أطفال يحلمون بأطراف “ذكية” في الشمال السوري

camera iconإنهاء المرحلة الأخيرة للطرف الصناعي في مرحلة التصنيع بمدينة إدلب - 14 كانون الثاني 2020 (المركز الطبي في كفر لوسين)

tag icon ع ع ع

إدلب – شادية التعتاع

ستة أعوام مرت على الحادثة التي فقدت فيها ميساء ساقها، بعدما استهدف قصف صاروخي بلدة ذويها في سهل الغاب بريف إدلب، من قبل النظام وهي بعمر السنة تقريبًا.

يروي محمد العبدو، جدّ الطفلة، التي تبلغ اليوم سبعة أعوام، لعنب بلدي قصة فقد حفيدته أحد أطرافها، في القصف الذي قُتل فيه والداها، وبات هو ولي أمرها، إلى جانب أختها التي تعرضت لكسر في الحوض.

تعاني ميساء من طرفها الصناعي المتوفر لديها حاليًا، بسبب عدم ملاءمته لقدمها حسب قول جدها، وما يسببه لها من احمرار وألم في منطقة الساق، الأمر الذي لا يساعدها في المشي.

بينما يعمل محمد العبدو، البالغ 60 عامًا، قدر المستطاع، على تأمين طرف صناعي أكثر تطورًا، ليناسب وضع حفيدته، كي تصبح قادرة على ممارسة حياتها بشكل طبيعي، والذهاب مع أقرانها إلى المدرسة.

أطراف صناعية ذكية.. حلم معظم الأطفال

تصدّر الأطفال في سوريا الفئات الأكثر تضررًا جراء النزاع المسلح القائم منذ سنوات، فبحسب تقرير لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تسبب النزاع، منذ آذار 2011 حتى 20 من تشرين الثاني 2019، بمقتل 29 ألفًا و17 طفلًا، على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة عسكريًا في سوريا.

أما بالنسبة لمصابي الحرب، فوصل عددهم في سوريا إلى مليون ونصف المليون، مليون منهم من الأطفال، وفق تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة “هانديكاب إنترناشيونال” (HI)، في كانون الأول 2018.

ويعاني أغلبية الأطفال الذين تعرضوا لبتر أحد أطرافهم بسبب الحرب، من نقص في العلاجات بمراكز توفير وتركيب الأطراف في الشمال السوري.

يقول الاختصاصي في “المركز الطبي لتعويضات الأطراف”، في منطقة كفرلوسين بريف إدلب، عدنان جودي، لعنب بلدي، إن الأطراف الذكية متوفرة لدى المراكز الخاصة في الشمال، لكن تتراوح أسعارها بين 3500 و4000 دولار أمريكي.

ومصطلح “ذكي” يستخدم للبتر في المناطق فوق الركبة والمناطق العلوية (الأيدي) من جسم الإنسان، ويضيف الاختصاصي أن هناك أزمة عند بعض المراكز الإغاثية الموجودة في الشمال السوري، بسبب حجم الضغط عليها.

وينتج عن تلك المشاكل انتظار الطفل فترة طويلة ربما تتجاوز السنة أحيانًا، من أجل الحصول على طرف صناعي، بالتزامن مع تعليق كثير من المراكز الصحية عملها لأسباب مختلفة، منها توقف التمويل عنها وتردي الوضع الأمني هناك، مع تقدم قوات النظام السوري إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة.

خلق هذا الواقع معاناة بالنسبة لعبد المجيد إسماعيل، البالغ من العمر 12 عامًا، من بلدة حيش بريف إدلب الجنوبي، الذي فقد أحد أطرافه العلوية وساقه في أثناء نزوحه، عندما كان يلعب مع شقيقه الأصغر قبل أن يفرقهما الموت.

يتحدث والد عبد المجيد لعنب بلدي عن معاناته في تأمين طرف آخر لولده بعد تركيب طرف له سابقًا في أحد المراكز الإغاثية بريف إدلب الجنوبي، إذ أصبح الطرف صغيرًا، وبحاجة إلى تبديل، ولكن هذا الأمر صار معضلة بسبب إغلاق بعض المراكز في ريف إدلب بسبب القصف والنزوح.

متى يلجأ الطب إلى بتر الطرف المصاب

في السابق كان الطب لا يلجأ لبتر طرف المصاب، إلا بعد موافقة ثلاثة أطباء اختصاصيي جراحة عظمية وأوعية دموية وجراحة عامة.

لكن، وبحسب ما أكده الطبيب الاختصاصي بالجراحة العظمية في إدلب، عبد الوهاب أبو يحيى، لعنب بلدي، نتج عن ظروف الحرب القائمة حاليًا، ارتفاع عدد الإصابات، الأمر الذي حصر الخيار بطبيبين، وهما طبيب الأوعية الدموية والجراحة العظمية.

ويلجأ الأطباء، بحسب الطبيب، إلى البتر لأسباب مختلفة، منها الإصابات الرضّية الناجمة عن حوادث السير أو نتيجة أورام، أو اعتلال بالأوعية الدموية، وبسبب الإصابات الحربية التي تشكل السبب الرئيس لبتر الأطراف.

العملية التي تلي البتر هي اختيار طرف صناعي، وتكيف الجسم معه، وعن تلك الآلية يشرح الاختصاصي في “المركز الطبي لتعويضات الأطراف”، في منطقة كفرلوسين بريف إدلب، عدنان جودي، أن فريق المركز يقوم بعملية أخذ قياس منطقة الجسم محل البتر، ثم تدريب الطفل على التوازن في المشي من خلال العجلات.

ويقع على كاهل الأهل، وخصوصًا الأم، تدريب الطفل بعد اقتنائه طرفًا صناعيًا، لأنها تكون على دراية أكثر من غيرها بطفلها، وفق الاختصاصي.

أما الأطفال في عمر ميساء، فهم بحاجة رعاية أكبر، إذ ما زالت في عمر النمو وتحتاج إلى تبديل متكرر في الطرف الصناعي، ليتلاءم مع حجمها وطبيعة حركتها، ما يعني أنها بحاجة مستمرة للتأقلم والتدريب على طرفها الجديد، في حال توفر.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة