مؤشر العبودية.. سوريا الأولى عربيًا والرابعة عالميًا

tag icon ع ع ع

منصور العمري

تحتفي الأمم المتحدة في 2 من كانون الأول/ديسمبر من كل عام بـ “اليوم الدولي لإلغاء الرق” وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية “حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير” عام 1949.

التعريف التقليدي للرق أو العبودية هو امتلاك إنسان لإنسان آخر، ليطلق على المالك السيد وعلى المملوك العبد.

يحظر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الرق بجميع أشكاله: “لا يجوز استرقاقُ أحد أو استعبادُه، ويُحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما”.

إلا أن أشكال العبودية والرق في وقتنا الحالي مختلفة، وتشمل اليوم الاتجار بالأشخاص والاستغلال الجنسي وأسوأ أشكال عمل الأطفال والزواج القسري والتجنيد القسري للأطفال لاستخدامهم في النزاعات المسلحة، والمعاملة المسيئة لعاملات المنازل في دول الخليج ولبنان مثلًا، بحرمانهن من الإجازات والاحتفاظ بجوازات سفرهن، وعدم توفير شروط العمل الملائمة.

أما في سوريا فتمارس هذه الجرائم عدة أطراف، وجميعها تسهم في تصدّر سوريا مؤشر العبودية العالمي. أصبحت بعض هذه الممارسات عرفًا في المجتمع، مثل إجبار الفتيات على الزواج، وبعضها تدفع إليه الأوضاع في سوريا، كتصاعد عمالة الأطفال المسيئة واستغلال الفتيات في الدعارة، وبعض منها يُمارَس رغم معرفة الجميع بأنها جرائم، مثل إجبار المعتقلين على العمل، وتجنيد الأطفال للقتال. كما أن الشكل السيئ للتجنيد الإجباري حتى للبالغين، كطبيعة الخدمة العسكرية لدى جيش الأسد، يجب أن يدرج في إطار استرقاق واستعباد الشباب.

يصنف “مؤشر الرق العالمي” دول العالم حسب ظروف العبودية، ويعرّف العبودية الحديثة بأنها: “حالات الاستغلال التي لا يمكن للشخص أن يرفضها أو يتخلص منها بسبب التهديدات أو العنف أو الإكراه أو إساءة استخدام السلطة أو الخداع”.

في نسخة عام 2018 من تصنيف المؤشر العالمي للعبودية حلّت سوريا الأولى عربيًا من حيث تقدير انتشار العبودية، بمعدل 7.3 من بين كل ألف شخص، تلتها العراق بمعدل 4.8. أما عالميًا فحلّت سوريا في المرتبة الرابعة من بين 167 دولة، بعد جمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان وأفغانستان على التوالي.

اعتمد المؤشر في نتائجه على معايير أساسية هي: قضايا الحوكمة، ونقص الاحتياجات الأساسية، وعدم المساواة، والمجموعات المحرومة، وآثار الصراع.

يذكر المؤشر أن العبودية الحديثة جريمة خفية تؤثر على كل بلد في العالم، وأن العبودية تنتشر في عديد من الصناعات، بما في ذلك صناعة الملابس والتعدين والزراعة، وفي العديد من السياقات، من المنازل الخاصة كظروف عاملات المنازل، إلى مخيمات المشردين داخليًا واللاجئين. العبودية الحديثة تؤثر علينا جميعًا، وتنتج بعض الطعام الذي نستهلكه والبضائع التي نشتريها. يتحمل الجميع مسؤولية معالجة هذه الجريمة والقضاء عليها في كل مكان تقع فيه.

التزمت كل دول العالم تقريبًا بالقضاء على العبودية الحديثة من خلال تشريعاتها وسياساتها الوطنية، وللحكومات دور محوري تلعبه عن طريق سن التشريعات، وتوفير شبكات الأمان لسكانها، وملاحقة المجرمين الذين يشاركون في هذه الجريمة البشعة، ونظرًا لعدم تمكن أي جهة فاعلة لوحدها من مواجهة جميع هذه التحديات، تحتاج الحكومات إلى دعم ومشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني والمجتمع ككل.

أتى إلغاء الرق التقليدي ومنعه مع تطور الفكر الإنساني بعد قرون من استعباد واضطهاد البشر، رغم أن داعش أعادته من خلال استعبادها الإيزيديات وتجارتها بهن وبغيرهن من البنات والأطفال الذكور. اليوم، لا يجب أن ننتظر قرونًا أخرى لمنع وإلغاء الأشكال المعاصرة للعبودية، بل يجب نشر الوعي بها ومحاربتها مجتمعيًا وعلى صعيد الحكومات والقوى المسيطرة في سوريا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة