من يمتلك الضوء الأخضر لبدء معركة إدلب

طفلان سوريان بجانب قوات تركية خلال إنشاء نقطة عسكرية جديدة للجيش التركي في بلدة ترمانين شمالي إدلب - 15 شباط 2020 (عنب بلدي)

camera iconطفلان سوريان بجانب قوات تركية خلال إنشاء نقطة عسكرية جديدة للجيش التركي في بلدة ترمانين شمالي إدلب - 15 شباط 2020 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عشرة أيام هي المدة المتبقية من المهلة التي أعطاها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لقوات النظام السوري كي تنسحب إلى حدود اتفاق “سوتشي” المتعلق بإدلب.

إلا أن تغير خريطة السيطرة على الأرض لصالح النظام بشكل متسارع مع تأكيد رئيسه بشار الأسد عدم الاكتراث لتهديدات أنقرة، يفتح المجال أمام سؤال حول ما الذي يقيد الجيش التركي في سوريا، وما إذا كان هناك ضوء أخضر ينتظره ليبدأ معركته.

أنقرة واشنطن وموسكو

واستبعد المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، في حديث إلى عنب بلدي، اليوم، الأربعاء 19 من شباط، أن تكون تركيا بحاجة ضوء أخضر لكي تشن هجومًا في إدلب، مبررًا ذلك بالإشارة إلى أن تضارب المصالح في إدلب لا يسمح بوجود ضوء أخضر لا لأمريكا ولا حتى من روسيا.

وأضاف أنه “من الخطأ بمكان قراءة التدخل العسكري التركي في سوريا على أنه مرتبط بضوء أخضر من أحد”، مشددًا على أن الأمر يتعلق بتوازنات القوى، وقال “الجميع يعرف حجم تركيا عسكريًا وخاصة أن مايجري في إدلب هو عند حدودها، ولذلك تركيا من الناحية اللوجستية هي أقوى، إضافة إلى أن أنقرة تنطلق من اندفاعها لوقف الفوضى التي تحدث في الشمال”.

سعد وفائي، وهو سياسي سوري مختص بالعلاقات الدولية، يتفق مع رضوان أوغلو، على عدم امتلاك أحد لضوء أخضر بخصوص معركة إدلب خاصة أمريكا وروسيا، موضحًا أن ساعة الصفر لبدء المعركة في إدلب بيد الأتراك، لأن الجغرافية والديمغرافية تخدمهم.

وقال وفائي لعنب بلدي، اليوم، إن تركيا قد تضغط لدى المجتمع الدولي للحصول على قرارات تخدمها في معركة إدلب، التي تريد أنقرة من خلالها إعادة التوازن على الأرض.

وتابع أن “روسيا مصممة على سيطرة قوات النظام السوري على كامل الأراضي السورية قبل انتخابات عام 2021، من أجل إعادة تأهيل بشار الأسد مجددًا”.

ولفت إلى أن التداخل الكبير الذي حصل في الملف الليبي، جعل خيارات روسيا في منطقة البحر المتوسط محصورة إلى حد كبير في سوريا، التي أصبحت تشكل حرجًا أكبر لروسيا، وفق قوله.

وبالنظر إلى التصريحات الأمريكية فإنه من الواضح عدم وجود رغبة لديها للتدخل في إدلب، وفق وفائي، الذي قال إن واشنطن تنتظر أن يختلف الروس والأتراك كي تحدد خياراتها بعد هذا الخلاف، في أن تدعم هذا الطرف أو تتفق مع هذا الطرف.

وأردف، “روسيا تمتلك بالأساس ورقة غض نظر الأمريكي لما يجري من مجازر بحق المدنيين، إضافة إلى تهجير مليون مدني واحتلال مدن بعد تدميرها، فولا هذه الورقة لما أصرت روسيا على ما تريده”.

هل يحدث صدام

منذ إطلاقه تهديده مطلع شباط الحالي، لا يفوت أردوغان مناسبة إلا ويجدد وعيده للنظام السوري، لكن التهديدات التي أطلقها، اليوم، الأربعاء 19 من شباط، تكاد تكون مختلفة لأنها تأتي بعد أربع جولات من اللقاءات التي جمعت وفودًا تركية وأخرى روسية في أنقرة وموسكو، ما يعني فشل الطرفان في التوصل لاتفاق حول إدلب.

وكانت مفاوضات جرت بين وفدي تركيا وروسيا في العاصمة الروسية على مدى اليوميين الماضيين، إلا أنها لم تسفر عن أي اتفاق.

ويرى المحلل السياسي حسن نيفي، في حديث إلى عنب بلدي، اليوم، أن النزاع الحاصل في إدلب هو شأن روسي تركي، مستبعدًا وجود طرف ثالث يمكن أن يتدخل في هذا الملف.

وبرر رأيه بالقول، “لو عدنا إلى عام 2013 لوجدنا أن أمريكا والأمم المتحدة والدول الغربية فوضت الروس تفويضًا كاملًا في سوريا، أي منذ قيام صفقة الكيماوي بين باراك أوباما وفلاديمير بوتين”.

وتابع أن ما جرى في سوريا من حروب وما قام به بوتين من مجازر بحق السوريين، كان على مرأى الجميع، مع تأكيد أمريكي في أكثر من مناسبة، على أنها لن تتدخل عسكريًا، مع العلم أن موقف واشنطن ليس بهذا الشكل من الناحية السياسية أي أنها لن تدع بوتين يستثمر ما حققه عسكريًا، بمعنى أن واشنطن لن ترضى بالحل السياسي لسوريا الذي ستعده موسكو، وفق نيفي.

ولفت إلى أن الطرفين الروسي والتركي لا يريدان أن الذهاب في التصعيد إلى الأمام، مشيرًا إلى أن كل منهما يتطلع لإيجاد انفراجة سياسية، لأن ما يجمعهما مصالح مشتركة هي خارج سوريا وليس فقط في إدلب، والنزاع على إدلب لا يعني القطيعة بين موسكو وأنقرة كما أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو.

اقرأ أيضًا: تهديدات أردوغان في سوريا.. سقف عالٍ قبل التفاهم مع روسيا

وأشار نيفي إلى وجود تحدٍ كبير بين الطرفين وهو الرهان على الأرض، وقال، “تركيا تريد أن ينسحب النظام من كل القرى والبلدات التي سيطر عليها مؤخرًا، ولم يسبق لنا أن رأينا النظام وروسيا يخرجان من مدن وبلدات دخلاها سابقًا، بل على العكس بوتين دائمًا مايروج لخطاب أن النظام من حقه استعادة كل شبر في سوريا، من جهة أخرى تركيا تواجه حرجًا شديدًا أمام شارعها الداخلي لأنه تم استهداف جنودها في سوريا وهي لا تريد أن تظهر هيبة الدولة التركية منكسرة وتسعى لرد اعتبارها”.

واعتبر نيفي، أنه إذا لم تقم روسيا بالضغط على النظام السوري كي يقدم شيء لتركيا في إدلب، فإن الحرب قادمة لا محالة.

في حين، استبعد المحلل فراس رضوان أوغلو وقوع صدام عسكري بين أنقرة وموسكو في حال بدأت الحرب في إدلب، مشيرًا إلى إمكانية قيام روسيا بتقديم دعم عسكري للميليشيات الإيرانية وقوات النظام.

وأوضح أن أقرب سيناريو ينتظر إدلب هو سيناريو معركة “نبع السلام”، وهو القيام بعملية عسكرية لكن ضمن حدود معينة لأن هذا سيرضي الجميع، وفق قوله.

من جهته، رأى السياسي سعد وفائي أن خسارة إدلب بالنسبة لتركيا تعني خسارتها لكل سوريا، والتي قد تؤثر عليها لعقود طويلة من الزمن. مشيرًا إلى إمكانية حدوث صدام بين روسيا وتركيا.

وقال “أنقرة ستطلق المعركة وهناك أكثر من عامل يشير إلى أنه لديها اليد العليا، ولا نعرف إن كانت روسيا ستتراجع عن مواقفها في إدلب. تركيا ليس لديها خيار سوى خوض المعركة لأن ذلك يؤثر على أمنها القومي”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة