قيود على حرية الرأي والتعبير في مناطق النفوذ التركي في سوريا

camera iconدورية تركية على أوتوستراد دمشق- حلب في طريقها إلى سراقب بريف إدلب - 8 آذار 2019 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – تيم الحاج

تراجعت نسبة حرية الرأي في مناطق تسيطر عليها فصائل سورية مدعومة من القوات التركية في ريف حلب، بسبب ممارسات بعض تلك الفصائل بحق المدنيين، وفق روايات لناشطين قابلتهم عنب بلدي، إضافة إلى ما وثقته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” التي ترصد الانتهاكات في سوريا.

انعكست انتهاكات الفصائل على موقف شريحة عريضة من المدنيين الذين يسكنون تلك المناطق، إذا أصبحوا حذرين في إبداء آرائهم، سواء في حساباتهم الشخصية على شبكة الإنترنت، أو في استطلاعات الشارع التي تجريها مؤسسات صحفية في ريف حلب، من بينها عنب بلدي، والتي تسلط الضوء على وضع الخدمات والجانب الأمني.

تغريدات تنتقد تركيا

من أبرز القصص التي تعرّض أصحابها للاعتقال في ريف حلب، حكاية طبيب الجراحة العظمية محمود السايح، الذي انتقد عبر حسابه في “تويتر” مطلع عام 2018، سياسة تركيا في مناطق نفوذها بسوريا.

تواصلت عنب بلدي مع السايح للحديث عن تفاصيل قصته مع الاعتقال لدى أحد الفصائل العاملة بمدينة الباب، إلا أنّه فضّل عدم الحديث في الوقت الحالي، لأسباب تتعلق بسلامته، إذ إنه ما زال يواجه ملاحقات أمنية من أجهزة المخابرات العاملة في ريف حلب، وفق قوله.

وتتلخص قصته، وفق تغطيات سابقة لعنب بلدي، أنه في 27 من نيسان 2018، أقدمت الكتيبة الأمنية التابعة لفرقة “الحمزات” التابعة لـ”الجيش الوطني” السوري على اعتقاله في مدينة الباب بريف حلب، بسبب انتقاده تصرفات الفصائل والحكومة التركية.

وبعد اعتقاله، أطلق ناشطون وإعلاميون سوريون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بالإفراج عن السايح، وتندد بممارسات فرقة “الحمزات”.

وبحسب الإعلامي السوري موسى العمر، فإن سبب اعتقال السايح هو مجموعة تغريدات، انتقد فيها السياسة التركية، وفقًا لضبط التحقيق الذي عرضه العمر في 27 من نيسان 2018، عبر حسابه في “تويتر“.

وأظهر محضر التحقيق أسئلة وُجهت للسايح وأجوبته، وكُتبت فيه جميع التغريدات التي نشرها عبر حسابه في “تويتر” ينتقذ فيها السياسة التركية، إضافة إلى تهم وصفها العمر بـ”الدعشنة”.

واعتبر حينها، المعارض السوري بسام جعارة، التهم الموجهة للطبيب السايح بـ”السخيفة والقذرة”، وشبه تصرفات فرقة “الحمزات” بتصرفات قوات النظام السوري.

وينحدر السايح، المولود في عام 1970، من مدينة الباب بريف حلب الشمالي، ونزح منها عقب سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” عليها، وانتقل إلى مدينة إدلب، حيث عمل فيها بمهنته كطبيب في مشفى ميداني، وخسر فيها 14 فردًا من عائلته، بينهم زوجته وأطفاله السبعة، في 15 من آذار 2017، وعاد بعدها ليعيش في مسقط رأسه.

وفي 13 من حزيران 2018، أفرجت الكتيبة الأمنية التابعة لفرقة “الحمزات” عن الطبيب محمود السايح، بعد شهر ونصف من اعتقاله في مدينة الباب بريف حلب.

وأفاد مراسل عنب بلدي في ريف حلب حينها، أن قيادة الشرطة في مدينة الباب أطلقت سراح السايح بعد أن تسلمته من فرقة “الحمزات”، التي اعتقلته بطريقة غير قانونية من منزله في الباب.

تصاريح عمل للناشطين

الناشط الإعلامي همام الزين الذي يعمل في مدينة الباب، روى لعنب بلدي تجربته مع الاعتقال، بسبب عمله.

وقال الزين، إنه تعرض للتوقيف عام 2017 في مخيم “زوغرة” الواقع على أطراف مدينة جرابلس بريف حلب، لأنه صوّر هناك دون حصوله على إذن مسبق من الفصائل.

وأوضح أن تركيا كانت تمنع التصوير داخل المخيم في ذلك الوقت.

وأضاف أنه لم يكن يمتلك بطاقة تعريفة، لافتًا إلى أنه أوقف لعدة ساعات عند أحد الفصائل (لم يسمه)، ريثما استطاع أن يعرّفهم عن نفسه، وطبيعة عمله.

وأشار الزين إلى أن الوضع بعد عام 2017 تحسن لجهة العاملين في الحقل الإعلامي بريف حلب، وتحديدًا بعد تشكيل “اتحاد الإعلاميين السوريين” الذي وصفه بـ”المظلة” التي تحمي وترعى الإعلاميين في ريف حلب.

وقال إن الاتحاد أصدر بطاقات تعريفية للإعلاميين لتسهيل عملهم، مشيرًا إلى أن البطاقات التعريفية مصدّقة من معظم المجالس المحلية وقوات الشرطة وبعض الفصائل بريف حلب، ما سهل العمل الإعلامي بشكل كبير، وفق تعبيره.

توثيق انتهاكات

بدورها، وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وجود انتهاكات في تقارير لها منذ آذار 2017، أي مع دخول الفصائل العسكرية السورية بدعم تركي إلى ريف حلب.

وأكد مدير الشبكة، فضل عبد الغني، لعنب بلدي، تدني مستوى الحريات في المناطق التي يوجد فيها نفوذ لتركيا بريف حلب.

ولفت إلى وجود حالات تعرضت للتهديد نتيجة التعبير عن الرأي وانتقاد ممارسات الفصائل.

وأشار إلى انتهاكات بحق ناشطين محليين، حيث تجري عليهم في بعض الأحيان سياسة تكميم الأفواه، مشيرًا إلى أن هذه الحالات ليست منهجية أو واسعة لكنها موجودة، وفق قوله.

ووفق عبد الغني، فإن هذه الممارسات تُصعّب عمل المنظمات الحقوقية التي ترصد الوقائع هناك، لأنها خلقت حالة خوف لدى الناس، تمنعهم من التعبير عن رأيهم.

قانون حقوق الإنسان

في هذا الإطار، قال عبد الغني إن تقارير الشبكة رصدت أيضًا عمليات سيطرة على الممتلكات وعمليات قمع وانتهاكات لـ”القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

وطالب بضرورة وجود قضاء لا يتبع لجهة عسكرية، وأن يكون القضاء مستقلًا ومشكلًا من الجهات المحلية، مؤكدًا أن القضاء المستقل سيحد من عمليات الاعتقال التعسفي وتكميم الأفواه.

وتنص المادة الأولى والثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتُمد في باريس في 10 من كانون الأول عام 1948، على أن جميع الناس أحرار ومتساوون في الكرامة والحقوق.

كما ينص على أن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدِّين، أو الرأي السياسي وغير السياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر.

وفضلًا عن ذلك، لا يجوز التمييز على أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلًا أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو خاضعًا لأي قيد آخر على سيادته.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة