تقرير حقوقي يوثّق بالأدلة تجنيد روسيا مقاتلين سوريين بينهم أطفال للقتال في ليبيا

camera iconمقاتلون من “لواء القدس” الذي تشرف عليه القوات الروسية، يتدربون على القتال في البادية السورية- أيار 2020 (وكالة الأنباء الفدرالية الروسية)

tag icon ع ع ع

وثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تجنيد ما يزيد على ثلاثة آلاف سوري بينهم أطفال، على يد شركة أمنية روسية للقتال في ليبيا إلى جانب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بمواجهة حكومة “الوفاق الوطني” التي يترأسها فايز السراج.

واستعرض التقرير الذي صدر أمس، الثلاثاء 28 من تموز، أدلة وشهادات موسعة تؤكد ضلوع مجموعة “فاغنر” الروسية للتعاقدات العسكرية، بتواطؤ من النظام السوري، بتجنيد آلاف السوريين من محافظات عدة، إلى جانب “الجيش الوطني الليبي” الذي يقوده حفتر، وفق عقود تجنيد برواتب.

وأجرت المنظمة لقاءات مع 17 شاهدًا ومصدرًا مطلعًا، بينهم خمسة مقاتلين تم تجنيدهم للقتال في ليبيا، وآخر لا يزال ينتظر نقله إلى هناك، وذوي طفلين ممن أُرسلوا للقتال، إلى جانب شهادات ناشطين إعلاميين، وسيدة كانت على متن طائرة مسافرة إلى ليبيا تقل مقاتلين.

ومنذ كانون الأول من عام 2019، بدأت عمليات التجنيد في محافظة السويداء، لتنتقل بعدها إلى دمشق وريفها، ودرعا والقنيطرة وحماة وحمص ودير الزور والرقة والحسكة.

وقد لاحظ معدو التقرير تسارع وتيرة عمليات التجنيد في أيار الماضي مع اشتداد حدة القتال في ليبيا وهدوئها في سوريا، مؤكدين تواصلها حتى لحظة إعداده.

وطالت عمليات التجنيد مقاتلين في صفوف قوات النظام السوري، منهم من كانوا عناصر سابقين مع قوات المعارضة قبل إجرائهم “تسوية” مع النظام، إضافة إلى مدنيين لم يسبق لهم حمل السلاح، فضلًا عن حالات تجنيد أطفال دون 18 عامًا، تم بعضها دون علم ذويهم.

وتتم عمليات نقل المقاتلين إلى ليبيا عبر طائرات مدنية تابعة لشركة “أجنحة الشام” السورية، أو على متن طائرات عسكرية تنطلق من قاعدة “حميميم” العسكرية في اللاذقية، ينتهي بها المطاف في قاعدتي “الخادم” أو “الجفرة” العسكريتين في ليبيا، أو في مطاري “بنينا” أو “بني وليد” الدوليين.

ضلوع شخصيات تابعة للنظام

مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد، أكد في حديث لعنب بلدي، تواطؤ النظام السوري في عمليات تجنيد المقاتلين إلى ليبيا، من خلال ضلوع شخصيات تابعة له في تلك العمليات، ومنهم مدير مكتب حزب “الشباب الوطني السوري” المرخص من قبل النظام، ومسؤولون في صفوف قوات “الدفاع الوطني” التابعة له في محافظة السويداء، وقيادات في قوات “الفيلق الخامس” الذي أسسته روسيا.

وأشار الأحمد إلى أن هذا التواطؤ تم بسبب ضعف وهشاشة حكومة النظام، والجيش السوري، وعدم قدرتهما على مسك زمام الأمور في جميع المناطق السورية، ووجود شخصيات نافذة لديها سلطات وامتيازات.

مقابل ماذا؟

ولفت الأحمد إلى أن هؤلاء استغلوا الظروف الاقتصادية التي يمر بها السوريون وما يكابده بعضهم من حاجة وفقر، وأغروهم برواتب تتراوح ما بين 800 و1500 دولار أمريكي، وهو ما يعد مبلغًا جيدًا بالنسبة للأشخاص الموجودين في الداخل.

وأضاف أنه يمكن اعتبار الأموال هي الشيء المغري الوحيد لهؤلاء المقاتلين، فهم ذاهبون إلى نزاع لا يمت لهم بصلة وفي دولة بعيدة، وهو ما يأخذنا إلى سبب انطباق لفظ “مرتزقة” عليهم.

وتحدث تقرير المنظمة عن حالات تم فيها شطب أسماء ضالعين في قضايا أمنية ومطلوبين للنظام، لقاء التجنيد، إضافة إلى إعفاءات من الخدمة الإلزامية والاحتياطية في صفوف قوات النظام.

ولتوثيق مسارات نقل المقاتلين السوريين ووصولهم إلى ليبيا، اعتمدت المنظمة على مطابقة المعلومات التي حصلت عليها من الشهود عن تاريخ وموعد السفر، مع البيانات التي توفرها تطبيقات ومواقع مراقبة رحلات الطيران مثل “flight radar”، بحسب الأحمد.

كما حصلت على معلومات حول أماكن تدريب هؤلاء المقاتلين، ومراحل تحضيرهم للقتال والسفر، من الشهود الذي قابلتهم.   

موقف القانون الدولي

اعتبر الأحمد أن القانون الدولي لا يزال غير قادر على تحديد موقف صارم من هذه العمليات، فالدول تعمل حاليًا على إعادة فكرتها الاستعمارية لكن بطرق جديدة، وذلك عبر خلق شركات أمنية توظفها لهذا الغرض في محاولة لخلق “قوننة مقنعة” لتصرفاتها، والهروب من محاذير القوانين الدولية.

وبيّن أن الأمور ليست واضحة تمامًا، فنحن لا نتحدث عن “جهاديين” لديهم أيديولوجيات يدخلون بطرق غير شرعية إلى الدول من أجل القتال، أو عن تحالف دولي لقتال تنظيم “الدولة الإسلامية”، بل إن عمليات التجنيد تتم من خلال شركة أمنية ضالعة تعاقدت مع حكومة دولة، ومع أشخاص يقاتلون فقط لأجل الحصول على الأموال، وهنا يجب على المشرّعين وفقهاء القانون الدولي ملاحظة هذه الثغرات، ومحاولة وضع عقوبات مناسبة، وتطوير القوانين المتعلقة بذلك.

أما مسؤولية تجنيد الأطفال السوريين وإرسالهم إلى ليبيا، فيتحملها الأطراف الذين يقومون بذلك، وهم سيكونون مسؤولين أيضًا عن أي انتهاك يقوم به هؤلاء الأطفال في ساحة القتال.

وأكد الأحمد أن تجنيد الأطفال في أي نزاع مسلح يعتبر انتهاكًا و”جريمة حرب” يعاقب عليها القانون الدولي.

وتشهد ليبيا صراعًا على الشرعية والسلطة بين حكومة “الوفاق” المعترف بها دوليًا غربي ليبيا، والتي تتخذ من مدينة طرابلس عاصمة لها، تحت قيادة رئيس الوزراء، فايز السراج، منذ عام 2016، وبين اللواء خليفة حفتر، المدعوم من مجلس النواب بمدينة طبرق شرقي البلاد.

وتدعم كل من تركيا وقطر والأمم المتحدة حكومة “الوفاق”، بينما تقف كل من مصر والإمارات وروسيا وفرنسا بصف حفتر.

وكانت عنب بلدي سلّطت الضوء، في تحقيق سابق، على تجنيد المقاتلين السوريين في ليبيا من قبل روسيا وتركيا، وهذه الأخيرة نجحت بنقل مئات المقاتلين من الشمال السوري للقتال إلى جانب قوات حكومة “الوفاق”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة