من غرفته المتواضعة في دمشق

«هكرٌ» علمته الثورة واخترق أكبر المواقع الموالية

tag icon ع ع ع

محمد هشام

يجلس عمرو في غرفته أمام شاشتين براقتين، وعلى إضاءة خافتة من مصباح «ليد» ينهمك في عمله لساعات؛ عمرو هو شاب في السابعة عشرة من عمره، يقيم في إحدى ضواحي دمشق ويعمل في مجال القرصنة الإلكترونية.

بدأ عمرو العمل في هذا المجال عندما كان في الرابعة عشرة، حين جرب برامج القرصنة الحاسوبية، «لم أتجرأ على تجربتها وتوسيع نطاق استخدامها”، يقول عمرو «وذلك لقلة خبرتي وجرأتي، كنت أتخوف المساس بأحد المواقع الحكوميّة، وحتى الولوج إلى مواقع إلكترونية محظورة في سوريا بغرض تعلّم القرصنة”، معقبًا «لاسيّما أن الثورة لم تكن قد اندلعت بعد».

اندلاع الثورة في سوريا لم يفجر الكبت السياسي فحسب، فالمجتمع كان محرومًا من حقة في التعبير، ومع انطلاقها تفجرت مواهب عدة في مجالات متنوعة، وفق عمرو «بدّد ذلك عندي الكثير، وكسر حاجز الخوف الذي كان يحول دون تنمية موهبتي».

ولم تكن الثورة بالنسبة لعمرو مفصلية إذ أنها نمّت موهبته، بل ووظفتها أيضًا، فمع انطلاق ثورات الربيع العربي في تونس ومصر انتشرت ظاهرة الهجوم على المواقع الحكومية، أو «تهكيرها» كما يشيع التعبير، فبدأ البحث عمّن يشاركه الاهتمام والهدف لتأدية هذا المهمة في سوريا.

«فوجئت بأن عددًا من الخبراء السوريين المغتربين بادروا إلى إنشاء نشاط كالذي أبحث عنه”، موضحًا أنهم استغلوا ضمان أمنهم من قبضة النظام كونهم مقيمين في الخارج، وتعاونوا مع شبان متخفين مقيمين في الداخل، وبدؤوا عملهم في ظل حالة من الفوضى والاضطراب الأمني كانت تعيشها مؤسسات النظام بداية الثورة.

«التحقت بأحد فرق الهجوم الالكترونية التي تعرفت عليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وانضم إلينا شبان سورييون آخرون خبراء في هذا المجال، وبتنا نتبادل الخبرات»، ليبدأ عمرو وفريقه بالهجوم على عدة مواقع سورية تابعة لحكومة الأسد،  إضافة لمواقع روسية وصينية ولبنانية مؤيدة له.

وفي حديثٍ إلى عنب بلدي يوضح عمرو أن الهجوم على هذه المواقع تسبب في اختراقها أو توقفها مؤقتًا، وأحيانًا باستغلال واجهتها لعرض رسائل أو نشر أخبار وصور وفلاشات تظهر انتهاكات الأسد ووحشية قواته في قمع الثورة.

ومن بين المواقع الإلكترونية الرسمية التي استهدفها فريقه، موقع صحيفة تشرين وموقع وزارة الداخلية، كما استهدفوا مواقع خاصة موالية للأسد مثل «أصداء الوطن»، وعدة مواقع روسية، إضافة لموقع وزارة الخارجية اللبناني وموقع نقابة الفنانين الأردني، واختراق أكثر من 8 آلاف حاسوب وموقع لمستخدمين موالين للأسد؛ مؤكدًا أن كل هذه العمليات موثقة بالفيديو.

وجد عمرو في الثورة السورية فرصةً لاكتشاف موهبته، وممارستها وتوظيفها في “نصرة المظلومين” وفق تعبيره، ويأمل أن يطورّها في المستقبل القريب، ليشكل وخبراء آخرين فريق عمل متكامل، يناصر الشعوب من خلال تقديم الدعم الإلكتروني.

عمرو مثالٌ عن موهبة أطلقت الثورة لها العنان وفتحت له بابًا، وداخل كل سوري هناك موهبة قيدتها سنيّ من الكبت؛ لكّن سوريا المستقبل ستكون بحاجة لكل موهبة من هذه المواهب، فلنجعلها ثورة الإبداع لتصل لاحقًا ثورة البناء.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة