الملحق الصيني مو عاجبه العجب

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

استكمالًا لسرد بعض الطرائف والقصص القصيرة عن الرياضة السورية، وكرة القدم خاصة، في الأعوام السابقة، والتي بدأنا بها الأسبوع الماضي، إليكم اليوم قصة الجولة التفقدية التي أجراها “موظف رفيع” من السفارة الصينية برتبة “ملحق” مع وفد اتحاد كرة القدم السوري، للاطلاع على جاهزية ملعبي “الفيحاء” و”العباسيين”، ومكان المؤتمر الصحفي والتدريبات لمباراة الإياب بين منتخبي سوريا والصين الأولمبيين، في تصفيات الدور الثاني المؤهلة إلى أولمبياد أثينا 2004.

تلك الحقبة التي كانت تضم أسماء المدرب موسى شماس وفجر إبراهيم لتدريب المنتخب، وإياد بركات ومحمود آمنة وجمال الرفاعي وبدر الدين الأزور، وغيرهم من أسماء ذلك المنتخب، الذي فشل في الوصول إلى الأولمبياد واكتفى بالفوز على باكستان ذهابًا وإيابًا بالدور الأول، والخسارة في بكين بهدفين نظيفين أمام الصين، والفوز إيابًا بنتيجة 3- 2 في “العباسيين”، ليتأهل المنتخب الصيني إلى التصفيات النهائية.

يروي لنا رئيس وفد اتحاد كرة القدم في الجولة التفقدية، الأستاذ نادر الأطرش، وكان يعمل يومها في “مكتب أمانة السر” مع رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم، الدكتور أحمد جبان، مجريات الزيارة، ويقول “خرجنا مع الموفد الصيني لكي نزور ملعب الفيحاء الذي كان مخصصًا لتدريبات المنتخب الصيني، ونحن تغمرنا الفرحة في سوريا بإجراء صيانة لهذا الملعب بعد سنوات طويلة من الانتظار، دخل الموفد الصيني الذي كان يتقن اللغة العربية بطلاقة، وشاهد المشالح المخصصة للاعبين تحت الأرض، فقال: هذا المكان غير مناسب للاعبين، ولا يمكن الحصول على هواء نظيف في هذه الغرف، هذا معتقل وليس مكانًا لتبديل الملابس”.

ويتابع محدثنا نادر الأطرش أن الموفد خرج إلى الملعب ليشاهد أرضيته مسجلًا امتعاضه على نوعية العشب.

ويقول أيضًا إن الوفد توجه إلى ملعب “العباسيين” للاطلاع على جاهزيته للمباراة والمؤتمر الصحفي، وفي الطريق (تحديدا عند “عقدة التجارة”)، نسي الأستاذ نادر الطريق والمدخل باتجاه الملعب طالبًا من السائق التوقف على الطريق الرئيس، وقال له “عد إلى الخلف قليلًا (عشرة أمتار) حتى ندخل إلى هذا الطريق”، وهنا تدخل الضيف الصيني معترضًا “كيف تعود بالسيارة إلى الوراء؟ هذه الحادثة لو حدثت في الصين ستعتبر جريمة!”، فحاول السيد نادر شرح الموقف والاعتذار لتدارك الأزمة سريعًا وإنهاء اليوم بخير.

الوفد الصيني دخل إلى ملعب “العباسيين” وبدأ يراقب مكان اللوحات الإعلانية، ويسأل عن كل واحدة منها، وتفقد العشب والأبواب، واعترض على أن مكان المؤتمر الصحفي ومدخل الصحفيين قريب من الجماهير، وطالب فورًا بتغيير المكان بالرغم من تدخلات الوفد السوري ومحاولاتهم المتكررة لـ”تطرية الجو”.

عاد السيد الصيني ليسأل عن أرضية ملعب “العباسيين” التي لم تعجبه أيضًا، وتساءل: “ما الفترات المخصصة لديكم من أجل صيانة الملاعب؟ هل تستعجلون بنزع هذا العشب ووضع الجديد المخصص للمباراة بعد أيام؟”.

ضحكت كثيرًا عندما روى لي الأستاذ نادر الأطرش هذه القصة، مع المواقف المحرجة وحالات الغضب والامتعاض التي سجلها الزائر الصيني، فقلت له، “شو كنت حابب تقول بنهاية الزيارة للضيف؟” وأجاب، “كنت بدي قلو اللي ما داق المغراية ما بيعرف شو الحكاية، هالحالات والصور اللي شفتها حضرتك واعتبرتها تقصير أو إهمال هي منهج عمل يومي وتاريخي وأثري لرياضتنا الحقيقية، ويمكن لمجتمعنا بالكامل، منهج عمل إلى الأبد، كما الشعارات التي طبعت عشرات السنوات على جدران سوريا: إلى الأبد يا حافظ الاسد).

وكل عام وأنتم بألف خير ومباركة طاعتكم بحلول شهر رمضان المبارك.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة