“الكومبارس”.. فيلم يوثّق قصة دمشق خلف الأبواب المغلقة

لقطة من بداية الفيلم السوري "الكومبارس" إنتاج عام 1993

camera iconلقطة من بداية الفيلم السوري "الكومبارس" إنتاج عام 1993

tag icon ع ع ع

الدقائق الأربع الأولى من فيلم “الكومبارس” تكفي لتقديم شخصياته، إذ تحكي أحداثه قصة “سالم”، الشاب الذي يعمل في محطة وقود ويدرس بكلية الحقوق في نفس الوقت، ومن حين لآخر يعثر على دور “كومبارس” في مسرحية ما فيؤديه مستعيدًا حلمه القديم بأن يصبح ممثلًا نجمًا، رغم أنه يتأتئ في الكلام.

يجد “سالم”، الشخصية التي لعب دورها الفنان السوري بسام كوسا، في المسرح فسحة للتفكير بعيدًا عن فقره وفقر أسرته التي يعيش أفرادها السبعة في شقة من غرفتين.

وكأي تركيبة كلاسيكية للشخصيات الطموحة في السينما، تكون لشخصية البطل الذي يعاني مصاعب الحياة، شخصية داعمة له، وهي في فيلم “الكومبارس” الحبيبة الأرملة “ندى” التي جسدتها الفنانة السورية سمر سامي، والتي تعيش في منزل أخيها المزدحم بأربعة أولاد.

يبدأ مخرج الفيلم ومؤلفه، نبيل المالح، عمله بصور فوتوغراف ثابتة بالأبيض والأسود لمدينة دمشق، لحشود يلتقط من بينها شخصيتين بطريقة تجلب إلى العمل الروائي المزاج الوثائقي فتزيد من صدقيَّته لدى الجمهور.

وتكون البداية الدرامية الفعلية للفيلم لحظة دخول “سالم” شقة صديقه “عادل”، المكان المخصص ليواعد حبيبته “ندى”.

تدور أحداث العمل في مكان واحد، وليس ثمّة انتقال بين مكانين مختلفين لإنهاء مشهد وتأسيس مشهد جديد، والزمن نفسه مستمر دون انقطاع. يعني ذلك، التزام المخرج بالزمان والمكان وموضوع العمل.

تأخذ الكاميرا تلك اللقطة الواحدة من زاوية تُماثل في الارتفاع موقع جمهور مسرحي، وتشتمل على أماكن الأداء، وهي: باب البيت، وغرفة النوم، والمطبخ، والأريكة حيث تردد البطلة “ندى” وراء حبيبها بقولها “زوَّجتك نفسي”، ثم تسأله “هل ما فعلناه شرعي؟”.

مبررات فيلم “الكومبارس”، الذي أُنتج عام 1993، لأن تكون أحداثه واقعية لا مجرد تمثيل، هي أن هذه الحالة العاطفية التي يعيشها الحبيبان تكاد تتحطم باقتحام صوت سيارة الشرطة من النوافذ، وصوت الحشد في التظاهرة، وعزف الجار الأعمى، ووصول دورية الأمن، التي صوّرها المالح وكأنها تشوّه كل المشهد بالصفعة التي ضربها رجل الأمن على وجه “سالم” أمام حبيبته، حين اقتحم عناصر الأمن الشقة باحثين عن شخص مطلوب.

نهاية الفيلم تتمثل بمشاهدة “سالم” يخرج من البناء منهزمًا بعد كسر كرامته أمام حبيبته من قبل الأمن، وبعد ذلك لقطة عريضة تتسع وترتفع مع الشقق والشرفات المغلقة، ثم ترتفع مع أفق الحي ومدينة دمشق، لتؤكد البداية التي كانت في الصور الفوتوغرافية، وهي أن العدد اللانهائي من الشقق والأبنية يخفي خلفه عددًا لا نهائيًا من قصص مماثلة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة