لندن 2016، التزم المانحون والبلدان المضيفة للاجئين السوريين بضمان تفادي “جيل ضائع” من الأطفال، وتخصيص 1.4 مليار دولار سنويًا لدعم التعليم، لا سيما في الأردن ولبنان وتركيا.

لكن حتى كانون الأول/ديسمبر 2018 في لبنان مثلًا، لا يزال أكثر من نصف الأطفال السوريين اللاجئين البالغ عددهم 631 ألفًا في لبنان خارج التعليم الرسمي، حسب أبحاث هيومن رايتس ووتش.

نشرت منظمة “أنقذوا الأطفال” تقريرًا قبل أيام قالت فيه إن أكثر من نصف أطفال إدلب مهددون بالحرمان من المدارس هذا العام. وأوضحت المنظمة أن المدارس المتبقية في إدلب يمكنها استيعاب 300 ألف طفل فقط، من أصل 650 ألف طفل في سن الدراسة، وأنه من أصل 1193 مدرسة موجودة في المنطقة، ما زالت 635 مدرسة فقط قادرة على العمل، في حين تضررت 353 مدرسة أخرى أو أُخليت بسبب القصف.

لن يوقف الأسد قصفه للمدارس والمدنيين، بدعم من روسيا وإيران، حسب ما رأيناه منذ سنوات، ولكن تجب مطالبة دول الجوار السوري بتسهيل تعليم الأطفال السوريين، وتوفير التعليم للاجئين الأميين، كما تجب مطالبة الدول الداعمة بتحمل مسؤولياتها في دعم العملية التعليمية في هذه الدول وتمويلها، حفظًا لجيل كامل من الضياع، وحماية لمستقبل سوريا وجوارها والمنطقة من آثار الأمية والجهل.

كما يجب التأكد من أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لا يدعمان ماليًا أو بأي شكل آخر تزوير التاريخ والتطرف والكراهية والتعليم القائم على مبادئ الشمولية والفكر الواحد في مناهج الأسد الدراسية وغيره من الأطراف في سوريا.

براء (10 أعوام) من الغوطة، تقف أمام شجرة حيث وضعت سبورة وبدأت تعليم الأطفال الأصغر سنًا ما بقي عالقًا بذاكرتها من صفها الأول في سوريا، في مخيم غير رسمي في جبل لبنان. © 2016 بسام خواجا/هيومن رايتس ووتش




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة