مهزلة العقل البشري.. علي الوردي ينتقد منطق العضلات المفتولة

tag icon ع ع ع

لم يكتب علي الوردي فصول كتابه “مهزلة العقل البشري” بموضوع واحد، بل تتكون الفصول من مقالات بقضايا متفرقة كتبها بفترات زمنية مختلفة، تحت تأثير الضجة الجماهيرية التي عارضت كتابه الأول “وعاظ السلاطين” عام 1954.

يبدأ الوردي “مهزلة العقل البشري” بهذه الكلمات، “لست أريد أن يرضى عني جميع الناس، فرضا الناس غاية لا تنال… حسبي أن أفتح الباب للقراء لكي يبحثوا ويتناقشوا، والحقيقة هي في الواقع بنت البحث والمناقشة”.

انطلق الكتاب المكون من 12 فصلًا من مبدأ مضمونه، بحسب الكاتب، أن المفاهيم الجديدة التي يؤمن بها المنطق الحديث هي مفاهيم الحركة والتطور، فكل شيء في هذا الكون يتطور من حال إلى حال، ولا رادع لتطوره.

يبحث الكاتب في مواضيع اجتماعية لفهم الطبيعة البشرية، من خلال منطق علم الاجتماع، وأخذ مجتمع قريش نموذجًا، وعلاقته بالمفاهيم الدينية بعد انتشار الإسلام.

يقول الوردي في كتابه، “ينبغي أن نفهم أن التجديد في الفكر لا يعني التشدق بالمصطلحات الحديثة، إنه بالأحرى تغير عام في المقاييس الذهنية التي يجري عليها المرء في تفكيره”.

يحاول الكاتب العراقي انتقاد الأشخاص الذي أسماهم “الطَّوبَائيين” من أصحاب البرج العاجي، الرافضين لأي تغيير فكري يُطرح على المجتمع، أولئك الذين يعتقدون أنه يمكن للسيف والعضلات المفتولة الوقوف في وجه الرشاش والمدفع، بحسب تعبير الوردي.

يناقش الكتاب، “منطق المتعصبين” الذين لا يواكبون عصرهم، وما زالوا مقتنعين بأن يمارسوا حياتهم ويناقشوا الآخرين بمدح أنفسهم وينسبوا إليها كل فضيلة من الفضائل التي كان الناس يتفاخرون بها في الماضي، رافضين انتقاد منطقهم أو إصلاحه ليساير التطور العلمي والفكري.

تحدث الكاتب في فصوله عن المدنية التي تعبر عن الحركة الاجتماعية، التي تدفع الإنسان نحو المجهول، وتفقده الطمأنينة والراحة، اللتين كان الإنسان يتنعم بهما في الماضي، فالإنسان أمامه طريقان متعاكسان، ولا بد أن يسير في أحدهما: طريق الطمأنينة والركود، أو طريق القلق والتطور.

وينتقل الكاتب ليناقش أيضًا فكرة “التعاون والتنازع البشري وأسبابه”، التي لا يستطيع الإنسان التخلص منها، إنما يتحول من صورة إلى أخرى، لصراع متواصل بين المصالح الخاصة، وأن عيب المدينة الفاضلة، بحسب الكاتب، هو أنها مثالية وغير واقعية وسط هذا الصراع والتنافس.

علي الوردي هو عالم اجتماع ومؤرخ عراقي، من مواليد بغداد، عام 1913، اشتهر بتبنيه الفكر الحديث في وقته، لتحليل الواقع الاجتماعي العراقي والعربي، وهو من رواد العلمانية في العراق.

أصدر كتابه “مهزلة العقل البشري” في طبعته الأولى عام 1959، وفي طبعته الثانية عام 1994، ولقبت عائلته “بالوردي”، نسبة إلى جده الأكبر الذي كان يعمل في صناعة تقطير ماء الورد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة