“مؤسسات الدولة” تبتز أهالي درعا بـ “الفواتير المتراكمة”

camera iconورشات مؤسسة الكهرباء قرب خط الكهرباء 66 في درعا - نيسان 2018 (مديرية كهرباء درعا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – درعا

تشهر مؤسسات الكهرباء والمياه في سوريا سلاح جباية الذمم المالية في وجه أهالي درعا، ما يزيد الضغوط الاقتصادية والأمنية على السكان، إذ تربط الحكومة تسيير أمورهم القانونية بتسديد الفواتير المتراكمة منذ أعوام.

سداد الفواتير يتيح رفد خزينة الدولة بالذمم المالية المتراكمة خلال السنوات الثماني الماضية، التي كانت فيها المعارضة السورية تسيطر على المنطقة، وتوقفت مؤسسات الدولة عن تقديم خدماتها للسكان، رغم بقاء التيار الكهربائي وشبكات المياه تعمل بشكل متقطع في بعض مناطق درعا.

وحلت مكان هذه المؤسسات في تقديم الخدمات للمواطنين مجالس محلية تابعة للحكومة السورية المؤقتة، ومنظمات تنموية محلية ودولية.

وبعد أكثر من عام على سيطرة النظام السوري على المنطقة، تجبر الحواجز الأمنية والعسكرية أهالي درعا على إبراز آخر فاتورة كهرباء بتاريخ جديد، بهدف فرض دفع الذمم المالية القديمة المتعلقة بفواتير الكهرباء والماء.

وسيطر النظام بدعم روسي على محافظة درعا في تموز عام 2018، وفق اتفاق تسوية يقضي بوقف المضايقات الأمنية، والعمل على تحسين الوضع الخدمي والاقتصادي في المنطقة الجنوبية.

دوائر الدولة وحواجز النظام تجبي فواتير الكهرباء

يراجع المواطنون في درعا دوائر الدولة ومؤسساتها لتسيير معاملاتهم القانونية، خاصة تلك التي كانت متوقفة بغياب مؤسسات الدولة، ليتفاجأ المراجعون بمواجهتهم بفواتير متراكمة من الكهرباء والماء تعيق إكمال معاملاتهم.

عبد العزيز الحسين، موظف حكومي من سكان المنطقة الغربية لدرعا، طُلب منه في أثناء إجراء معاملة إدارية، خاصة بعودته لوظيفته، تسديد الذمم المالية، ومن ضمنها فواتير الكهرباء والمياه، لاستكمال المعاملة.

وبالفعل، اضطر عبد العزيز (40 عامًا) للدفع عن ثمانية أعوام ماضية، رغم أنه لم يستفد من خدمات المياه والكهرباء، بتكلفة تقديرية وفق آخر دورة مدفوعة قبل انقطاعه عن التسديد، بحسب ما يقوله لعنب بلدي.

ويضيف الموظف، المفصول من مؤسسته لانقطاعه عن الدوام مع سيطرة المعارضة على المحافظة وانقطاع الطرقات، “النظام وحلفاؤه الروس أغروا الموظفين، عند توقيع اتفاق التسوية، بتسيير معاملات عودتهم إلى الوظيفة، ولكن مع ذلك سدننا الذمم المالية وبقيت معاملاتنا في أدراج الدوائر ولم نعد لعملنا”.

وينقل “أبو علاء”، وهو سائق سيارة شحن بين دمشق ودرعا، سلوك الحواجز الأمنية بطلب إبراز كشوفات فواتير الكهرباء الأخيرة من السائقين وركاب الحافلات العامة أو الخاصة، لإجبار المواطنين على سداد الذمم المالية المتراكمة عليهم.

ويوضح “أبو علاء” (43 عامًا)، لعنب بلدي، أنه راجع مؤسسة الكهرباء في درعا، وسدد الذمم المالية المتراكمة عليه خلال السنوات الماضية، حتى يتمكن من الاستمرار بعمله والتنقل من وإلى العاصمة دمشق.

التلويح بقطع الكهرباء

طالبت مؤسسة كهرباء درعا سكان حي البلد وسط المدينة بتسديد فواتير الكهرباء المتراكمة، مهددة بقطع التيار الكهربائي عن الحي في حال لم تسدَّد جميع الفواتير، الأمر الذي اعتبره الأهالي خطوة لاستفزازهم والضغط عليهم من أجهزة النظام.

عضو اللجنة المركزية في درعا التي تتولى تنفيذ اتفاق التسوية مع النظام السوري، فيصل أبازيد، اعتبر أن محافظ درعا، محمد خالد الهنوس، و”صبيانه” يحاولون الانتقام من أهالي المدينة عبر الضغط عليهم لدفع الفواتير، وفق ما كتبه على صفحته في “فيس بوك”، مضيفًا، “فواتير لن ندفع. وافهم إذا أحببت أن تفهم، ونتمنى ألا تحيجنا إلى ما لا يحمد عقباه”.

كذلك كتب القيادي السابق في فصائل المعارضة، أدهم الكراد، الذي لا يزال في درعا بعد التسوية، عبر “فيس بوك”، مخاطبًا محافظ درعا، “ما لم يستطع أخذه الهنوس بالقوة لن يستطيع أخذه عن طريق الابتزاز بالخدمات، دوائر فاسدة ومؤسسات بيروقراطية لا تصلح للمرحلة القادمة”.

واعتبر الكراد أن “ابتزاز” أهالي درعا بالخدمات “أسلوب تشبيحي ينم عن وقوف شخصية أمنية وراء الموضوع. هذا التهديد جريمة حرب بحق مجتمع”.

وكان مدير مراقبة الشبكات في شركة كهرباء درعا، منير القاسم، قال إن الشركة نظمت، منذ بداية العام الحالي حتى 18 من آب الماضي، 221 ضبط مخالفة استجرار غير مشروع، بحسب ما نقلته صحيفة “تشرين” الحكومية، في 24 من آب الماضي.

وبلغت الكمية المقدرة للضبوط 2.8 مليون كيلوواط ساعي بقيمة 76.5 مليون ليرة سورية.

ومع سيطرة النظام السوري على محافظة درعا بدعم ورعاية روسية، سجلت المنطقة عودة خجولة للخدمات لا سيما الكهرباء والمياه، إلا أن الضغوط الاقتصادية والأمنية أرهقت السكان على خلاف الوعود الحكومية.

وتتبع خدمة الكهرباء في درعا حاليًا برنامج “التقنين”، عبر قطع التيار الكهرباء لساعات ووصله لساعات محددة، وارتفعت نسبة الوصل في الشهرين الماضيين، لتكون بمعدل أربع ساعات وصل، مقابل ساعتي فصل في مناطق المحافظة كافة، بحسب المؤسسة العامة لكهرباء درعا، عبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة