مصير الآلاف معلّق على الحدود مع اليونان.. تركيا تلاعب الغرب بورقة اللاجئين

camera iconلاجئون سوريون على الحدود اليونانية - التركية 29 شباط 2020 (كوزال)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – تيم الحاج

لجأت تركيا قبل أيام إلى رمي ورقة اللاجئين على طاولة الدول الغربية وأمريكا، لدفع هذه الدول إلى مساندتها في أزمة إدلب، التي تواجهها بسبب تعنت روسيا، شريكتها في اتفاقيات “أستانة” و”سوتشي”، والتي تصر على دعم قوات النظام السوري في عزمه استعادة السيطرة على كل الأراضي السورية، ابتداء من الطريقين الدوليين “M5″ و”M4” شمال غربي سوريا وما يحيط بهما من مدن وبلدات، وصولًا إلى منابع النفط، وفق تصريحات الكرملين.

وردًا على مقتل وجرح العشرات من جنودها على يد النظام السوري في إدلب، في الوقت الذي يستمر فيه حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالتردد بتقديم الدعم، إضافة إلى اكتفاء واشنطن بالتصريحات السياسية التي لا تغير من الواقع شيئًا، أشعلت تركيا فجر 28 من شباط الماضي، الضوء الأخضر أمام عبور اللاجئين من أراضيها إلى الاتحاد الأوروبي.

وبعد ساعات من هذا القرار نشرت قناة “TRT” الحكومية التركية خريطة لإرشاد اللاجئين إلى عواصم الدول الأوروبية، في رسالة تعكس حالة اليأس التي وصلت إليها أنقرة لجهة طلب الدعم من حلفائها في “الناتو”.

ضغط أوروبي على روسيا

المحلل السياسي حسن النيفي يرى، في حديث لعنب بلدي، أن مصير اللاجئين هو إحدى الأوراق التي تمتلكها تركيا للضغط على الاتحاد الأوروبي، كي ينحاز إلى جانب موقفها في المعارك الدائرة في إدلب، مضيفًا أن هذا الضغط يهدف إلى دفع الاتحاد الأوروبي للضغط على روسيا أكثر من أجل وقف إطلاق النار ولجم النظام عن شن هجمات على إدلب.

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال، في 29 من شباط الماضي، إن مليونًا ونصف مليون سوري ينتشرون على الحدود التركية بسبب هجمات النظام الدموية.

ولفت إلى أن تركيا تستقبل أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري على أراضيها، مؤكدًا أنه لا طاقة لها على استيعاب موجة هجرة جديدة.

وحول فتح المنافذ التركية أمام عبور اللاجئين إلى أوروبا، أكد الرئيس التركي أن بلاده لن تغلق الأبواب أمام اللاجئين خلال الفترة المقبلة.

ولفت النيفي إلى أن ورقة اللاجئين ليست كافية كي تحصل تركيا على دعم الغرب.

وأشار إلى أن أنقرة تريد القول لدول أوروبا إنه إذا كانت مسألة اللاجئين تضايقها فعليها أن تسهم في حل جذر المشكلة وليس أعراضها.

وأوضح أن جذر المشكلة وفق الرؤية التركية يكمن في الناس الذين يأتون من إدلب وسوريا بسبب هجمات النظام عليهم، ولذلك يجب أن يكون هناك ضغط على روسيا كي توقف النظام.

مصير معلّق

منذ أن أعلنت تركيا أن حدودها مفتوحة أمام اللاجئين، تدفق المئات منهم إلى ولاية أدرنة التركية الحدودية مع اليونان، حيث استقلوا حافلات أشرفت على تأمينها دائرة الهجرة التركية في ولاية اسطنبول، وفق مصادر لعنب بلدي.

وما إن خيم ظلام يوم 28 من شباط الماضي، على الواصلين إلى البوابة الحدودية مع اليونان، حتى بدأت تسجيلات الفيديو تخرج من قسم كبير منهم تطلب النجدة في تأمين حافلات لإعادتهم إلى حيث انطلقوا، فالبرد والمطر فتك بالأطفال والنساء والرجال، حيث انتشروا في الغابات المحيطة بالحدود وتلقفتهم أفواه المهربين الطامعة بأموالهم والمخاطرة بحياتهم بين النهر والغابات، دون أي ضمانات بالوصول سالمين، وفق عدد من الصحفيين رافقوا أولى الدفعات الواصلة إلى ولاية أدرنة.

ومع استمرار حركة وصول اللاجئين إلى أدرنة، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن عدد الذين عبروا الحدود نحو أوروبا بلغ قرابة 18 ألفًا، حتى صباح السبت 29 من شباط الماضي، مشيرًا إلى أن العدد قد يصل إلى 25 ألفًا أو 30 ألفًا خلال نهاية اليوم نفسه، وشدد على أنهم لن يغلقوا أبوابهم أمام المتدفقين من اللاجئين خلال الفترة المقبلة (لم يحددها).

مدير “منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد، استبعد في حديث لعنب بلدي، أن تفتح اليونان أبوابها أمام اللاجئين القادمين من تركيا.

وأشار إلى أن الوضع في اليونان في الأساس لا يتحمل، لجهة استقبال عدد جديد من اللاجئين.

وقال إن المشكلة الأساسية تتعلق بنظرة تركيا لملف اللاجئين وتحديدًا السوريين منهم.

وأوضح أن تركيا تستخدم اللاجئين السوريين ضدّ الغرب وغير الغرب كورقة ضغط، مشيرًا إلى أن هذا لا يتوافق مع طبيعة اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، فإن مسألة اللاجئين تحمل وجهين، وفق المحلل السياسي حسن النيفي، ويتمثل الأول في مصلحة تركيا التي تستخدم اللاجئين كوسيلة ضغط على أوروبا، في حين يحمل الوجه الثاني جانبًا مأساويًا ويتمثل في رؤية السوريين وغيرهم من اللاجئين الذي يذهبون إلى الحدود اليونانية- التركية لمواجهة المجهول في العراء والبرد أمام إغلاق السلطات اليونانية حدودها، ما يدفع اللاجئين إلى ركوب القوارب المطاطية وخوض مخاطرة، قليلون هم الذين ينجون منها، وفق تعبيره.

وفي هذا الإطار قال، “هنا تبرز مسؤولية المجتمع الدولي ودول الإقليم والدول العربية، إذ إن الجميع متغافل عن هذه المأساة”.

حدود مغلقة.. إجراءات أمنية

تشترك تركيا في الحدود البرية مع دولتين من الاتحاد الأوروبي هما اليونان وبلغاريا، ومع القرار التركي بإعطاء ضوء أخضر للاجئين بالعبور نحو أوروبا، اتخذت الدولتان إجراءات مشددة على حدودها مع تركيا.

وشددت الحكومة اليونانية إجراءاتها الأمنية على الحدود، وفق وكالة “رويترز”  التي نقلت عن مصادر قولها، إن أثينا على اتصال أيضًا بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في هذا الصدد.

وتداول ناشطون تسجيلات مصورة عبر موقع “فيس بوك” تظهر وصول عشرات اللاجئين إلى الحدود اليونانية من جهة تركيا، وتوضح التسجيلات أن الحكومة اليونانية منعت الواصلين من الدخول وأطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع.

وتعد اليونان بوابة المهاجرين الأولى نحو أوروبا، حيث شهدت تدفقًا جماعيًا عامي 2015 و2016، إلى أن أدى اتفاق تم التوصل إليه بين تركيا والاتحاد الأوروبي إلى وقف هذا التدفق، حيث كانت جزر بحر إيجه الخمس أكثر المناطق تأثرًا بتدفق المهاجرين من تركيا المجاورة.

وتعتزم الحكومة اليونانية وضع جدار عائم يمتد 2.7 كيلومتر، ويبلغ ارتفاعه 1.10 متر، لمنع اللاجئين من عبور بحر إيجه، وكذلك تكثيف مراكز وأبراج مراقبة الحدود البرية مع تركيا، وزرع المزيد من الأسلاك الشائكة عليها، بحسب ما أعلنته وزارة الدفاع اليونانية.

وفي بلغاريا، قال رئيس وزرائها، بويكو بوريسوف، إن بلاده تشدد الإجراءات الأمنية على طول حدودها الجنوبية الشرقية مع تركيا، بعد أن توجهت مجموعات من المهاجرين في تركيا نحو الحدود.

وأضاف بوريسوف خلال اجتماع حكومي، وفق وكالة “رويترز،”  أن “لدينا معلومات عن زحام كبير، ونطبق أقصى قدر من السيطرة على الحدود”.

ما هي اتفاقية إعادة القبول؟

وكانت تركيا وقّعت مع الاتحاد الأوروبي، في 18 من آذار 2016، ثلاث اتفاقيات تقبل فيها تركيا اللاجئين من دول الاتحاد الأوروبي مقابل حرية التنقل للمواطنين الأتراك داخل الاتحاد الأوروبي.

وتنص الاتفاقية على إعادة كل لاجئ وصل إلى اليونان قبل 20 من آذار 2015 إلى تركيا، مقابل لاجئ ستستقبله دول الاتحاد الأوروبي بشكل قانوني.

 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة