“it must be heaven”.. رسالة شخصية: فلسطين باقية

camera iconإيليا سليمان في لقطة من فيلم إن شئت كما في السماء يوتيوب.

tag icon ع ع ع

كثير من الصمت، شخص يراقب تفاصيل الناس والشوارع، صور جمالية.. يمكن أن تلخص هذه المشاهد آخر أفلام المخرج الفلسطيني إيليا سليمان “إن شئت كما في السماء” أو “it must be heaven”.

يأتي اختلاف الفيلم من عدم وجود موضوع محدد سوى المراقبة عبر ثلاث مدن، هي الناصرة في فلسطين المحتلة، وباريس ونيويورك.

غابت القصة ومعها الحوارات الطويلة والحبكة، وهذا الغياب هو سر جمال الفيلم وقوته، وما رشحه لجائزتين في مهرجان “كان” السينمائي حصل عليهما بالفعل في نفس عام عرضه (2019).

يظهر المخرج إيليا (وهو كاتب الفيلم) في معظم مشاهد الفيلم، يراقب بصمت ضمن روتين حياته اليومي، ويرصد عشرات التفاصيل التي تصلح لتتحول بحد ذاتها إلى أفلام سينمائية أخرى.

في الفيلم رسائل مختلفة، أهمها ضرورة مرونة السينما وصناعة الأفلام، وطريقة حكاية الروايات الشخصية للناس بطرق مختلفة وجديدة وغريبة بل وحتى غير مطروحة كثيرًا، وهو ما راهن عليه ونجح فيه إيليا في فيلمه.

يبدأ الفيلم بمشهد داخل كنيسة “القيامة” في مدينة الناصرة في أثناء صلاة دينية، بطقوس مسيحية وقسّ فلسطيني، ثم ينتقل بنا إيليا لمشاهد من المدينة، قبل قراره المغادرة إلى باريس لتأمين تمويل لفيلمه.

قبل المغادرة، يراقب إيليا امرأة فلسطينية تمشي في الحقول بلباسها التقليدي بين أشجار الزيتون، يكتفي بالمشاهدة ويشركنا معه لرصد تفاصيل الزمان الباقي الذي لم يتغير.

يصل إيليا إلى باريس، هناك انبهار واضح بالموضة والأزياء والشوارع وفن العمارة، وكما سخر من جنود الاحتلال الإسرائيلي في الناصرة، يعود ليصوّر منظر الدبابات في شوارع العاصمة الفرنسية، وهي تخترق مشهدًا جميلًا لإحدى العمارات الباريسية القديمة، في إدانة أخرى للسلطة الحاكمة وقوة العسكر.

يفشل إيليا بالحصول على تمويل الفيلم لأنه “ليس فلسطينيًا بشكل كافٍ”، وهو ما يسخر منه أيضًا بصمته أمام محدثه.

السخرية من العسكر والسياسة والحكم مستمرة مع وصوله إلى نيويورك، المدينة الأكثر بعدًا عن فلسطين جغرافيًا، لكنه يلتقي بسائق سيارة الأجرة الذي اندهش من كونه فلسطينيًا، بتعبير عن فرح نادر بطريقة متقنة.

هنا يرسل إيليا رسالته: “فلسطين هنا في قلب نيويورك، في قلب سائق سيارة أجرة بسيط يعرف عرفات ويعرف الفلسطينيين، لذا فلسطين باقية”، وصولًا إلى العرّاف الذي أخبره أنها ستخرج كدولة إلى حيز الوجود.

الجملة الوحيدة الذي قالها إيليا طوال الفيلم هي “أنا فلسطيني.. من الناصرة”، للرد على كل من اتهمه بالتطبيع مع إسرائيل، قبل مشهد ساخر من الشرطة الأمريكية تلاحق فتاة بجناحي ملاك رُسم على جسدها علم فلسطين.

مع المشاهد الأخيرة في الفيلم، وعودته إلى الناصرة، يعود إيليا إلى المرأة الفلسطينية التي راقبها في البداية.. لا تزال كما هي، عصيّة على التغيير والغياب، لذا “لا بد أنها الجنة” كما هي ترجمة الفيلم الحرفية من اسمه الإنجليزي.

العالم يتغير ويختل ويتطور صعودًا ونزولًا، لكن فلسطين في الفيلم حكاية مختلفة برأي إيليا، بكل سلبيات وإيجابيات أبنائها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة