أربع رسائل لبوتين من “المحمية الروسية” في دمشق

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام السوري بشار الأسد في الجامع الأموي- 7 من كانون الثاني 2020 (رئاسة الجمهورية السورية)

camera iconالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام السوري بشار الأسد في الجامع الأموي- 7 من كانون الثاني 2020 (رئاسة الجمهورية السورية)

tag icon ع ع ع

حطت طائرة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تحت حماية الطائرات الحربية الروسية من طراز “SU” في مطار العاصمة دمشق عصر أمس، الثلاثاء 7 من كانون الثاني.

وتعتبر الزيارة الأولى لبوتين إلى دمشق منذ توليه الرئاسة، لكنها الثانية إلى سوريا بعد زيارته أواخر 2017 لقاعدة حميميم العسكرية في اللاذقية، واجتماعه برئيس النظام السوري، بشار الأسد، فيها.

زيارة بوتين المفاجئة إلى دمشق تأتي في ظل توتر تشهده المنطقة، وصل إلى حد التصعيد العسكري وخاصة بين إيران وأمريكا، وتحمل عدة رسائل أبرزها:

تكريس الهيمنة الروسية

لم تكن زيارة بوتين إلى سوريا وفق البروتوكولات المعمول بها بين زعماء الدول، من حيث مراسم الاستقبال وأماكن اللقاء، إذ التقى الرئيسان في مقر تجمّع القوات الروسية بدمشق.

وتظهر التسجيلات التي نشرتها “رئاسة الجمهورية السورية” وجود مسؤول سوري واحد فقط هو وزير الدفاع، علي عبد الله أيوب، في ظل حضور ضباط ومسؤولين روس كبار.

كما أظهرت التسجيلات زيارة بوتين والأسد للجامع الأموي والكنيسة الكاتدرائية المريمية وسط العاصمة دمشق، قبل مرافقة الأسد له إلى المطار وتوديعه دون مراسم رسمية.

وكرست الساعات القليلة التي قضاها بوتين في دمشق الهيمنة الروسية على سوريا ومسؤوليها، وأوصل بوتين رسالة بأن روسيا صاحبة التأثير الأكبر وصاحبة القرار النهائي بكل ما يتعلق بسياسة النظام السوري، خاصة أن اللقاء كان في قاعدة عسكرية روسية وليس في القصر الجمهوري الذي اعتاد الأسد استقبال الرؤساء فيه.

كما يظهر أحد التسجيلات بدء بوتين الحديث في اللقاء والترحيب، وليس الأسد على خلاف المعمول به، كما يظهر أيضًا عدم اهتمام بوتين بحديث الأسد الذي وجهه إلى العسكريين الروس الذين يقاتلون في سوريا، إذ لم يمكن يضع آلة الترجمة الفورية.

وفي استطلاع للرأي نشرته عنب بلدي عبر صفحتها في “فيس بوك”، شارك فيه أكثر من 1400 متابع، أكد 80% من المشاركين أن الزيارة كرست الهيمنة الروسية على سوريا.

ودعمت موسكو الأسد ضد فصائل المعارضة السورية سياسيًا منذ بداية الثورة في المحافل الدولية، واستخدمت “الفيتو” 14 مرة في مجلس الأمن لعدم تمرير أي قرار ضد النظام.

كما دعمته عسكريًا منذ أيلول 2015، وأسهمت بشكل كبير بسيطرة قوات النظام على مناطق المعارضة عبر الدعم الجوي المقدم من قبلها، ما أدى إلى مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف وفق تقارير منظمات حقوقية محلية ودولية.

بوتين: سوريا آمنة

وحاول بوتين من زيارته إيصال رسالة بأن الحياة في سوريا آمنة، وبدأت تعود إلى طبيعتها، للدفع باتجاه الدخول في مفاوضات ملف إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين السوريين، وهو الملف الذي فشلت فيه روسيا سابقًا عندما حاولت إقناع الدول الأوروبية بأن الحرب في سوريا انتهت.

وتمثلت الرسالة بحديث بوتين عندما أعرب عن سروره برؤيته الحياة الطبيعية في طريقه من المطار إلى دمشق.

وقال بوتين، بحسب التسجيل الذي نشرته “رئاسة الجمهورية”، “رأيت السيارات والعربات ورأيت عودة الحياة السلمية والمطاعم والمحلات التي تعمل في طريقي”، مضيفًا “أمامنا عمل كبير لاستئناف الاقتصاد السوري”.

كما تمثل ذلك أيضًا بتجول بوتين في دمشق وزيارته إلى الجامع الأموي والكنيسة الكاتدرائية المريمية، في نهاية سوق الحميدية وسط العاصمة دمشق، وهي منطقة تعتبر من أكثر المناطق ازدحامًا في دمشق.

وترفض الدول الأوروبية الخوض في مفاوضات عودة اللاجئين السوريين والدخول في ملف إعادة الإعمار دون التوصل إلى حل سياسي بتوافق الطرفين.

وكانت تقرير داخلي لوزارة الخارجية الألمانية أكد في كانون الأول 2019، نشرته وكالة “DW” أن “تقديرات الحكومة الاتحادية تشير إلى أنه لا توجد في سوريا حتى اليوم منطقة يمكن للاجئين العائدين أن يشعروا فيها بالأمان”.

وجاء في التقرير أن “العائدين، ولا سيما المعروف عنهم أنهم معارضون أو مناوئون للنظام أو الذين يُنْظَر إليهم باعتبار أنهم كذلك، يتعرضون للقمع أو تهديد حياتهم بشكل مباشر”.

رسالة إلى تركيا

ومن دلالات الزيارة إيصال رسالة إلى تركيا، خاصة أن لقاء بوتين والأسد في دمشق جاء قبل لقائه بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في اسطنبول، اليوم، لتدشين مشروع “السيل التركي” لضخ الغاز الروسي إلى تركيا.

وحاول بوتين التأكيد بأن الأسد هو الرئيس الشرعي لسوريا، كورقة قوة قبل التفاوض مع أردوغان على منطقة إدلب في الشمال السوري، التي تتعرض إلى حملة عسكرية من قوات النظام مدعومة من الطيران الحربي الروسي.

وتخضع مدينة إدلب إلى اتفاق “سوتشي” المتفق عليه بين بوتين وأردوغان في أيلول 2018، لكن قوات النظام وروسيا خرقا الاتفاق وسيطرا على مناطق كانت من ضمن “سوتشي”.

وتحاول روسيا وتركيا التوصل إلى اتفاق جديد وفق التحركات العسكرية على الأرض في الوقت الحالي.

كما تشير زيارة بوتين إلى الجامع الأموي برسالة إلى أردوغان، الذي قال في 2012 إن صلاته في الجامع الأموي في دمشق وزيارته لقبر صلاح الدين باتت قريبة، في حين أراد بوتين التأكيد أنه هو من وصل إلى الجامع الأموي وأصبح المتحكم الفعلي في سوريا.

في المقابل، ردت تركيا بشكل غير مباشر على زيارة بوتين إلى سوريا، بالتأكيد على عدم اعتراف أنقرة بالنظام السوري.

وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، أمس، إن موقف تركيا من نظام بشار الأسد واضح، مشيرًا إلى أن “الأسد فقد صفة القائد الذي سينقل سوريا إلى مستقبل ديمقراطي وتعددي يسوده السلام”.

ما بعد اغتيال سليماني

وتزامنت الزيارة مع ما تشهده المنطقة من توتر على الصعيد العسكري بعد مقتل قائد “فيلق القدس” الإيراني، قاسم سليماني، بقصف أمريكي، الخميس الماضي في العراق.

وتبعت اغتيال سليماني تهديدات إيرانية “برد قاسٍ”، إذ قصفت اليوم قاعدة “عين الأسد” الأمريكية في العراق بعشرات الصواريخ، وسط تخوف من جر المنطقة إلى حرب شاملة.

وحاول بوتين من خلال زيارته إخراج سوريا من دائرة الصراع بين إيران وأمريكا وعدم استخدامها ذراعًا للرد الإيراني، خاصة أن النظام السوري يعتبر من محور المقاومة إلى جانب “حزب الله” اللبناني.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة