فيلم ليلى.. عندما ينهش الانتظار الأحياء

tag icon ع ع ع

يحكي فيلم “ليلى”، للمخرج السوري هوزان عبدو، قصة امرأة تنتظر زوجها ليعود من الحرب الطويلة التي لا تنتهي.

يصور هوزان في فيلمه القصير، الذي أنتجه المعهد العالي للسينما بالقاهرة في عام 2015، تفاصيل سريعة لحياة امرأة تعيش وحيدة برفقة بدلة عسكرية لزوجها، الذي يرسل إليها بدوره رسائل مكتوبة يطلب منها الصبر، مبشرًا إياها بقرب النهاية والعودة المنشودة إلى المنزل.

في المشهد الأول تصور كاميرا هوزان عبدو أربعة رجال يحملون نعشًا في الصحراء، في مشهد يصور رسالة الفيلم بشكل مباشر، الانتظار في هذه الحالة هو حالة سبات لا متناهٍ كما الموت.

لا تفاصيل في منزل السيدة، وهو تشبيه آخر هنا لحالة حياتها الخالية من كل شيء تقريبًا سوى من ماكينة خياطة، ليربط هوزان عبدو كل التفاصيل بالموت الذي تسببه الحرب والانتظار، وهو ما يتصل بطريقة سرد الحكاية التي اعتمدت على إيقاع متوازن عرف صانعو الفيلم كيفية توظيف بطئه لخدمة الحكاية نفسها، وبالتالي نجحوا بالنجاة من الوقوع في فخ تقع فيه أفلام أخرى لدى اعتمادها على المدرسة الواقعية في السينما.

اعتماد هوزان على المدرسة الواقعية يأتي متوافقًا مع نمط الحكاية نفسها، فتم الاستغناء عن المونتاج لأكبر درجة ممكنة في أثناء العمليات الفنية، ليقابله اعتماد على المونتاج الداخلي وحركة الممثل، وغياب للموسيقى في مقابل لقطات عامة طويلة، وهو الأسلوب الذي تتطلبه المدرسة الواقعية في السينما.

مع مرور الأيام، تفقد السيدة قدرتها على اتخاذ قرار الرحيل والمضي قدمًا، ويشعر المشاهد بأن الممثلة امتزجت مع الانتظار نفسه وتحولت إلى جزء منه، مع تعليق رسائل زوجها المتكررة على الحائط وكأنها مجرد إكسسوارات، بعد تصويرها عبر لحظات تمثل قسوة هذا الانتظار، في تشبيه لحال الكرد أنفسهم منذ سنوات (تعود أصول المخرج إلى مدينة عفرين في سوريا).

عودة الزوج من عدمها ما عادت المشكلة في الفيلم، فالانتظار الطويل أفقد الحياة أي معنى، مع خلوها من المشاعر والألفة والمحبة، على عكس عناصر الفيلم التي أرخت بظلالها على الحكاية وساعدت على شرحها وإيصالها للمشاهد.

الفيلم من بطولة جيهان أنور وعمرو عثمان، وسيناريو وإخراج هوزان عبدو، وتصوير أبانوب طلعت، ومونتاج عمر عبد الله.

حاز الفيلم على أكثر من 30 جائزة دولية، ومخرجه يحمل بكالوريوس في الإخراج السينمائي من المعهد العالي للسينما في مصر عام 2015.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة