النظام يحتفل بفرار قواته والمعارضة تتوعد بأريحا والتوجه نحو الساحل

مشفى جسر الشغور بيد جيش الفتح

tag icon ع ع ع

حسام جبلاوي – ريف اللاذقية

سيطر مقاتلو جيش الفتح يوم الجمعة (22 أيار) على مشفى مدينة جسر الشغور، آخر النقاط العسكرية التي تحصنت فيها قوات الأسد بعد حوالي شهر من تحرير المدينة.

وفيما تناقلت الأطراف المتقاتلة الخبر باعتباره نصرًا لها، لفّ الغموض مصير حوالي 200 من مقاتلي الأسد بعد إعلان جيش الفتح أسر وقتل معظم الفارين في الأراضي الزراعية، بينما احتفل التلفزيون الرسمي بما أسماه «نجاح القوات المسلحة في فك الحصار عن مقاتلي المشفى وتحريرهم».

وبعيدًا عن مدى صحة هذه الرواية أو تلك، فالنتيجة هي إحراج جيش الفتح للأسد وضحد وعوده بالعودة إلى المشفى وفك الحصار عنه، خاصة بعد صور بثها ناشطون معارضون يوم الجمعة تظهر الكيفية التي انسحب بها الجنود المحاصرون وهم يركضون بشكل عشوائي عبر الطريق الجنوبي نحو قرية قرقور.

عشرات القتلى والنظام يعتبره «نصرًا»

وفي التفاصيل، قال أحد المقاتلين المشاركين في المعركة لجريدة عنب بلدي إنّ «الاشتباكات استمرت لساعاتٍ فجر  الجمعة، وتمكن خلالها مقاتلو جيش الفتح من قتل ما يزيد عن 50 عنصرًا من الفارين، منهم العميد محمود إبراهيم البايكي وضباط من رتب عالية، فيما تمت محاصرة وأسر عدد آخر»، معترفًا في الوقت نفسه «بنجاة عدد قليل منهم ووصولهم إلى قرية قرقور».

وأضاف المقاتل (الذي فضل عدم الكشف عن اسمه) أنّ «طائرات الأسد حاولت تأمين غطاء جوي للمحاصرين، فقصفت المنطقة بعشرات الصواريخ أثناء انسحابهم»، نافيًا ما تداولته مواقع تابعة للنظام من تمكن الجيش النظامي من فتح ثغرة نحو المشفى، إذ كان «الانسحاب كان عشوائيًا نتيجة الضغط الكبير الذي تعرضت له القوات المحاصرة بعد نفاذ الطعام والشراب، ووصولهم مرحلة اليأس بعد عجز الجيش من خلال عشرات المحاولات السابقة لتحريرهم».

ومما ساهم في زيادة الضغط على المحاصرين وفق المقاتل «تغريدة أطلقها أبو عيسى الشيخ القائد العسكري لألوية صقور الشام (المنضوية تحت حركة أحرار الشام) عن وصول أبو مصعب المعروف بمهندس الأنفاق إلى المنطقة، وهو الذي دمر الكثير من حواجز النظام سابقًا عبر تفخيخ الأنفاق تحتها».

على الجانب الآخر حاول النظام عبر وسائل إعلامه إظهار فرار قوات النظام من المشفى باعتباره نصرًا كبيرًا، وبث التلفزيون الرسمي خبرًا مفاده أن «القوة المدافعة عن مشفى جسر الشغور الوطني تنفذ صباح اليوم مناورة تكتيكية بالقوى والوسائط وتتمكن من فك الطوق بنجاح».

كما تداولت الصفحات المؤيدة أخبارًا عن مكالمة هاتفية جرت بين قائد حامية المشفى، العقيد  محمود صبحة، ورئيس النظام بشار الأسد، هنّأ فيه الأخير العقيد بما وصفه بالصمود التاريخي لعناصر المشفى، وأكّد أنّ «حياة كلّ جندي في الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الشعبي كانت وستبقى أهمّ ما نفكر به ونسعى لحمايته دائمًا».

وعرضت الصفحات المؤيدة أسماء حوالي 60 شخصًا لما قالت أنهم «مقاتلون وصلوا بخير إلى مدينة اللاذقية» يوم أمس السبت، مؤكدة أنّ الغموض يكتنف مصير من بقوا، وشهدت اللاذقية إطلاق رصاص كثيف في الجو احتفالًا بوصول المحاصرين.

أريحا.. الوجهة المقبلة

ويرى النقيب محمد الحاج علي، القائد العسكري للفرقة الأولى الساحلية، أحد الفصائل المشاركة في معارك جسر الشغور، أنّ «قوات المعارضة بعد تحرير المشفى قطعت شوطًا كبيرًا باتجاه تحرير كامل محافظة إدلب، وأن الاهتمام سيتوجه اليوم إلى باقي الحواجز العسكرية على طريق أريحا–فريكة، خاصة وأنّ معركة المشفى والضغط الكبير الذي دفعت به قوات النظام للتقدم وفك الحصار عن مقاتليها سيزول اليوم، كما سيخفف تحرير المشفى من وطأة  القصف العنيف على المنطقة».

وأضاف حاج علي «نال المشفى الكثير من الاهتمام الإعلامي، وسط غياب أهميته الاستراتيجية، إذ ركز إعلام النظام  عليه وسط خسائر كبيرة في معسكر المسطومة وجبل الأربعين»، معتبرًا أنه يحسب لقوات المعارضة «التصدي لعشرات محاولات التقدم وتحملهم القصف الجوي العنيف طيلة شهر كامل».

وعن الوجهة المقبلة لقوات المعارضة أوضح القائد العسكري أنّ الأولوية اليوم هي «لتحرير مدينة أريحا التي أصبح إليها الطريق سالكًا بعد تحرير معسكر المسطومة، ثم السيطرة على الطريق الممتد من أريحا إلى فريكة بطول 30 كيلومترًا»، والذي يضم عددًا من نقاط تمركز قوات الأسد أبرزها: قرى معترم وأورم الجوز وبسنقول إضافة إلى حواجز المعصرة والقياسات.

وأضاف «في حال نجاحنا بذلك سيكون الطريق مفتوحًا بعدها لمعركة الساحل»، معتقدًا أنها «ليست بعيدة».

وفي هذا السياق أعلنت غرفة عمليات جيش الفتح صباح يوم السبت عبر حسابها الرسمي في تويتر، عن تسليم 14 جنديًا لقوات النظام أنفسهم إلى عناصر جيش الفتح في حاجز القياسات ، إثر تواصل ما أسماه البيان «بحالة انهيار في صفوف قوات الأسد بريف إدلب».

هل تكسر المعارضة طوق اللاذقية؟

وتشير المعطيات القائمة اليوم بعد خسارة النظام مدينة إدلب، والنقاط العسكرية القريبة منها، وخروج مطار أبو ضهور عن الخدمة نتيجة حصاره، وتطويق قريتي كفرية والفوعة إلى معركة كبيرة تنتظر جيش الفتح في بلدة أريحا التي تحولت إلى خزان بشري لقوات الأسد بعد انسحاب جميع العناصر المتبقية في معسكر المسطومة وجبل الأربعين إليها ووصول تعزيزات إلى المدينة.

ويسعى الأسد من خلال تأمين المدينة وتحصين حواجزه المتبقية له في سهل الغاب  إلى إنشاء خط دفاعي بوجه قوات المعارضة التي تحاول بدورها الوصول إلى اللاذقية.

وكان لافتًا خلال الفترة الماضية تكثيف القصف على قرى ريف اللاذقية من قبل قوات الأسد، وسعيها لتحصين مواقعه في جبلي الأكراد والتركمان ، إذ اكتسبت مواقع جديدة خصوصًا قرب قمة النبي يونس أعلى قمم جبال اللاذقية، بينما حاولت عدة مرات السيطرة على جب الأحمر وكتف الجلطة وجوارها لكنها لم تنجه، الأمر الذي يعكس خشية حقيقية من أي عمل عسكري قد تشنه المعارضة في الساحل.

ورغم استبعاد مراقبين قرب هذه المعركة، نتيجة لظروف سياسية وحساسية المنطقة بالنسبة للمجتمع الدولي، تبدو مؤشرات انهيار سريع لقوات الأسد في هذه المناطق ممكنة، خصوصًا مع توالي الهزائم العسكرية في أكثر من جبهة، وزيادة الضغط على قواته.

ويرى محللون أن نجاح جيش الفتح بالوصول إلى تخوم اللاذقية سيعجّل في تقصير عمر النظام، أو على الأقل الإسراع بحل سياسي قد يقبل به الأسد.

يذكر أن أريحا الملقبة بمدينة الكرز، تتميز بموقع متوسط بين مدينتي إدلب في الشمال وجسر الشغور في الغرب، وتعتبر صلة الوصل ومحطة رئيسية لقوات الأسد بين محافظتي اللاذقية وإدلب.

وكان الجيش الحر سيطر عليها سابقًا لفترة قصيرة في العام 2013، لكنّ الأسد ردّ حينها بإلقاء عشرات الحاويات المتفجرة على أحيائها، ما أجبر سكانها البالغ عددهم قرابة 50 ألفًا على النزوح.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة