طوابير للحصول على الرغيف

قرارات متخبطة تعكس الفشل السوري بإدارة ملف الخبز

خبز يخرج من بيت النار في فرن دابق (عنب بلدي)

camera iconخبز يخرج من بيت النار في فرن دابق (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – ميس شتيان

تصدّر مؤخرًا مشهد متكرر على منصات التواصل الاجتماعي في سوريا، لازدحام مواطنين يتدافعون للحصول على رغيف الخبز، متناسين خطورة العدوى بفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) وسط الزحام، فلا بديل لديهم للحصول على مادة الخبز “المدعوم” سوى الانتظار في الطوابير، أو الشراء من الأفران الخاصة التي تبيع الخبز السياحي بأسعار “سياحية”.

مواقع وصفحات محلية تداولت تسجيلًا مصورًا قالت إنه يظهر أطول طابور على مادة الخبز في حلب، كما انتشر تسجيل آخر يظهر تهافت الناس على شراء الخبز في حي الزاهرة الجديدة بدمشق.

وأظهر تسجيل آخر معتمدًا لبيع الخبز يعتدي بالضرب على سيدة في منطقة صحنايا في أثناء عملية توزيع الخبز، وفق ما قاله موقع “الوسيلة السورية” الذي نشر التسجيل.

تفاوت في السعر والوفرة

رصدت عنب بلدي قلة توفر الخبز في عدد من المناطق والأحياء، وارتفاع سعره عن التسعيرة النظامية البالغة 50 ليرة سورية للربطة الواحدة.

وقال مواطن من مدينة جرمانا بريف دمشق لعنب بلدي (تحفظ على ذكر اسمه)، إن الربطة النظامية تباع من قبل المعتمدين في بعض الأحيان بـ100 أو 125 ليرة سورية، كما أن الخبز ليس متوفرًا بكميات كافية، ما يضطر كثير من الأهالي لشراء الخبز السياحي بسعر 700 للربطة الواحدة.

ويشابه هذا الوضع تمامًا ما يحصل في حي الميدان بدمشق، بحسب ما رصدته عنب بلدي.

ونقلت صحيفة “الوطن” المحلية أنه يصعب الحصول على ربطة خبز في مدينة جرمانا من دون واسطة أو دفع زيادة في السعر ، بينما لا يحصل عدد كبير من الناس على الخبز بسبب نقص الكميات، ورصدت الصحيفة بيع الربطة بـ300 ليرة.

وفي دروشة وحجيرة تعاني تجمعات النازحين التي تقطنها آلاف العائلات من شح في مادة الخبز، وتوجد تجمعات لا يصل إليها الخبز نهائيًا.

وفي محافظة حماة، يشكو العديد من المواطنين من نقص الخبز وعدم تمكنهم من الحصول عليه من المعتمدين بسبب الازدحام الشديد، وخاصة في ضاحية أبي الفداء والشريعة.

بينما يتوفر الخبز في محافظتي القنيطرة ودرعا ويباع بسعر يصل إلى 65 ليرة، ولكن بجودة متدنية.

 وعود بتحسين جودة وكميات الخبز

مجلس الوزراء طلب، في 5 من نيسان الحالي، من وزارة التجارة الداخلية تشكيل لجنة فنية للبحث في أسباب تدني جودة الخبز، ووضع الضوابط لالتزام الأفران بمعايير الجودة المعتمدة، كما عقد اجتماعات لاحقة بهذا الخصوص، وخلص إلى قرارات قال إنها ستفضي إلى تحسن جودة رغيف الخبز وتوفره بكميات مناسبة للطلب.

وتقرر، في 8 من نيسان الحالي، إغلاق الأفران الخاصة والسياحية التي لا تلتزم بمعايير صناعة الرغيف خلال 15 يومًا، واتخاذ إجراءات تمنع التلاعب بالدقيق التمويني، وتأمين وصول مخصصات الطحين للمحافظات بشكل كامل، وتأهيل صوامع الحبوب المتوقفة، بحسب وكالة  الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وجرت الموافقة على تأمين المتطلبات المالية اللازمة لتحديث خطوط “الشركة السورية للمخابز” وإعادة تأهيلها لتعمل بطاقتها القصوى، وتعويض النقص الحاصل في العمالة، وتم التوجيه بإنجاز نظام حوافز لعمال المخابز.

ولتعزيز مخزون القمح، طُلب من مؤسسة الحبوب إلزام المتعاقدين مع المؤسسة بتوريد الكميات من الحبوب في الأوقات المحددة، إضافة إلى تطوير خطة الطحن وتحسين جودته.

تخبط قرارات لحل مشكلة الازدحام

أعلنت وزارة الداخلية وحماية المستهلك، في 7 من نيسان الحالي، أن الخبز سيطرح عبر بطاقة الخدمات الإلكترونية (الذكية)، في دمشق وريفها، قريبًا، ليشمل القرار لاحقًا بقية المحافظات.

وبعد يومين، عادت الوزارة للتراجع عن قرارها، واعتبرت أن تسليم الخبز عبر “البطاقة الذكية” كان في إطار العمل التجريبي ليس أكثر.

وقال معاون وزير التجارة الداخلية، رفعت سليمان، إن “استمرار توزيع الخبز على السادة المواطنين بقي حاليًا بالطريقة المعتادة دون استخدام البطاقة”، بحسب الصفحة الرسمية للوزارة على “فيس بوك”.

وجاء هذا التراجع بعد فشل قرار سبقه بأيام، وهو وقف بيع الخبز بشكل مباشر على المواطنين، لتخفيف مظاهر الازدحام على الأفران، ضمن حزمة الإجراءات في مواجهة فيروس “كورونا”.

وقالت رئاسة مجلس الوزراء، في 24 من آذار الماضي، إنها قررت وقف بيع الخبز بشكل مباشر للمواطنين، لمنع التجمعات، وكلفت وزارتي التجارة الداخلية وحماية المستهلك والإدارة المحلية والبيئة، بتأمين الخبز عبر السيارات الجوالة والمعتمدين، بإشراف الوحدات الإدارية.

وبالتزامن مع هذا القرار، أوعزت حكومة النظام بتفعيل دور لجان الأحياء والمخاتير في إيصال المواد والمنتجات والخدمات الرئيسة للمواطنين في جميع الأحياء، من بينها الخبز.

إجراءات لتعويض نقص الطحين

رغم ارتفاع محصول القمح للموسم الزراعي 2019 إلى 2.2 مليون طن مقارنة بموسم 2018، البالغ نحو 1.2 مليون طن، ما زالت سوريا تعاني من تدني مستوى الأمن الغذائي، وفق أحدث تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) حول سوريا.

ولجأت حكومة النظام مؤخرًا إلى عدد من الإجراءات لتعويض نقص مادة الطحين، كما لجأت منذ سنوات وما زالت إلى استيراد القمح الروسي.

وفي منتصف آذار الماضي، رفعت الحكومة سعر شراء القمح من الفلاحين للموسم الحالي بقيمة 40 ليرة سورية.

وحددت سعر شراء محصول القمح “القاسي والطري” من الفلاحين للموسم الحالي 2019-2020، بمئتي ليرة سورية، إضافة إلى منح الفلاحين 25 ليرة كمكافأة تسليم، ليصبح إجمالي سعر الكيلو 225 ليرة، بينما كان سعره في الموسم الماضي 185 ليرة.

واعتبر وزير الزراعة، أحمد القادري، هذه التسعيرة “تشجيعية”، وشكلًا من أشكال الدعم الحكومي “الكبير” للقطاع الزراعي ومحصول القمح، وفق ما نقلته صحيفة “الوطن“.

ولاحقًا، أصدرت “وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية”، في 29 من آذار الماضي، قرارًا يسمح باستيراد مادة الطحين لجميع الراغبين من تجار وصناعيين، بحسب وكالة “سانا“.

كما أعلنت الحكومة منح الأفران والمطاحن الخاصة وكل المستوردين تسهيلات لاستيراد القمح والطحين اللازم لعملها بالطاقة الإنتاجية القصوى، بغض النظر عن المنشأ.

قمح مستورد لسد النقص

بعد تراجع إنتاجه في سوريا تدريجيًا منذ عام 2011، لجأت حكومة النظام إلى توقيع عدد من العقود مع روسيا لاستيراد القمح، بعضها كان على شكل مساعدات.

أحدث شحنة وصلت من القمح الروسي، كانت في 5 من نيسان الحالي، وتبلغ كميتها 27.5 طن، وهي جزء من 475 ألف طن تم التعاقد في عام 2019 مع الجانب الروسي لتوريدها إلى سوريا على دفعات، بحسب صحيفة “الوطن“.

وقبلها كانت هناك شحنة حملت 25 ألف طن من القمح، أواخر العام الماضي، على شكل مساعدات إنسانية، بحسب وكالة “سبوتنيك” الروسية.

وقال نائب رئيس الوزراء الروسي، يوري بوريسوف، إن هذه الدفعة هي جزء من مساعدات تبلغ كميتها 100 ألف طن ستصل على دفعات خلال عام 2020.

مدير المؤسسة السورية للحبوب، يوسف قاسم، أشار إلى أن سوريا استوردت من روسيا خلال العام الماضي، مليونًا و200 ألف طن من القمح، وهي ذات منشأ روسي بالكامل، بقيمة 310 ملايين دولار.

وفي أيلول عام 2017، نقلت وكالة “رويترز” عن وزير التجارة الداخلية، عبد الله الغربي، أن سوريا أبرمت اتفاقًا لشراء ثلاثة ملايين طن من القمح الروسي على مدى ثلاث سنوات، وأنها تعكف على تأمين تمويل ائتماني من موسكو لشراء القمح.

وأشارت الوكالة إلى أن بيانات الجمارك الروسية أظهرت توريد روسيا لسوريا 125 ألفًا و200 طن من القمح في موسم 2016- 2017، الذي انتهى في 30 من حزيران 2017.

وفي عام 2014، وقعت الشركة “السورية العامة للمطاحن” مع شركة “سفير نور جنات” الإيرانية عقداً لتوريد 50 ألف طن من دقيق القمح إلى سوريا.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة