تقاعس حكومي وتخاذل دولي..

مخلفات الحرب تستمر بحصد الأرواح في درعا

camera iconأحد الألغام التي زرعها مقاتلو "تنظيم الدولة" في محيط الباب - 12 شباط 2017 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – درعا

تكثر الألغام الأرضية ومخلّفات الذخائر غير المنفجرة في مساحات واسعة من محافظة درعا، بينما لا توجد أي لافتات تحذيرية أو خرائط لتوزعها، كما تغيب أي جهود لنزعها أو التوعية من مخاطرها، وهو ما تسبب مرارًا بسقوط ضحايا من أبناء المحافظة في جنوبي سوريا.

الطفل السوري أيهم أبا زيد (تسعة أعوام)، كان آخر ضحايا مخلّفات الحرب في درعا، في 12 من أيار الحالي، وشيّعه أهالي درعا البلد بعد أن تسبب انفجار طلقة عيار “23” من مخلفات الحرب بإنهاء حياته.

وتطول القائمة التي تضم أسماء قتلى قضوا بمخلّفات الحرب في درعا، إلا أن ذلك لم يكن سببًا كافيًا لتحرك حكومي أو دولي لمعالجة مسألة مخلفات الحرب ونزع الألغام، ولا لحملات توعية عن مخاطرها على أقل تقدير.

ومنذ مطلع العام الحالي، قُتل ثمانية أشخاص نتيجة انفجار ألغام أرضية أو ذخائر غير منفجرة، وفقًا لما ذكره “مكتب توثيق الشهداء بدرعا“، لعنب بلدي.

ويُضاف إلى إحصائية العام الحالي، 66 قتيلًا سقطوا في درعا للسبب ذاته، خلال الفترة بين آب 2018 وكانون الأول 2019، بينما أُصيب 109 آخرون، حسب تقرير مركز  “توثيق الانتهاكات في سوريا”.

وتقدّر الأمم المتحدة أن أكثر من عشرة ملايين شخص يعيشون في مناطق ملوثة بالألغام في سوريا، أي إن واحدًا من بين كل شخصين يعيش في ظل مخاطر متفجرات.

غياب الجهود الحكومية

في تموز 2018، سيطرت قوات النظام السوري بدعم روسي على محافظتي درعا، بموجب اتفاق “التسوية”، بعد أيام من القصف والتحركات العسكرية.

ومنذ ذلك الوقت، عمل النظام على فتح الطرقات في المحافظة وتشجيع الأهالي على العودة إلى منازلهم، دون بذل جهد للتأكد من خلو المناطق من الألغام، وخاصة الأراضي الزراعية، ودون تنظيم حملات للتوعية بمخاطر مخلفات الحرب.

مراسل عنب بلدي في درعا تواصل مع شابين، أحدهما من ضحايا الألغام الأرضية، والآخر خسر صديقيه بلغم (نتحفظ على نشر اسميهما لأسباب أمنية).

الأول، بُترت ساقه في أثناء عمله بأرضه بعد أن داس على جسم غريب لم تكن لديه أدنى فكرة عن ماهيته، وهو يرى أن “الخطر والخوف لا يزالان موجودين لدى المزارعين من وجود ألغام بأرضهم، وخاصة الأراضي التي كانت خطوط اشتباك على مدى سنوات”.

أما الآخر، ففقد اثنين من أصدقائه بعد عودتهما إلى بلدة عتمان، حيث قُتلا نتيجة انفجار لغم أرضي بجرار زراعي في أثناء حراثتهما لأرض في المنطقة.

وكان تقرير مركز “توثيق الانتهاكات في سوريا“، أشار إلى عدم وجود أي إجراءات تتبعها الحكومة السورية لحماية المواطنين من خطر هذه المواد، وعدم وجود أي تحذيرات للوقاية منها، إضافة إلى الإهمال الإعلامي.

وتحدث عن محاولة واحدة لتفكيك الألغام في كانون الأول 2018، انتهت بمقتل ملازم أول وإصابة خمسة آخرين بريف درعا الغربي.

دور المنظمات الدولية

تسهم الذخائر غير المنفجرة في “تهديد حياة المدنيين بشكل كبير وخطير” في جميع أنحاء سوريا، وفقًا للأمم المتحدة، إلا أن تلك التحذيرات لم تُترجم إلى عمل على الأرض.

ولم تتدخل المنظمات الدولية لنزع الألغام والتفتيش عنها بالمناطق المتوقع وجودها فيها، رغم وجود منظمات متخصصة كانت تعمل على نزع الألغام قبل سيطرة النظام في المنطقة الجنوبية.

كما لم تساعد القوات الروسية الموجودة في المحافظة بعد اتفاق “التسوية” الأهالي، ولم تقدم أي مساعدة عسكرية أو تقنية لقوات النظام لإزالتها.

وفي حديث لعنب بلدي، قال الناشط الحقوقي وعضو “مركز توثيق الشهداء في درعا” عمر الحريري، إن إزالة الألغام ليست مسؤولية جهات دولية إلا في حالة عجز الدولة عن ذلك، أو طلب مساعدة دولية بهذا الخصوص.

وتندرج العبوات الناسفة المعدة يدويًا، والتي تنفجر بوجود شخص أو اقترابه منها أو ملامسته إياها تحت تعريف (الألغام الأرضية المضادة للأفراد)، وهي محظورة بموجب “معاهدة أوتاوا” لحظر الألغام عام 1997.

وتمنع المعاهدة التي لم تنضم إليها سوريا، استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد، تحت أي ظرف، حتى لو وُضعت كعبوات ناسفة أو شراك خداعية.

الأطفال أبرز الضحايا

خلال الفترة بين آب 2018 وكانون الأول 2019، سقط 26 طفلًا في درعا، إضافة إلى إصابة 38 آخرين، كما قُتل ثلاثة أطفال، منذ مطلع العام الحالي، بانفجار ألغام أرضية، وعشرة بانفجار قنابل عنقودية وذخائر غير منفجرة، وكان آخرهم الطفل أيهم أبا زيد.

وكان شهر كانون الأول من عام 2019 شهد مقتل أربعة أطفال في بلدة نصيب، إثر انفجار لغم أرضي بهم، بينما قُتل طفلان (أربع وست سنوات) متأثرين بجراحهما، بعد اللعب بمخلفات قنبلة عنقودية، في تشرين الثاني 2019.

وذكر والد الطفلين، بحسب تقرير “مركز توثيق الانتهاكات في سوريا” أنه بينما كان طفلاه يلعبان في الحي، وجدا جسمًا غريبًا صغير الحجم وبه خيط برتقالي اللون، لم يعرفا ما هو فجلباه إلى قرب المنزل للعب به، وضرباه بقطعة حديدية ما أدى إلى انفجاره.

وأمام غياب حملات التوعية للأطفال فإن الحوادث المماثلة مرشحة للازدياد، ويعود ذلك لجهل الأطفال بماهية المتفجرات وعدم تحذيرهم من مخاطرها.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة