صحة الوليد.. خلع الورك الولادي

صحة الوليد.. خلع الورك الولادي
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

“خلع الورك الولادي” هو مرض قديم، وسمي بذلك للاعتقاد الشائع سابقًا بأنه يحدث فقط داخل الرحم قبل الولادة، ولكن تبين لاحقًا أنه قد يتطور حتى بعد الولادة، لذا أصبح يسمى خلع الورك أو عسر تصنع الورك التطوري.

ما هو خلع الورك الولادي؟

هو مشكلة في مفصل الورك الواصل بين عظم الفخذ وعظم الحوض، في الوضع الطبيعي يكون رأس عظم الفخذ الكروي الشكل محتوى داخل تجويف في عظم الحوض المسمى الجوف الحقي، أما في حالة الخلع فيكون هناك عدم استقرار في المفصل، إذ يخرج رأس عظم الفخذ من الجوف الحقي بشكل تام ودائم (خلع تام)، أو بشكل تام أثناء الحركة فقط (قابلية للخلع التام)، أو بشكل جزئي يظهر أثناء الفحص السريري فقط (قابلية للخلع الجزئي).

يؤدي وجود رأس عظم الفخذ خارج الجوف الحقي إلى تشوه شديد في شكل المفصل، يزداد سوءًا مع نمو الطفل بحال بقي المفصل مخلوعًا، خصوصًا إذا بدأ الطفل بالمشي.

ويشاهد هذا المرض عند واحد من كل ألف شخص، وتزداد النسبة عشر مرات بحال كان أحد الوالدين مصابًا، وتزداد بوجود حالات خلع في العائلة. و80% من الحالات هن إناث، كما أن إصابة الجهة اليسرى أكثر شيوعًا، بينما تشاهد الإصابة في الجهتين معًا في 30% من الحالات.

وهناك نوعان من الخلع الولادي؛ الأول الخلع الشائع ونسبته 98%، ويحدث غالبًا في الفترات الأخيرة من الحمل؛ وإذا حدث في فترة الولادة أو ما بعدها، فيكون الورك في الغالب غير مستقر في فترة الحمل وينتج الخلع بعد ذلك.

النوع الثاني هو الخلع المعقد ونسبته ضئيلة جدًا، ويحدث في الفترات الأولى من الحمل وتصاحبه غالبًا تشوهات عظمية في العمود الفقري أو القدمين وغيرهما.

أسبابه

الأسباب الأكيدة غير معروفة، ولكن من العوامل المسهمة في حدوثه ارتخاء الأربطة المحيطة بالمفصل التي تثبت رأس الفخذ داخل جوف الحق؛ أو وضعية الطفل في رحم الأم؛ أو قلة السائل الأمينوسي المحيط بالجنين، أو الولادة المقعدية إذ يخرج وركا الوليد أولًا بدلًا من رأسه.

كما تسهم وضعية الطفل بعد الولادة في “القماط” في تطور المشكلة من عدم استقرار في المفصل إلى خلع كامل. ويمكن أن يساهم الحبس في الرحم في خلع الورك الولادي، وهذه الحالة أكثر شيوعًا في الحمل الأول، إذ لم يسبق للرحم أن تمدد.

أعراضه

لا تظهر أعراض الخلع في البداية، لذا يقوم الأطباء باختبار روتيني للمواليد عادة، وبحال وجودها فإنها تشمل:

  • عدم تناظر الطيات الإليوية عند الطفل.
  • وجود قصر عند مقارنة طول الرجلين يبعضهما.
  • تكون في بعض الأحيان الرجل ملتفة للخارج.
  • محدودية قدرة الطفل على الحركة (تحدد في فتح وضم الرجلين).
  • تأخر النمو الحركي (الجلوس والزحف والمشي) في بعض الحالات.
  • اختلاف في طول الساقين مع عدم تناظرهما.
  • العرج عندما يمشي الطفل.
  • المشي بالتمايل إلى الجانبين وتسمى مشية البطة.
  • إذا كان الطفل يعاني من خلع الوركين.

تشخيصه

التشخيص المبكر هام جدًا للعلاج، ولذلك يفحص أطباء الأطفال جميع المواليد في اليوم الأول من الولادة. ولأن الإصابة يمكن أن تتطور مع الوقت، فيجب متابعة تقصيها بفواصل منتظمة إلى أن يصبح الطفل قادرًا على المشي، وفي حال وجود علامات خلع أو عدم استقرار لمفصل الورك، تحوّل الحالة إلى اختصاصي جراحة عظام.

ويختلف تشخيص الإصابة بحسب عمر الطفل؛ فخلال أول شهرين بعد الولادة تشخص الإصابة بالفحص السريري للورك بتحريكه، وسماع أي صوت ينتج عن الحركة (اختبار أورتولاني واختبار بارلو)؛ كما يلجأ الأطباء للتصوير الإيكوغرافي للأطفال بعمر 4-6 أسابيع وحتى عمر 4 أشهر، ذلك أن الفحص السريري لا يمكّن الطبيب من اكتشاف كافة الإصابات.

بعد عمر 4 أشهر، يمكن التأكد من سلامة المفصل باستخدام الأشعة السينية للحوض ومفصل الورك؛ وفي حال أتم الطفل المصاب بخلع عامه الأول دون تشخيص واكتشاف الحالة، فأولى علامات الإصابة هي عرج مشيته، وقد لا يلاحظ الأهل ذلك مباشرة، خاصة بحال إصابة كلا المفصلين لعدم وجود عرج واضح في هذه الحالة.

العلاج

هدف العلاج هو وضع رأس عظم الفخذ في التجويف الحقي والمحافظة عليه إلى أن يتسنى للأربطة والعضلات المحيطة بالمفصل أن تحافظ على وضع المفصل الطبيعي وأن تنمو العظام بالشكل الطبيعي.

حالات عدم الاستقرار عند الولادة وليس الخلع الكامل، لا تستدعي علاجًا معينًا سوى المتابعة الطبية. ويوجّه الأهل لعدم لف الطفل بالقماط، ولوضع حفاضتين للطفل بدلًا من واحدة لإبقاء الفخذين في وضع مفتوح ليعود الورك مستقرًا بصورته الطبيعية، ويعود رأس عظم الفخذ مرة أخرى إلى التجويف الحقي.

أما حالات الخلع التام فيختلف علاجها بحسب العمر؛ دون 6 أشهر، يوضع رباط أو جبيرة (جهاز الخلع الولادي) تساعد على تثبيت المفصل. يلبسها الطفل عادة لمدة تتراوح بين شهرين إلى أربعة أشهر، وبعد ذلك يلبس الجهاز في أوقات النوم في الليل لحوالي ثلاثة أشهر.

وبعمر بين 6-12 شهرًا، فيصحح الخلع تحت التخدير الكامل مع إجراء أشعة للورك للتأكد من وضعية الورك عند رجوعه؛ ومن ثم وضع بنطلون جبسي لمدة 4 أشهر يغير الجبس خلالها تحت التخدير الكامل. ويأتي خيار التدخل الجراحي لإرجاع المفصل أخيرًا لهذه الفئة العمرية بحال لم تجد الطرق الأخرى، في حين يعتبر شبه ضروري للحالات بعمر فوق 12 شهرًا، إذ يوضع بنطلون جبسي لمدة 3 أسابيع إلى 4 أشهر، وتتفاوت نسبة نجاح العملية في إعادة المفصل لوضعه الطبيعي بهذا السن، وفي بعض الأحيان يستلزم القبول بالنتائج التي يصل إليها التدخل الجراحي مع الجبس لعدم وجود طرق أخرى ناجحة أو سهلة التنفيذ؛ وفي حالات أخرى، تقدم الجراحة نتائج ممتازة ولكنها تحتاج إلى خبرة كبيرة وتخصص في هذا المجال.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة