حنين إلى الماضي يدفع لإحياء التراسل الورقي

camera iconرسالة وصلت من صديق إلى صديقه في مدينة إسطنبول عبر البريد - 2019 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – سارة عابدي

من جرّب التراسل البريدي يعرف لذة الترقب الذي يرافق وصول مكتوب ما، وتلك الفرحة عند فتح الصندوق البريدي ورؤية المظاريف أو البطاقات البريدية الملونة مزدانة بالطوابع والكلمات اللطيفة، بهذه الكلمات تعبّر الناشطة الأردنية روان بيبرس عن مبادرتها لإحياء التراسل الورقي مجددًا في العالم العربي.

روان تعتبر في مدوّنتها “سلة رمان” أن التراسل البريدي “وسيلة أصيلة ومناسبة للذين يشعرون بالنوستالجيا لزمن لم يعرفوه”، مركزة عبر وسم “#هيا_نتراسل” في “إنستجرام”، على حماسة فتح الرسالة وقراءة الصفحة الأولى، التاريخ، الجملة الافتتاحية، المحتوى بأكمله الذي كُتب خصيصًا للمرسل إليه.

يعود تاريخ التراسل البريدي للقرن الخامس عشر، وصار متاحًا لعامة الناس بداية في بريطانيا وفرنسا في عام 1657، وبعدها بدأت دول العالم بجعل الخدمة للعامة بعد أن كانت مقتصرة على الجهات الحكومية فقط، بحسب كتاب “تاريخ الطوابع البريدية”.

وتراجعت المراسلة الورقية إلى درجة اختفائها مطلع الألفية الجديدة، مع بدء وصول الإنترنت إلى العالم.

يتشارك محبو المراسلة رسائلهم من كل البلاد، ويجدونها أكثر متعة وخصوصية، على حد ما قاله يوسف يوسف، وهو طالب سوري في مجال هندسة الإلكترون في تركيا (20 عامًا)، فـ“مواقع الإنترنت والتطبيقات صارت خالية من الصدق في توصيل ما تريد فعلًا توصيله بمحادثتك لخلوها من المشاعر، فلن يأخذ الأمر منك إلا عدة ثوانٍ كي ترسل رسالة عيد ميلاد لشخص ما مثلًا”.

لكن عندما ترسل رسالة المعايدة نفسها عن طريق البريد، سيشعر الطرف الآخر باهتمامك فعلًا لوجوده في حياتك، وقد خصصتَ له جزءًا من وقتك لتكتب وتجهز وترسل الرسالة التي كتبتها بحب، وليس إخلاء مسؤولية فقط كما نفعل غالبًا عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بحسب ما قاله يوسف لعنب بلدي.

وأضاف أن هناك سببًا آخر، وهو حبه للأشياء القديمة التي عاشها مع والده، وبقيت لديهم كذكريات في المنزل، كالرسائل الورقية وأشرطة “الكاسيت” والطوابع.

لا يريد يوسف للأشياء التراثية والعادات القديمة اللطيفة أن تختفي ببساطة، معتبرًا أنه “عندما تبدأ بهواية التراسل بالورق، ستدرك أنها نوع من أنواع الفنون أكثر من كونها هواية”.

كان يوسف يظن أنه من النادر أن يجد أشخاصًا آخرين يشاركونه هذه الهواية، بعدما جعل الإنترنت التواصل أسهل من التواصل البريدي بمراحل، لكنه اكتشف أناسًا يشاركونه نفس الهواية.

قدمت روان بيبرس، التي تحمل إجازة في التسويق ودرجة الماجستير في الهجرة والتنقل والتنمية، مجموعة من النصائح المساعدة للراغبين بالتراسل البريدي، من بينها شرح العنوان البريدي بحسب كل منطقة، والرسوم أو الاشتراكات المطلوبة لإجراء هذا التراسل، وما محتوى الرسائل المكتوبة وكيف تُعنوَن وتجهز ظروفها.

ولا تقتصر المراسلة على إرسال رسائل لمن نعرفهم فقط، بحسب روان، فمن اللطيف تبادل رسائل مع غرباء يصبحون أصدقاء مع الزمن، ففي البداية يجب أن تكونوا مبادرين وأن تسألوا أصحاب تلك الحسابات إن كانوا يرغبون بتبادل الرسائل معكم، وبعد فترة ستلاحظون أنكم بدأتم بتلقي تلك الطلبات أيضًا.

المدوّنة السورية لطيفة حميدو (26 سنة)، بدأت المراسلة الورقية منذ أن كانت في الصف الثاني عام 2002، وكانت تتبادل الرسائل مع صديقاتها في المدرسة، لكنها توقفت في المرحلة الإعدادية، وعادت إلى المراسلة قبل ثلاث سنوات.

وقالت لطيفة لعنب بلدي، إنها تحب المراسلة البريدية بسبب الحنين والحماسة، ولأنها تتضمن مواضيع مختلفة تمامًا عن المواضيع التي تحويها الرسالة الإلكترونية التي تصل سريعًا ونتلقى ردًا عليها بنفس اليوم.

تعرفت لطيفة إلى أصدقاء المراسلة عن طريق “إنستجرام”، وقالت إنها تراسل أختها عن طريق البطاقات البريدية في المناسبات والأعياد، معتبرة أن كتابة الرسائل ليست نشاطًا يوميًا، وتخصص له أوقاتًا مناسبة بحسب مشاغلها.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة