الموزاييك.. فن حر يمثل الأديان في إدلب

camera iconورشة لصناعة الفشيفشاء في بلدة الفطيرة بريف إدلب - 7 كانون الأول 2019 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – إدلب

تنتشر على أرضية مشغل “أبو المجد”، في شمالي إدلب، لوحات الفسيفساء المنوعة، من أشكال هندسية ونباتية ورسوم دينية وثقافية، لا يعيق خيالها وإتقانها إلا هموم الحرب ومعاناة الفنان في أراضي النزوح والخطر.

يجلس حسان الفارس، واضعًا عكازه بالقرب منه، ليعمل على نقل ملامح الصورة المطلوبة من الزبون إلى لوحته الفنية المصنوعة من أحجار الرخام.

“العمل على قد الصحة” يقول حسان لعنب بلدي، مشيرًا إلى قدمه المبتورة جراء إصابة الحرب، وهو يتحدث عما يتطلبه عمله من “فن وإحساس ودقة”، تعيقها “الضغوط” في محافظته التي تعاني من استهداف قوات النظام وروسيا، ومن أزمات اقتصادية خانقة جراء نقص الخدمات وارتفاع الأسعار.

عملت بعض بلدات ريف إدلب الجنوبي في حرفة الموزاييك ، منذ عام 1995، حسبما قال صاحب المشغل محمد قدور لعنب بلدي، شارحًا قدم الفن، الذي يعود لعهد الإمبراطورية الرومانية، وعراقته في المنطقة الغنية بآثاره ولوحاته.

لم يمنع النزوح محمد، ابن قرية “الفطيرة”، من متابعة عمله بفن الموزاييك والفسيفساء، بل عاود فتح ورشته مع قلة بأعداد العمال المهرة الذين تشتتوا في أنحاء إدلب بعد التهجير، واضعًا نصب عينيه تمثيل “تعايش الأديان والثقافات” في محافظته التي ما زالت تُرمى بـ”الإرهاب” منذ بداية النزاع السوري.

تنقل لوحات الفسيفساء “رسالة إنسانية”، فهي لا تفرق بين أديان وأعراق، وتمثل سوريا وإدلب كما كانت دومًا، دون أن تواجه من يمنعها أو يستهدفها لما تحمله من معانٍ ورسائل، على حد تعبير محمد.

توسعت صناعة اللوحات الفسفسائية، وبلغت ذورتها عام 2005، لتعتمد عليها أكثر من ألف عائلة، حسبما قال صاحب المشغل الذي ورث حرفته عن أبيه، معددًا الدول التي كانت تطلب اللوحات من لبنان والأردن وتركيا وبعض الدول الأوروبية، بالإضافة إلى العاصمة دمشق، قبل قطع المعابر البرية إليها.

لا فن للبال المشغول

وصلت بلدات إدلب إلى مرحلة الإبداع، وكانت تمارس عملها “بأريحية تامة” قبل بدء النزاع، ولكن ظروف الحرب ومصاعبه أثرت على الحالة النفسية للفنانين، الذين اضطروا للنزوح مرارًا وتكرارًا هربًا من القصف.

يحتاج العمل إلى “الهدوء وراحة البال”، حسب تعبير صاحب مشغل الموزاييك محمد قدور، ولكن تلك الراحة المبتغاة لم تكن آخر المصاعب لحرفته.

تفرض مشكلة تأمين الأحجار المناسبة للوحات خطرًا على صانعيها، الذين كانوا يحصلون عليها “ببساطة” من الجبال القريبة من بلداتهم الجنوبية، التي ما زالت تخضع لقصف مستمر منذ شباط الماضي.

كما تهدد مشاكل الشحن عبر المعابر أرباح تلك الحرفة بالنسبة لعمالها، مع اضطرارهم لدفع مبالغ “مرتفعة” لنقل بضائعهم إلى الزبائن حول العالم.

ولكن الطلب على لوحات إدلب مستمر، حسبما قال محمد، مع استمرار الزبائن بإرسال الصور التي يريدونها عبر “الواتساب” لتحول يدويًا بالصبر والدقة إلى لوحات حجرية تتحدى الزمن.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة