مشاكل قانونية واقتصادية تدفع بسوريين في تركيا للهجرة إلى أوروبا

camera iconسوريون يقطعون البحر وصولًا إلى اليونان (AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- أويس عقاد

“عشت في تركيا وعملت في مجال الديكور لخمس سنوات، لكني فضلت مغادرتها بسبب القرارات الأخيرة في اسطنبول”، يقول علاء (24 عامًا)، بعد أن وصل إلى اليونان برًا من تركيا.

تحدثت عنب بلدي عن طريق الهاتف مع علاء (الذي تحفظ على نشر اسمه الكامل)، بعدما تواصلت معه عبر إحدى مجموعات “فيس بوك” التي يتداول عبرها الراغبون بالهجرة إلى أوروبا من تركيا ثم اليونان، المعلومات عن الرحلة.

ينوي علاء الذي ما زال عالقًا في اليونان منذ 25 من كانون الأول 2019، الوصول إلى إحدى دول غربي أوروبا، لكن الأمور لا تسير بسلاسة، إذ لا يزال أمامه الطريق من اليونان إلى غربي أوروبا.

ورغم متاعبها وتكاليفها ومخاطرها، يرى علاء في رحلته إلى أوروبا منجاة، بعد أن شعر بالتضييق في مدينة اسطنبول حيث كان يعمل، إثر القرارات التركية القاضية بترحيل حمَلة بطاقات الحماية المؤقتة من ولايات إلى أخرى، إلى ولاياتهم، منذ تموز 2019، على اعتبار أن بطاقته أصدرها من ولاية كلّس جنوبي تركيا.

ونتيجة تلك الإجراءات، بلغ عدد اللاجئين الواصلين إلى اليونان، منذ بداية عام 2019 حتى 10 من تشرين الثاني من العام نفسه، أكثر من 74 ألف مهاجر إلى غربي أوروبا، 59 ألفًا و457 منهم وصلوا عن طريق البحر، وما يقارب من 15 ألفًا عن طريق البر.

وللتحقق من زيادة عدد المهاجرين، تواصلت عنب بلدي مع أحد المهرّبين، الذين شاركوا إعلانات للهجرة عبر حساب “فيس بوك” شخصي، وأكد تسييره رحلات يومية من تركيا إلى اليونان، (ونتحفظ على نشر اسمه لأسباب تتعلق بسلامته).

وأوضح المهرّب أنه ينقل المهاجرين عن طريق نهر ميريج، قرب الحدود بين تركيا واليونان، وتبلغ تكلفة الرحلة نحو سالونيك اليونانية، 1100 يورو (1219 دولارًا) .

“البلم ولا باص دائرة الهجرة”

علم علاء، قبل خروجه من اسطنبول، أنه سيضطر إلى المخاطرة بركب القارب المطاطي “البلم”، إذ عبر بدايةً الحدود التركية من ولاية أدرنة شمال غربي تركيا مشيًا على الأقدام، وتمكن من تجاوز خطر ضبطه من حرس الحدود بسبب الضباب الكثيف.

“أسبوع من العناء قضيناه حتى وصلنا إلى ولاية سالونيك اليونانية”، يقول علاء، مؤكدًا أنه، ومن معه في مجموعة المهاجرين، استخدموا قاربًا مطاطيًا لقطع ممر مائي على الحدود بين البلدين.

علاء فضل المخاطرة بالقارب، بدلًا من اقتياده في أحد باصات دائرة الهجرة في اسطنبول، التي انتشرت صورها إثر حملات الترحيل من ولاية اسطنبول إلى الولايات الأخرى أو إلى شمالي سوريا، خلال الأشهر الماضية.

وأكد لاجئون سوريون مرحّلون من ولاياتهم التركية، لمنظمات حقوقية ووسائل إعلام، أنهم تعرضوا للضرب وأُجبروا على التوقيع على أوراق العودة “الطوعية” إلى سوريا.

وانتشرت بعد الإعلان عن الحملة مشاهد لسوريين معتقلين داخل الباصات وأيديهم مقيدة، وقال بعض المعتقلين إنهم ضُربوا وأُجبروا على توقيع وثائق، ورُحّل قسم منهم إلى محافظة إدلب.

ووصل عدد السوريين المرحلين من ولاية اسطنبول إلى الولايات التي استخرجوا منها بطاقة الحماية المؤقتة، إلى 97 ألفًا و255 مواطنًا سوريًا، بحسب والي مدينة اسطنبول، علي يرليكايا، في 4 من كانون الثاني الحالي.

شح الفرص يدفع للمغادرة

لم تقتصر أسباب هجرة السوريين من تركيا مؤخرًا على رغبتهم في تسوية أوضاعهم القانونية، إذ دفع شح الفرص بعض السوريين إلى اتباع “الحلم الأوروبي”.

الشاب بدير (تحفظ على نشر اسمه الكامل لأسباب أمنية) ينوي الانتقال من تركيا، حيث يدرس، إلى أوروبا، حيث يطمح بفرص أفضل للمعيشة.

اضطر بدير الذي يدرس الماجستير في إدارة الأعمال إلى العمل في فندق ومطعم، كما عمل في مجال زراعة الشعر، وتعلم اللغة التركية، على أمل إيجاد فرصة العمل المناسبة، أو الحصول على الجنسية التركية.

يقول بدير، “اليوم أنا مصمم بشكل تام على التوجه الى أوروبا ما لم أحصل على الجنسية التركية”، ويفسر ذلك بالقول، “في ألمانيا على سبيل المثال، سيتم منح المهاجر دعمًا ماليًا وتعليمًا للغة الألمانية، ويتم تأمين فرصة تدريبية لدمج المهاجر في سوق العمل، الحكومة هناك تفرض على الشركات تشغيل المهاجرين وتدعمهم”.

وأضاف الشاب مقارنًا وضع السوريين في تركيا وألمانيا، “هنا الوضع معقد قانونيًا، عندما تسافر يجب عليك استخراج إذن للسفر، ويجب عليك تحديث بياناتك بزيارة دائرة الهجرة مرارًا، والمستقبل غير مضمون، ولا قانون يضمن لك حق الحصول على الجنسية، أما في ألمانيا فحصولك على الجنسية مضمون بعد الإقامة لفترة محددة”.

وترتبط مشاكل العمل لدى جزء من السوريين بمشاكل قانونية، إذ لا يحصل أغلب السوريين الموجودين في تركيا على أذون عمل، خلال عملهم في مؤسسات سورية أو عربية أو تركية، لأسباب تتعلق بعدم اكتمال أوراقهم القانونية، أو تقاعس الجهات المشغلة، ما يشكل بيئة عمل منفرة للسوريين، على اعتبار أن حقوقهم ليست مضمونة.

الشاب بدير لم يقرر حتى الآن الطريقة التي سيصل فيها إلى أوروبا، لكنها غالبًا ستكون مشابهة لطريقة علاء، التي لا تكلف كثيرًا مقارنة بالهجرة عن طريق البحر، بواسطة قوارب مطاطية أو يخوت، وعلى الرغم من خطورة الطريقتين، لكنهما قد تفضيان، وفق الشابين، إلى حياة أفضل.

 



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة