فيلم “المنصة”.. حفرة طبقية تحكمها مائدة طعام

tag icon ع ع ع

“هناك ثلاثة أنواع من الناس: من هم في الأعلى ومن هم في الأسفل ومن يسقطون”، بهذه الجملة بدأ فيلم “المنصة” (The Platform) سرد أحداثه للمشاهدين، بشكل فلسفي معتمد على الطبقات الاجتماعية للحياة الواقعية.

يعكس الفيلم هذه الطبقات في زنزانة، يصارع كل من فيها للحفاظ على حياته.

تكوين طبقي محكم.. سوطه دقيقتا “المنصة”

يتكون السجن، الذي يطلق عليه داخل الفيلم “الحفرة”، من خلايا (طبقات) يعلو بعضها بعضًا عددها 333 خلية، يتخللها فراغ، يقطن في كل خلية مسجونان، وتتغير طبقاتهما كل ما مر شهر على احتجازهما، عن طريق بث غاز في الحفرة (السجن) ليُغمى عليهما ويُنقلا، فمن كان في الطبقة 100 قد يصبح بعد قضاء فترته في الطبقة 13.

السجن له نظام يتحكم بأدق تفاصيل المحتجزين، وينزل فيه الطعام، الذي يفترض أن يكفي كل من في السجن لو أكلوا فقط ما يحتاجونه فعلًا ، يوميًا على “منصة” خاصة، من الخلية رقم صفر (مكان الإعداد) إلى الخلايا الدنيا.

وتبقى “المنصة” عند كل خلية لمدة دقيقتين، فإما أن يأكل من فيها أو يموت جوعًا، ثم تهبط لطبقة أدنى، ولا يسمح للسجناء بأن يحتفظوا بشيء من الطعام إذا انتهى وقتهم، لأن طقس الخلية سيتغير بشكل فوري، إما حرارة محرقة أو برودة مجمدة.

فإذا كان السجين بالخلية رقم أربعة مثلًا تصل إليه المنصة بمأدبة ما زالت عامرة، وإذا كان في الخلية 50 فسيجد بعض البقايا والعظام، أما إذا كان في الخلية 200 فلن يصله أي شيء، وهنا يبدأ البحث عن البقاء، بقتل شريك خليته وأكل لحمه.

“الهو” أم رسالة “المسيح” غورينج.. هل ينجح في إحداث ثورة؟

بطل الفيلم “غورينج”، الذي يؤدي دوره الممثل الكتالوني إيفان ماساجي، دخل إلى السجن طواعية على أمل أن يجري بحثًا، حاملًا معه كتابًا ريثما تنقضي مدة بقائه، ليستيقظ بطبقة متوسطة نوعًا ما في الخلية رقم 48، برفقة عجوز بالشكل، متمرس بالحفاظ على روحه، وذي خبرة كبيرة في السجن.

“غورينج” لم يلبث كثيرًا حتى بدأ بفهم النظام المعمول به بالسجن، والاندماج فيه، غير متأخر بالبحث عن حلول لهذه المشكلة، وساعيًا لتغيير قناعات المساجين، وبث فكرة “التضامن العفوي” بالحديث إلى من هم أسفل منه أو أعلى.

“المسيح” غورينج لم ينجح بإقناع الطبقات العليا بقوة الحجة، بل بالسطوة والسلاح بسبب ما عايشوه، وهذا ما يبرز تصرف الفرد بحسب الحاجات الأساسية التي حددها هرم “ماسلو”، والتي تأتي في قاعها الحاجة الفيزيولوجية، من طعام وماء وأساسيات البقاء.

كما أن الفيلم يصور حرفيًا نظرية سيغموند فرويد “النظرية البنيوية” وتقسيماتها، مثل “الهو” و”الأنا” و”الأنا العليا”.

عندما يجوع الفرد، فإن ما تفرضه عليه غريزة البقاء (الهو) الأكل حتى لو كان الطعام نيئًا أو بريًا، بينما ترفض قيم المجتمع والأخلاق (الأنا العليا) مثل هذا التصرف.

لذا لم يلقَ “غورينج” آذانًا صاغية ممن حوله، حتى بدأ العمل على رسالة يوصلها لإدارة السجن (الحفرة) التي تطلق عليه “العمود المركزي للإدارة الذاتية”.

“المنصة” (The platform)

هو فيلم إسباني قليل التكلفة، عُرض للمرة الأولى في فعاليات قسم “جنون منتصف الليل”، ضمن مهرجان “تورنتو” السينمائي الدولي في أيلول من عام 2019.

حقق الفيلم للمخرج الإسباني جالدير جاستيلو أوروثيا، جائزة تصويت الجمهور لأفضل فيلم ضمن هذا القسم، وهو مأخوذ عن نص مسرحي للكاتبين ديفيد ديسولا وبيدرو ريفيرو.

حصل الفيلم (94 دقيقة) على تقييم سبعة من عشرة على موقع “IMDb“، المختص بالأفلام السينمائية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة