هل يفتح باب “اللجنة الدستورية” الطريق أمام “ملف المعتقلين” الشائك؟

camera iconمواطنون سوريون ينظمون وقفة أمام السفارة الروسية في برلين للمطالبة بذويهم المعتقلين - 31 آب 2019 (رابطة عائلات قيصر)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – نينار خليفة

مع إعلان إطلاق اللجنة الدستورية عاد ملف المعتقلين والمختفين قسريًا إلى واجهة تصريحات المسؤولين السياسيين والأمميين، تصريحات دعت الأطراف السورية إلى إجراءات بناء للثقة تمهد الطريق أمام أعضاء اللجنة الدستورية للبدء بمهامهم المتمثلة بصياغة دستور جديد، يكون خطوة في طريق الحل السياسي المعوّل عليه بإنهاء حرب أنهكت السوريين طوال ثماني سنوات.

أبرز هذه التصريحات جاءت على لسان المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، قبل أيام، ودعا فيها إلى إجراء تبادل لـ “السجناء” في سوريا على نطاق واسع لبناء الثقة، قبيل عقد أول جولة محادثات بين حكومة النظام والمعارضة نهاية الشهر الحالي.

بيدرسون اعتبر أن أهم إجراءات بناء الثقة، تتمثل بالإفراج عن المختطفين والمعتقلين، “فمن شأن هذه الخطوة إذا تزامنت مع عمل اللجنة الدستورية وغيرها من مظاهر التغيير على الأرض أن تبعث برسالة مهمة مفادها أن من الممكن أن تكون هناك بداية جديدة لسوريا”، بحسب تعبيره.

وأكد بيدرسون أن مصير عشرات الآلاف من المعتقلين والمختفين قسريًا لا يزال مجهولًا، وأن عائلاتهم تعاني بشكل كبير وتواجه تحديات يومية.

تصريحات بيدرسون تزامنت مع إلحاحٍ أمريكي للكشف عن مصير المعتقلين والمختفين السوريين، إذ طالبت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، النظام السوري بالإفراج عن المعتقلين في سجونه، والسماح للمراقبين الدوليين بالدخول إلى السجون السورية.

وقالت خلال اجتماع مجلس الأمن للحديث عن مستجدات الوضع السوري، الاثنين 30 من أيلول الماضي، إن “نحو 128 ألف سوري لا يزالون قيد الاحتجاز التعسفي. هذه الممارسة غير مقبولة وعلى نظام الأسد إطلاق سراحهم”.

فهل يمكن أن يشكل انطلاق اللجنة الدستورية، المترافق مع دعوة أممية ودولية، بارقة أمل لحلحلة بعض العقد في ملف المعتقلين والمفقودين؟ وما أبرز التحركات الحالية حول هذا الملف الشائك؟

تفاؤل “حذر”

عضو اللجنة الدستورية ورئيسة ملف المعتقلين في “الهيئة السورية العليا للمفاوضات”، أليس مفرج، أكدت من جانبها أن العمل جارٍ حاليًا في أروقة المجتمع الدولي نحو الضغط لتحقيق إجراء بناء ثقة بين الأطراف السورية، والمتمثل بالإفراج عن المعتقلين، مبينة أن ذلك يتم تحديدًا من قبل الأمم المتحدة وبضغط أمريكي.

وفي حديثها إلى عنب بلدي، لفتت إلى أنه وبحكم تعاملها مع المجتمع الدولي، فقد لاحظت تأكيدًا على الدفع نحو إطلاق سراح المعتقلين، وخاصة الأطفال والنساء والمرضى وذوي الإعاقة بسبب التعذيب الذي تعرضوا له في المعتقلات، إذ إن هذا الإجراء سيسهم في إعطاء الصدق والموثوقية لعمل اللجنة الدستورية، التي ستكون بمثابة المدخل الأساس أو التجسير القانوني لأي عملية انتقال سياسي.

وأضافت مفرج أن تحقيق معايير البيئة الآمنة والمحايدة أمام هيئة الحكم الانتقالي يجب أن تسبق أي إجراءات لاحقة كالاستفتاء على الدستور الذي ستضعه اللجنة ضمن الوسائل القانونية الشعبية، أو إجراء أي انتخابات، ومن هذه المعايير حكمًا هو الإفراج الكامل عن المعتقلين والكشف عن مصير المختفين قسريًا وتسليم جثث من توفوا، لافتة إلى أنها عملية طويلة الأمد.

وأشارت مفرج إلى أن ما يتم العمل عليه حاليًا بالتزامن مع الحديث عن عمليات الإفراج عن المعتقلين هو الضغط من أجل وقف الاعتقالات التعسفية في سوريا المستمرة حتى اليوم، ووقف الانتهاكات في مناطق التسويات من قبل النظام، الذي يستخدم ملف المعتقلين “كورقة مقايضة وابتزاز”، بحسب تعبيرها.

وأوضحت أن اللجنة الدستورية ليست الحل وليست الهدف، معتبرة أنها مجرد مسار دستوري كجزء من العملية السياسية، و”لذلك نحن بناؤون للانخراط واستمرار الضغط لتحقيق تقدم في قضية المعتقلين، التي هي الهدف بالإفراج الكامل”، بحسب قول مفرج.

الحاجة لـ “إرادة دولية”

ولفتت مفرج إلى أن المصلحة السياسية للمجتمع الدولي بتمرير اللجنة الدستورية تتطلب منهم إجراء بناء الثقة والضغط على النظام ومن خلفه الروس حتى يتم تحقيق هذا الأمر، إذ إن ملف المعتقلين خاضع للتفاهمات السياسية ويحتاج إلى إرادة دولية وسياسية.

وفيما يتعلق بالضغط الأمريكي في هذا الملف، بينت مفرج أن الهيئة على تواصل وتنسيق دائم مع الولايات المتحدة بما يخص موضوع المعتقلين، ولكنها أشارت في الوقت نفسه إلى عدم وجود ثقة كاملة بالطرف الأمريكي، واصفة الضغط الذي يقوم به بهذا الشأن بالقلق والمتردد، فضلًا عن وجود “توافق أمريكي مع المسار الروسي على الأرض السورية عسكريًا وسياسيًا”.

وكان رئيس الهيئة العليا للمفاوضات، نصر الحريري، أكد في تصريحات سابقة لعنب بلدي ضرورة البدء في إجراءات بناء الثقة أو البنود الإنسانية وخاصة في ملف المعتقلين.

وأشار الحريري إلى أن هذا الملف المأساوي والمؤلم جدًا لجميع السوريين لا تزال تجري محاولة تسييسه، مع محاولة النظام تحقيق مكتسبات سياسية مقابله.

ولفت إلى أن ما جرى سابقًا من عمليات تبادل للمعتقلين في إطار محادثات “أستانة” عبر إطلاق متزامن لسراح بعض المعتقلين، ليس كافيًا، خاصة مع وجود طرف يعتقل مئات الآلاف مع ما يقوم به من عمليات اتهام وتعذيب لهم وقتلهم تحت التعذيب.

وأكد الحريري عدم وجود أي معتقل لدى “الهيئة” أو مراكز احتجاز سرية أو علنية، مشددًا على ضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة التي دعت جميع الأطراف السورية للإفراج الفوري عن جميع المعتقلين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة