تقرير يكشف المستور حول إجراءات الاعتقال في “سجن صيدنايا” وتبعاته

camera iconسجناء سوريون أمام مقر لشرطة النظام في دمشق – أيلول 2012 (AFP)

tag icon ع ع ع

في سبيل توثيق الانتهاكات الحاصلة داخل سجن صيدنايا بحق المعتقلين، وكشف الغموض الذي يدور حوله، أصدرت “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” تقريرًا حمل عنوان “الاحتجاز في صيدنايا: تقرير عن إجراءات وتبعات الاعتقال”.

التقرير الذي ورد في 60 صفحة، وحصلت عنب بلدي على نسخة منه، استند إلى شهادة أكثر من 400 معتقل ناجٍ من سجن صيدنايا، في الفترة ما بين آب من عام 1980 ونيسان من عام 2017، كما عمل معدوه على تحليل هذه البيانات لتسليط الضوء على آليات الاعتقالات التي يتّبعها النظام السوري، وتبعاتها على المعتقلين وعائلاتهم.

ومع صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة حول عدد المعتقلين في سجن صيدنايا، نظرًا لكثرة عمليات الإعدام التي تتم خارج نطاق القانون، وما يجري فيه من تعذيب وتجويع وغياب تام لوسائل الرعاية الصحية، ومنع من الاتصال بالعالم الخارجي، قدم معدو التقرير تقديرات عن أعداد المعتقلين الذين دخلوه منذ افتتاحه في عام 1987 حتى بداية العام الحالي 2019، مشيرين إلى تسارع وتيرة الاعتقال بشكل “كبير جدًا” وملحوظ بعد عام 2011.

وحاول معدو التقرير تقديم توضيحات حول عدد من التساؤلات، من قبيل، من المعتقلون في سجن صيدنايا؟ وكيف يتم اعتقالهم؟ وما الجهات الأمنية التي تعتقلهم؟ وما الفروع الأمنية التي يمرون عليها قبل الوصول إلى صيدنايا؟ وكيف تتم محاكمتهم؟ وما الذي تغيّر بالمقارنة مع ما كان عليه الحال قبل عام 2011؟ إلى جانب الآثار  النفسية والجسدية والاجتماعية والاقتصادية لعميلة الاعتقال على حياة المعتقلين.

وخلص التقرير إلى وجود تغييرات كبيرة في إجراءات وتبعات الاعتقال بعد بدء الثورة السورية عام 2011، تجلت باحتجاز عدد أكبر من فئة الشباب والعسكريين والمتعلمين، وترافقت بوحشية أكثر في التعامل معهم، عبر إخضاعهم لجميع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي والجنسي، وهو ما عزاه معدو التقرير إلى “ترك آثار جسدية ملحوظة ترافق المعتقل لفترة طويلة بعد خروجه، بغية بثّ الرعب في المجتمعات المحلية الثائرة”.

وتضمن التقرير شرحًا مفصلًا لآليات التعذيب داخل السجن، مع وجود ما يزيد على 20 وسيلة تعذيب جسدية من بينها الضرب بالعصي والصعق الكهربائي و“بساط الريح” و”الشبح” و”الدولاب” وغيرها، وهو ما تعرض له 100% من المعتقلين بحسب شهادة الناجين منهم، إلى جانب 24 وسيلة للتعذيب النفسي الذي تعرض له 97.8% من المعتقلين، وثماني وسائل للتعذيب الجنسي تحدث عنها نحو 29.7%، في ظل الحساسية المرافقة لهذا النوع من الانتهاك.

محاكمات ظالمة ومصادرة للممتلكات

وفيما يخص المحاكمات التي يخضع لها المعتقلون في سجن صيدنايا، أوضح التقرير أن الأكثرية، خاصة من اعتُقلوا بعد عام 2011، حوكموا في محاكم “ميدانية عسكرية” تفتقد إلى أدنى شروط المحاكمات العادلة، مع عدم السماح للمعتقل بتوكيل محامٍ أو الاتصال مع العالم الخارجي،كما أن أكثر من الثلث حوكموا في “محكمة أمن الدولة العليا”، ونحو 6.5% منهم فقط عرضوا على “محكمة الإرهاب”.

ووفقًا للتقرير، تم تجريد ما يزيد على 70% من المعتقلين من حقوقهم المدنية والعسكرية، كما صودرت الأموال المنقولة وغير المنقولة لأكثر من ثلثهم، ورجح معدو التقرير وجود قرارات من الدولة بعد عام 2011 تهدف إلى “الحجز على أملاك المعتقلين بعد الحجز على حريتهم”.

وقدم التقرير توصيات تؤكد على ضرورة تقديم جميع أنواع الدعم الممكنة للمعتقلين وذويهم، وعائلات المفقودين، وحضور الناجين في أي خطط أو مشاريع عن العدالة في سوريا مستقبلًا، إلى جانب الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات عملية لمحاسبة الضالعين في جميع الانتهاكات والجرائم.

مسلخ بشري

وكانت “منظمة العفو الدولية” وثقت في تقرير تحت عنوان “المسلخ البشري” نشرته، في شباط من عام 2017، إعدامات جماعية بطرق مختلفة نفذها النظام السوري، بحق 13 ألف معتقل في سجن صيدنايا، أغلبيتهم من المدنيين المعارضين، بين عامي 2011 و2015.

وأوضحت المنظمة أن الإعدامات جرت أسبوعيًا أو ربما مرتين في الأسبوع، بشكل سري، واقتيدت خلالها مجموعات تضم أحيانًا 50 شخصًا، إلى خارج زنزاناتهم، وشنقوا حتى الموت.

واستند تقرير المنظمة، الذي جاء في 52 صفحة، إلى تحقيق معمّق أجرته على مدار عام كامل، وتضمن مقابلات وشهادات لـ 84 شخصًا، بينهم حراس سابقون في السجن، ومسؤولون ومعتقلون وقضاة ومحامون، إضافة إلى خبراء محليين ودوليين.

ووجهت المنظمة الاتهام إلى النظام واصفة سجن صيدنايا العسكري بأنه “المكان الذي تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء”.

كما اعتبرت في تقريرها أن الممارسات السابقة “ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، مؤكدة أنها “مستمرة على الأرجح في السجون داخل سوريا”.

وتتكرر التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية بشكل دوري، وتوثق جميعها أوضاعًا سيئة يعيشها المعتقلون، في ظل نقص الطعام والدواء، والشروط الصحية داخل المعتقلات.

وسرّب “سيرز”، وهو اسم مستعار لضابط منشق عن نظام الأسد، 55 ألف صورة لـ 11 ألف معتقل عام 2014، قتلوا تحت التعذيب، وعرضت تلك الصور في مجلس الشيوخ الأمريكي، وأثارت ردود فعل واسعة في الإعلام العربي والغربي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة