شهر على “سوتشي”.. اللاعبون المحليون يتصارعون والإقليميون يثبتون وجودهم شرق الفرات

camera iconعناصر من الجيش الوطني في طريقهم إلى محيط تل أبيض الحدودية - 11 من تشرين الأول 2019 (رويترز)

tag icon ع ع ع

مرّ شهر كامل على توقيع الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، اتفاقية سوتشي، التي أنهت القتال في منطقة شرق الفرات، بين القوات التركية و”الجيش الوطني” السوري من جهة و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي تشكل “وحدات حماية الشعب” الكردية عمودها الفقري، من جهة ثانية.

في 22 من  تشرين الأول الماضي، توقفت جميع المعارك، في شمال شرقي سوريا لأيام قليلة، لكنها ما لبثت أن عادت بعد أيام على شكل معارك كر وفر في منطقتين أساسيتين.

تمتاز المنطقة الأولى بعقدة مواصلات مهمة وهي تل تمر بريف الحسكة، والمنطقة الثانية، عين عيسى بريف الرقة، وتشكلان هدفًا مهمًا للمتصارعين عليهما، لقربهما من الطريق الدولي “M4”.

لكن المعارك المستمرة في هاتين المنطقتين، حتى اليوم، لا تتمتع بالزخم الإعلامي من قبل القوى المحلية المتقاتلة (“الجيش الوطني السوري” وقوات النظام السوري و”قسد”)، كما كان عليه الحال خلال أحداث معركة “نبع السلام”، وقبل توقفها، عقب ساعات طويلة من المحادثات بين بوتين وأردوغان في سوتشي الروسية، في 22 من تشرين الأول الماضي.

معارك مستمرة

تشهد منطقتا عين عيسى بريف الرقة وتل تمر بريف محافظة الحسكة، منذ قرابة شهر، معارك متواصلة بين “الجيش الوطني” السوري بدعم تركي من جهة و”قسد” وقوات النظام السوري من جهة أخرى.

إلا أن المعارك في منطقة تل تمر تأخذ زخمًا أكبر من جارتها عين عيسى، وتشير حدة المعارك في تل تمر إلى أهمية المنطقة المتربعة على الطريق الدولي “M4″، حيث تمثل السيطرة عليها من قبل المتصارعين، مكسبًا مهمًا على عدة أصعدة.

تقع تل تمر، شمال غربي الحسكة، في أقصى شمال شرقي سوريا، وتتبع لها 133 قرية، وتبعد 40 كيلومترًا عن مدينة الحسكة و35 كيلومترًا عن مدينة رأس العين، كما تبعد عن الشريط الحدودي مع تركيا قرابة 64 كيلومترًا، وتقطن فيها أغلبية من المسيحيين الآشوريين.

وتمتلك تل تمر أيضًا، شبكة مهمة من الطرق أهمها الطريق الدولي “M4” الذي يصل مدينة حلب بالحدود العراقية عند معبر “ربيعة”، مرورًا بمحافظتي الرقة والحسكة، إضافة إلى طرق محلية تربطها بمناطق حدودية مهمة مثل نصيبين وعامودا والدرباسية.

وخلال الأيام الماضية، تواصلت المعارك بين “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا من جهة والنظام السوري و”الوحدات” من جهة أخرى، حيث تحاول جميع الأطراف توسيع رقعة سيطرتها في تلك المنطقة.

وأوضح الناطق باسم “الجيش الوطني” السوري، الرائد يوسف حمود، في حديث سابق، لعنب بلدي، أنهم يخوضون معارك شمال تل تمر في ريف رأس العين الجنوبي، عند المناطق والقرى القريبة من الطريق الدولي “M4”.

ولفت إلى أنهم سيواصلون العمل العسكري في جميع القرى شمال تل تمر في ريف رأس العين الجنوبي، حتى يتم إخراج النظام السوري و”قسد” منها بشكل نهائي.

وأكد حمود، أن قوات مشتركة من النظام السوري و”قسد”، توجد في مركز مدينة تل تمر.

وعلى مدار الأيام الماضية وصلت تعزيزات عسكرية لقوات النظام السوري المنتشرة في ريف تل تمر.

وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)،في 9 من تشرين الثاني الحالي، إن التعزيزات وصلت إلى منطقة باب الخير في ناحية أبو راسين، والفيصلية والمناخ والمحمودية، على محور تل تمر- رأس العين.

أما في عين عيسى بريف الرقة الشمالي، فيواصل “الجيش الوطني” معاركه ضد قوات النظام و”قسد” لكن بزخم أقل من نظيرتها تل تمر.

وقبل أيام، سيطر “الجيش الوطني” على قرية الخفية، في محيط عين عيسى، بعد معارك دامت لساعات.

كما أعلن “الجيش الوطني” عبر معرفاته الرسمية، في 7 من تشرين الثاني الحالي، سيطرته على قريتي شرقراق وبير عيسى على محور مدينة عين عيسى، بعد طرد قوات “قسد” من تلك القرى.

تتخذ “قسد” من منطقة عين عيسى، التي تبعد عن مدينة الرقة قرابة 55 كيلومترًا، ويمر من وسطها الطريق الدولي “M4″، مركزًا لتجمع قواتها.

كما سمحت “قسد” لقوات النظام بالتمركز في عدة مناطق على أطرافها، وذلك عقب اتفاق جرى بين الطرفين، في 13 من تشرين الأول الماضي، أتاح لقوات النظام السوري التمدد في مناطق “الإدارة الذاتية” التي تتبع لها “قسد” بحجة صد محاولات تقدم الجيش التركي في شرق الفرات.

 

 إعادة تموضع وشغل فراغ

في موازاة المعارك الدائرة في تل تمر وعين عيسى، شرعت القوات الأمريكية مطلع الشهر الحالي، في إعادة تموضعها قرب حقول النفط والغاز، في محافظتي الحسكة ودير الزور، منعًا لوصول النظام السوري وتنظيم “الدولة الإسلامية” إليها، وفق تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المتكررة في هذا السياق.

وباتت القوات الأمريكية تتموضع في مناطق معينة، في شرق الفرات، رغم قرار انسحابها من سوريا، وقال وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، في وقت سابق، إن “الولايات المتحدة ستبقي على وجود مخفض في سوريا لمنع وصول الدولة الإسلامية لإيرادات النفط“، بحسب وكالة “رويترز”.

واعترضت روسيا على إبقاء قوات أمريكية في مناطق شرق الفرات بحجة حماية مصادر النفط، متهمة واشنطن بتهريب النفط إلى خارج سوريا، وفق تصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، الجنرال إيغور كوناشينكوف.

وأمام مشهد انسحاب واشنطن من قواعد لها شرق الفرات، عملت موسكو، على شغل الفراغ الأمريكي في تلك المناطق ونشرت قواتها هناك، في خطوة لتوسيع سيطرتها على حساب الوجود الأمريكي والتركي في المنطقة.

ونشرت وسائل إعلام روسية تسجيلًا مصورًا، في 15 من تشرين الثاني الحالي، يظهر إنزالًا جويًا للقوات الروسية في قاعدة صرين الجوية بمنطقة متراس بمدينة عين العرب، بريف حلب، بعد أيام على انسحاب القوات الأمريكية منها.

ونقلت وكالة “نوفوستي” الروسية عن مسؤول في الشرطة العسكرية الروسية، أن وحدات عسكرية انتشرت في مطار صرين وقاعدته العسكرية التي أقامتها القوات الأمريكية بالقرب منه، في خطوة لحمايته والانتشار في المطار، بدلًا من القوات الأمريكية.

تسيير دوريات

وفي ظل إعادة التموضع الأمريكي وهرولة موسكو لشغل الفراغ الذي تركته واشنطن، تشهد الحدود السورية- التركية في مناطق الشمال الشرقي، تسيير دوريات روسية- تركية مشتركة.

وسيّرت تركيا وروسيا، حتى الآن، ثماني دوريات مشتركة على الحدود السورية- التركية، وتمثل هذه الدوريات، أحد بنود الاتفاقية بين بوتين وأردوغان الموقعة بمدينة سوتشي، في 22 من تشرين الأول الماضي.

وتسعى تركيا من هذه الدوريات إلى تثبيت نفوذها أكثر في منطقة شرق الفرات، وخاصة في المناطق التي لم تسيطر عليها خلال عملية “نبع السلام” والمتمثلة في مدينتي رأس العين بريف الحسكة وتل أبيض بريف الرقة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة