إجراءات لا تفلح بالحد من تفجيرات ترهب سكان الباب

camera iconتفجير سيارة مفخخة في مدينة الباب بريف حلب الشمالي 16 تشرين الثاني 2019 (مدينة الباب على فيس بوك)

tag icon ع ع ع

ريف حلب – عاصم ملحم

لا يستطيع مالك الحلبي، المقيم في مدينة الباب شمالي حلب، أن يركب سيارته دون فحصها خوفًا من وجود عبوة ناسفة ملصقة بها، واقتصر تنقله مع عائلته داخل المدينة على التحركات الضرورية فقط، خشية وقوع تفجير، أو حصول اشتباك مفاجئ بين مسلحين يعرض حياته وعائلته للخطر، وفق ما قاله لعنب بلدي.

نشطت في مدينة الباب بريف حلب عمليات الاغتيال بالرصاص أو عن طريق عبوات متفجرة ملصقة بالسيارات خلال الأشهر الماضية، كانت أحدثها محاولة اغتيال نقيب الصيادلة السابق، أحمد الحامد، في 13 من تموز الحالي.

ويرى الناشط في مدينة الباب معتز ناصر، أن “الوضع الأمني الذي تعيشه مدينة الباب مؤخرًا لا يُشعر بالأمان والطمأنينة، إذ لا يكاد يمر أسبوع دون أن يقع حادث تفجير، أو اغتيال، أو مشاكل بين أطراف مسلحة تُوقع قتلى وجرحى”.

فشل أمني.. ما الأسباب؟

“الوضع الأمني في الباب صورة مصغّرة لحالة الشمال السوري، فعلى الرغم من وجود المؤسسات الأمنية وتطور أجهزتها فإنها لا ترقى للمستوى المطلوب، ولا تحقق الأمان لسكان المدينة”، بهذه الكلمات وصف الطبيب عمار السايح الوضع الحالي في مدينة الباب، التي يقيم فيها.

وأشار السايح، لعنب بلدي، إلى وجود “عوامل أسهمت في تحقيق مطامع الراغبين بعدم استقرار المدينة، منها نقص الخطط الأمنية وقلة الاهتمام، وتعدد مراكز السلطة وأصحاب القرار، إضافة إلى وجود المؤسسات الوهمية غير الفاعلة على الأرض”.

بينما قال الناشط الإعلامي عمار نصّار، لعنب بلدي، إن “وضع المدينة شبه معقد، فقد تصل الخروقات الأمنية إلى ذروتها خلال أسبوع، وتنخفض في أسبوع آخر، ما يحرم سكان المدينة المعيشة الآمنة”.

ويعتقد نصّار أن “غياب الأحكام الرادعة، وانعدام هيبة للقضاء، وتدخّل الفصائل العسكرية بعمل المحكمة وأجهزة الشرطة، وحماية المتسببين بالخروقات الأمنية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، تتسبب بإضاعة كل الجهود المبذولة لتحقيق الأمان، وتؤدي بوضع المدينة الأمني إلى الأسوأ”

من المسؤول؟

حمّل الناشط عمار نصّار المسؤولية إلى “من نصّب نفسه في المجال الأمني بالباب، سواء جهاز الشرطة والأمن العام، أم الشرط العسكرية، أم أمنيات الفصائل الموجودة في المدينة”.

ويرى أن “الجانب التركي يتحمل المسؤولية، باعتباره المسؤول الأول عن ضبط حالة التسيب عند بعض الفصائل العسكرية المدعومة منه، وتنظيم عمل الشرطة العسكرية والقضاء”.

في حين أشار الناشط معتز ناصر إلى أن “عدم وجود مهنية للجيش الوطني، وفشله الملحوظ في إدارة أمن المنطقة، وغياب فاعلية الحكومة المؤقتة خاصة وزارتي الداخلية والدفاع، تزيد المسؤولية على تركيا بشكل مباشر”.

أما الطبيب عمار السايح، فاعتبر أن “المشكلة الموجودة في الباب تكمن في غياب الشخصية المركزية التي تقود التشكيلات من شرطة عسكرية وشرطة مدنية، وعدم منحها الصلاحيات اللازمة، ما أدى إلى الحالة الراهنة من تخبط وعدم انسجام الخطط وضياع فاعليتها”.

أين دور الشرطة العسكرية والمدنية

تحدث قائد الشرطة العسكرية في مدينة الباب، العقيد عبد اللطيف الأحمد، لعنب بلدي، عن “متابعة أدق التفاصيل بخصوص فرض الأمن”، مع مراعاة التوازن بين تعليمات الأجهزة الحكومية وعادات أهل المدينة والمهجرين إليها.

وقال الأحمد، إن “من بين آخر أعمال الشرطة، كان ضبط انتشار السلاح بين المدنيين، ومخالفة من يطلق النار سواء في الأعراس والمناسبات أم في غيرها، ومنع اللثام ومخالفة مرتديه، وإجراء مسح كامل للمدينة، ووضع حواجز متنقلة لضبط الأمن داخل المدينة”.

وأشار قائد الشرطة إلى وجود خطة مستقبلية “لإنشاء وحدة جمع بيانات هدفها التقصي وملاحقة العسكريين المتسببين بالخروقات، وإنشاء إدارة للسجلات العسكرية، وزيادة عدد العناصر لتمكين الأمن في المدينة”.

وكان المجلس المحلي في مدينة اعزاز وريفها أصدر قرارات لضبط الأمن في المدينة، كما قرّر وضع سيارة أمنية وشرطية أمام مدخل السوق الكبير في المدينة.

وجاء في أحد القرارات، “لضرورة المصلحة العامة وحسن سير العمل وحفاظًا على أمن وأمان الأهالي، يمنع منعًا باتًا حمل السلاح داخل الأسواق والمحلات التجارية، ويحال المخالف إلى القضاء”.

وللحديث عن دور الشرطة المدنية في متابعة التحقيقات بعمليات الاغتيال الأخيرة في المدينة وضبط الفلتان الأمني، تواصلت عنب بلدي مع قائد قوات الشرطة والأمن العام الوطني في الباب، الرائد هيثم الشهابي، لكنها لم تحصل على إجابة.

اغتيالات غامضة

يرى الطبيب عمار السايح أن الاستهدافات المباشرة في مدينة الباب لها أسباب عدة، منها زرع الفوضى وحالة عدم الاستقرار، وبعض الحالات تكون انتقامية أو لدوافع مادية، وفي أغلب الأحيان يكون هدف صاحب المصلحة منها تشويه الصورة الأمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وقال السايح، إن “أكثر ضحايا عمليات التصفية هم من المدنيين ممن لا يملكون خلفية عسكرية، وليسوا من أصحاب إشكالات الثأر أو الأموال”.

موقف مماثل عبّر عنه الناشط عمار نصار، إذ يرى أن بعض عمليات الاغتيال تكون “تصفية حسابات” بين الفصائل المسلحة، وغيرها استهدافات عن طريق عبوات لاصقة تقوم بها عدة جهات حسب المُستهدَف وتصنيفه وطبيعة عمله.

أما الناشط معتز ناصر، فيرى أنه من غير الممكن فهم انتقائية عمليات الاغتيال، لأنها ليست من مصدر واحد، فهناك جهات متعددة ومختلفة تنشط وتمارس هذه العمليات، ولكل جهة أهدافها وتبعيتها.

مآلات الفلتان الأمني على الناس

يغيب الرضا عن الحالة الأمنية في الباب عند المقيمين في المدينة، إذ صارت حياتهم وتحركاتهم اليومية أكثر تحفظًا نتيجة التوتر الأمني والحوادث المتكررة، التي تمر في أغلب الأحيان دون محاسبة الجناة.

أبدى الطبيب عمار السايح قلقه من غياب الأمن والأمان في المدينة، ما يشكل في نظره خطرًا على الجميع حتى من النواحي الاقتصادية وعجلة الحياة والعمل.

واعتبر أن غياب الأمن يزيد الوضع الاقتصادي للناس سوءًا، إذ إن عدم الاستقرار يعرقل التطور الاقتصادي ويجعل الناس في حالة من عدم الراحة، ويزيد وضع الناس المعيشي تدهورًا.

ومن وجهة نظر أخرى، فقد تأقلم مالك الحلبي وعائلته مع هذه الحال الأمنية التي وصفها بـ”السيئة”، خاصة أن بعض من تعرضوا للاغتيال أو محاولاته كانوا مع عائلاتهم وتعرضوا للإصابة، لذا صار يتبع إجراءات تجنبه الخطر، كالابتعاد عن أي مشاكل أمنية أوعسكرية، وفحص آليته قبل ركوبها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة