تعا تفرج

بالنسبة لـ”كورونا”.. فهمتوا شي؟

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

رجل ساكت، يبدو وسيمًا، وبمجرد ما يقرر أن يتحدث يقول: بع جمل. لا يبعبع علينا واحد، خمسة، مئة، مليون، قل أكثر. الشباب كانوا، قبل “كورونا”، مشغولين بتحصيل أرزاقهم، الآن صار عندهم وقت طويل، و”أكل ومرعى وقلة صنعة”. أيش يعمل الواحد في هذا الوقت الطويل الفارغ؟ يكتب عن “كورونا”، وإذا لم يكن لديه “مَراق” للكتابة يلجأ إلى البث المباشر عبر “فيسبوك”، أو “يوتيوب”. أو يرسل تسجيلًا صوتيًا لأحد أصدقائه ويطلب منه التعميم، للفائدة.

نعم. الفائدة. نحن المحجورين، الجالسين في بيوتنا كالخشب المسندة لا نعرف من أين تنهمر علينا الفوائد. واحد يقول إن مبدأ العزل هو العلاج رقم واحد لهذا الفيروس بدليل أن الصين طبقته بحذافيره. ينط الثاني مثل حمصة الكي ويقول له معاجزًا: ويا حزرك الصين كيف اهتدت إلى مبدأ العزل؟ ارجع إلى صفحتي، أنا في منتصف كانون الأول من سنة 2019، قرأت عن وباء سيصيب البشرية وينتقل بالعدوى، فكتبت أن أفضل طريقة لمنع انتقال عدوى الأوبئة هي العزل، فإذا جلس كل إنسان في بيته كيف ينتقل الفيروس؟ يكتب له أحد أصدقائه بلهجة ساخرة: قصدك الصين أخذت الفكرة منك؟ فيرد عليه بجدية تامة: طبعًا. ومو بس الصين، أوروبا وأمريكا وكل الدول المتقدمة اليوم تنادي بالعزل أخذوها من صفحتي، بل وصاروا يمنعون التجول بالقوة.

تستغرب، أنت العايف ثيابك، من سخف هذا الكائن، وتفكر أن تقول له: طالما أنك اكتشفت أفضل طريقة للوقاية، فلماذا لا تكمل معروفك وتخترع للبشرية دواء ولقاحات وتخلصنا من هذه المحنة؟ ولكنك تتراجع، وتفتح التلفزيون باحثًا عن كلام علمي قد يفيدك، ويهدئ من روعك. وإذا بك تدخل في دوامة من المعلومات والأرقام والوقائع.. يتحدث واحد عن العزل والتعقيم ونسبة الكحول في الكولونيا، والثاني ينصح بأنواع من الأغذية التي تقوي المناعة، والثالث يتحدث عن الجهود المختلفة التي تبذل في المخابر العالمية لتطوير دواء ثم لقاح، وينفي رابع أن تكون أي دولة في العالم قد توصلت إلى شيء، ويؤكد أن “كورونا” ليس له دواء، ويعيد عليك أسطوانة العزل والمناعة، ويطلب منك ألا تخاف، لأن النسبة الفعلية للوفيات من بين المصابين هي 2%.. ولأنه ينظر، مثل بشار الأسد، إلى النصف الملآن من الكأس، يقول لك إنها نسبة قليلة: يعني وإذا ماتوا تنين من كل مية؟ شغلة ناكتة!

وهذا كله، يا صاحبي، كوم، والذين يطالبون الإنسان السوري بأن يجلس في البيت كوم. الدول المتقدمة عندما تطلب من مواطنها، وحتى من اللاجئ المقيم على أرضها، أن يجلس في البيت، لا تترك وسيلة من وسائل الترجي، والتوسل، وعرض التسهيلات، إلا وتقدمها له، عندك كهرباء وماء وإنترنت أربعًا وعشرين على أربع وعشرين، وعندك خَط طوارئ بوليسية وصحية وخدمية مفتوح، وإذا كنت موظفًا تعمل من بيتك، وراتبك وتعويضاتك واصلة إلى حسابك في البنك..

وأما السوري فيا ريت حضراتكم تتركوه بحاله، وإذا لم يكن لديكم شيء تقدمونه إليه، فعلى الأقل أن تعفوه من النصائح.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة