عقارات الغوطة الشرقية.. البائع يخسر والمشتري مستفيد

camera iconبلدة حمورية وسط الغوطة الشرقية- 2015 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – محمد حمص

قبل الاحتجاجات في سوريا عام 2011، كانت الغوطة الشرقية، لا سيما المناطق الملاصقة لدمشق، تشكل قبلة للراغبين بشراء العقارات، خاصة السكنية، بسبب انخفاض سعرها مقارنة بأحياء العاصمة السورية.

عقب سيطرة النظام السوري على الغوطة الشرقية، في أيار 2018، لا تزال المنطقة تعتبر متنفسًا للراغبين بالشراء، ولكن الدمار الذي لحق بالبنية السكنية والتحتية للمنطقة، يحول دون عودة سوق العقارات إلى سابق عهده.

يضطر بعض أهالي الغوطة الذين خسروا أموالهم ومهنهم وباتوا يعتمدون على أموال المغتربين أو المساعدات، سواء من المهجرين قسريًا إلى الشمال السوري أو اللاجئين خارج سوريا أو الذين لا يزالون مقيمين فيها، إلى بيع عقاراتهم، في وقت تُسن قوانين ومراسيم من شأنها خسارة بعض المالكين لممتلكاتهم في حال عدم إثبات ملكيتها.

وتشكل أسعار العقارات في الغوطة مع ارتفاع الحركة في سوق البيع حالة تستحق الدراسة والمتابعة، في وقت تفقتر معظم مناطق الغوطة إلى الخدمات (ماء، كهرباء، اتصالات).

 المواقع الأقرب لدمشق مرغوبة حتى اليوم

بعد سيطرة النظام السوري على مناطق الغوطة الشرقية شهدت المنطقة ركودًا في أسواقها، ليعود الحديث تدريجيًا عن حركة بيع في حرستا وعين ترما، قبل أن تشمل بلدة المليحة في القطاع الجنوبي للغوطة.

وفي حديث إلى عنب بلدي، قال مهندس عقاري كان يشغل منصب رئيس بلدية سابق في الغوطة الشرقية، إنه كلما اقتربت المناطق من دمشق ازدادت المبيعات فيها، وكذلك الأسعار.

وأشار المهندس، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بسلامته، إلى أن حركة البيع هذه، رغم وجودها، لا تزال ضيقة مقارنة بما كانت عليه قبل 2011، متوقعًا عودة السوق في حال خُدمت تلك المناطق بشكل جيد، مشيرًا إلى رغبة المشتري اليوم بالاستفادة من انخفاض سعر العقار قبل ارتفاعه مستقبلًا مع عودة الخدمات.

وتشهد مناطق المليحة وحرستا وعين ترما وزملكا حالات بيع أكثر، مقارنة بالمناطق الأكثر عمقًا شرق دمشق.

الأسعار ارتفعت بالمقارنة مع أيام الحصار

شهدت المنطقة، خلال فترة الحصار من قوات النظام السوري الممتدة لخمس سنوات من 2013  إلى 2018، حالة ركود طويلة بسوق العقارات، مع تخلل ذلك الركود لبعض حالات البيع، لا سيما الأراضي الزراعية، الأمر الذي أدى بدوره إلى انخفاض أسعار الشقق السكنية بالمقارنة مع الأراضي الزراعية.

ومن أهم أسباب ركود السوق عدم قدرة تثبيت البائع والمشتري لعملية البيع في المحكمة بشكل قانوني، ما يؤثر على قانونية البيع وضمان حق الطرفين، واعتماد الطرفين على الوكالة التي ألغيت بموجبها بعض العقود.

وبلغ الحد الأقصى لسعر المتر في مناطق وسط الغوطة في أثناء الحصار، التي شهدت حركة بيع أكبر مقارنة مع مناطق التماس القريبة من دمشق، نحو 22 ألف ليرة سورية.

أسعار منخفضة بالمقارنة مع سعر الصرف

بدأت الأسعار بالارتفاع تدريجيًا عام 2019، ووفق ثلاثة عاملين في سوق العقارات في الغوطة تحدثت إليهم عنب بلدي، يتراوح سعر المتر حاليًا في مناطق حمورية وبيت سوى بين 35 و60 ألف ليرة سورية للمتر الواحد من دون إكساء، بينما تتراوح قيمة المتر الواحد في مدينة سقبا بين 40 و75 ألف ليرة سورية.

وتختلف الأسعار بين حي وآخر في المدينة أو البلدة الواحدة، تبعًا للموقع وتوفر الخدمات والقرب من العاصمة والطرقات العامة.

وفي تصريح لرئيس بلدية المليحة، عمر عسس، لصحيفة “الوطن” المحلية، في 2 من أيلول، أكد وجود بيوع عقارية كثيرة في المدينة.

وأوضح عسس أن السعر الوسطي للمتر المربع يصل إلى 70 ألفًا، بينما يبلغ الحد الأعلى لسعر المتر الواحد نحو 125 ألفًا، وقد يبلغ أكثر من ذلك في بعض الحالات.

ووفق أطلس الدمار الذي نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب (UNITAR)، في منتصف آذار الماضي، فإن الغوطة الشرقية هي الأكثر دمارًا من بين المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق، وبلغ عدد المباني المدمرة كليًا في غوطة دمشق الشرقية 9353 مبنى، بالإضافة إلى 13661 مبنى مدمرًا بشكل بالغ، و11122 مبنى مدمرًا بشكل جزئي، حيث بلغ مجموع المباني المتضررة 34136.

وبمقارنة سعر البيع اليوم مقابل عام 2011، يخسر العقار 79.6% من قيمته، وفق فرق العملة السورية أمام الدولار.

إذ كان السعر الأدنى للمتر في المنطقة الوسطى من الغوطة 13 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 270 دولارًا (وفق سعر صرف 48 ليرة مقابل الدولار)، بينما يبلغ سعر المتر اليوم بحده الأدنى 35 ألف ليرة أي ما يعادل 55 دولارًا أمريكيًا (وفق سعر صرف اليوم 635 ليرة مقابل الدولار).

وهذا ما يسبب خسارة قياسية لصاحب العقار، في حال مقارنة قيمة العقار بالعملة الأجنبية.

مناطق مهددة بالسقوط.. وبنية تحتية مدمرة

رغم عدم صدور إحصائيات رسمية حول نسبة الأضرار في مدن وبلدات الغوطة الشرقية، تعتبر المنطقة من أكثر المناطق التي شهدت أضرارًا بالبنية التحتية والأحياء السكنية، بسبب المعارك وحجم القصف الذي شهدته بين 2013 و2018.

تثبيت البيوع

تعتبر عمليات البيع والشراء التي حدثت في الغوطة الشرقية، خلال سيطرة فصائل المعارضة عليها، محل شك بالنسبة لحكومة النظام بسبب عمليات التزوير، إذ بدأت وزارة العدل، خلال العام الماضي، بتجهيز المحاكم (محكمة عربين، محكمة حرستا) وأصدرت العديد من التعاميم التي تضمنت التحقق من البصمة في عمليات البيع والشراء، بالإضافة إلى العمل على قضايا أخرى كتثبيت الزواج وغيرها، وفق ما ذكرت صحيفة “تشرين” الحكومية، في مطلع العام الحالي.

وأعادت حكومة النظام افتتاح السجل العقاري، لإعادة حركة البيوع إلى ما كانت عليه، بالإضافة إلى حماية ملكيات الأفراد، وفق ما ذكرت صحيفة “الوطن” المقربة من النظام.

ونقلت الصحيفة، في 26 من شباط الماضي، عن مصدر قضائي، لم تسمه، أن هناك حركة في تثبيت بيوع العقارات، موضحًا أن وجود سجل دائم يساعد في ذلك.

ووفق الصحيفة، فإن المصدر أشار إلى أنه تم رد العديد من الدعاوى المتعلقة بتثبيت البيوع قبل فتح السجل الدائم لعدم وجود إشارة على العقار وبالتالي عدم معرفة وضعه.

وبحسب المصدر القضائي فإن هناك تدقيقًا شديدًا على مسألة البيوع، لحماية أصحاب الملكية في المنطقة.

 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة