هل يملك القدرة على العودة؟

تنظيم “الدولة” يحقق مكاسب في سوريا دون سيطرة جغرافية

camera iconمقاتلين من تنظيم "الدولة الإسلامية" خلال المعارك بالقرب من الحدود السورية العراقية - 2014 (رويترز)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – علي درويش

لا يكاد يبتعد شبح تنظيم “الدولة الإسلامية” في الأوساط الإعلامية، حتى يعود عبر عدة عمليات جديدة، بمفخخات واستهداف عناصر وقطع طرقات لمختلف القوى العسكرية المتوزعة على الأراضي السورية.

نشرت وكالة “أعماق” التابعة للتنظيم، في 23 من كانون الثاني الحالي، إحصاء لعملياته التي بلغت 16 عملية خلال أسبوع (بين 16 و22 من كانون الثاني الحالي) على الأراضي السورية، واستهدفت مواقع وعناصر وضباطًا من قوات النظام السوري و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

وتركزت الهجمات في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، وأسفرت عن مقتل 58 عنصرًا من النظام و”قسد” بينهم ضباط وقياديون. وكان نصيب محافظة دير الزور من الهجمات 11 عملية، في حين شهدت محافظة الرقة ثلاث عمليات، ومحافظة الحسكة عمليتين، إضافة إلى 15 عملية في العراق، حسب بيان “التنظيم”.

استمرارية إعلامية

أوضح مدير وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات، نوار شعبان، في حديث إلى عنب بلدي، أن التنظيم عمل جاهدًا على استمراريته العسكرية، عبر عمليات الاغتيال والاستهدافات المتعددة، كما نشط بشكل كبير في إصدار البيانات، وكان سباقًا في تبني أي عملية لعدة أهداف، وذلك منذ اللحظة التي خسر فيها جميع المناطق الجغرافية التي كان يسيطر عليها في سوريا.

وتركزت أهداف التنظيم بالإعلان المتكرر عن العمليات، وتبني عمليات ربما لا يكون مسؤولًا عنها، خاصة في مناطق سيطرة “قسد”، بتوجيه خطاب لحاضنته الشعبية بشكل مستمر، بالإضافة إلى رسائل تهديد لخصومه عبر البيانات، ونوع من أنواع زرع الترهيب في نفوس الآخرين، والاستفادة من الغنائم.

ووصل عدد العمليات التي اعترف أو اتُهم بها التنظيم ضد “قسد” والنظام في محافظات دير الزور والرقة وحمص والحسكة خلال أول أسبوعين من كانون الثاني الحالي، إلى أكثر من عشر عمليات.

وساعد الوضع الأمني في سوريا والعراق اللتين تتعرضان “لهزة أمنية” حسب شعبان، بتهيئة الجو المناسب للتنظيم كي ينشط.

هل يمكن للتنظيم السيطرة على مناطق جديدة؟

تبنى التنظيم حاليًا وبعد سقوط آخر معاقله في ناحية هجين التابعة لمدينة البوكمال، في آذار 2019، أسلوب الاستهداف السريع وضرب المواقع خلف خطوط دفاع العدو، لأنه لا قدرة لديه للسيطرة على مناطق جديدة كالسابق.

وهذا الأسلوب أفضل له من الناحية الاستراتيجية في هذه المرحلة، لأن استهدافه يصعب من قبل الأطراف الأخرى، بحسب ما ذكره شعبان لعنب بلدي.

وبعد كل عملية يوصل رسالة إيجابية لحاضنته في جميع أنحاء العالم (لأنه يعبر عن نفسه كتنظيم لا تفصله الجغرافيا)، ونلاحظ انتشار بياناته بعدة لغات، لتحقيق الهدف الاستراتيجي سواء كانت العملية صغيرة أو كبيرة، وربما يسيطر على موقع لساعات أو ليوم ثم ينسحب.

لكن ليس للتنظيم قدرة السيطرة على الأراضي حاليًا، ولا يبحث عن ذلك، لأنه يبتعد عن العمل بشكل عشوائي، إنما يعتمد آلية واضحة في جميع الدول، وليس في سوريا فقط، مع اختلاف الأهداف وقيمتها.

الوضع الأمني في سوريا والعراق هش جدًا لأنه يتعرض “لهزة أمنية”، وبالتالي سيزيد التنظيم من نشاطه العسكري، حسب شعبان، كما أن الأجواء الاجتماعية والسياسية والعسكرية والأمنية تهيئ لعودة خلايا التنظيم وليس السيطرة.

وتُظهر المؤشرات أن التنظيم في أضعف حالاته، وليست له رقعة جغرافية مسيطر عليها، لكنه قادر على القيام بعمليات استهداف تجمعات، وأرتال، وعطب آليات، والسيطرة على غنائم، حسب شعبان، الذي تساءل عن كيفية محاربة أو شن عمل عسكري على تشكيل لا تعرف أين هو، فهذا الأمر صعب لوجستيًا.

وحذرت “الإدارة الذاتية” العاملة في مناطق شمال شرقي سوريا من عودة تنظيم “الدولة”، بحسب بيان صادر عن الإدارة، في 7 من كانون الثاني الحالي، دعت فيه إلى إنشاء محكمة دولية لمحاكمة مقاتلي التنظيم المعتقلين في سجونها.

ويبلغ عدد مقاتلي التنظيم أكثر من عشرة آلاف مقاتل، بحسب البيان، إضافة إلى عشرات الآلاف من عوائلهم من أكثر من 50 دولة.

واعتبر البيان أن “إجراء محكمة دولية في مناطق الإدارة في ظل توفر الدلائل والشهود والضحايا يجب أن يتم، ولا بد من أن يكون هناك تعاون دولي في هذا الملف كونه من مسؤولية كل العالم”.

وفي المقابل، قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، إن بلاده لم تلحظ تصاعدًا بأنشطة تنظيم “الدولة” في سوريا والعراق، خلال مؤتمر صحفي عقده، في 23 من كانون الثاني الحالي.

بينما حذر القيادي الثاني في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة”، الجنرال الأمريكي أليكسوس غرينكويتش، من إمكانية عودة التنظيم في حال انسحاب القوات الأمريكية من العراق، مشيرًا إلى أن لدى التنظيم القدرة على الظهور من جديد في حال زال الضغط عنه لوقت طويل.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة