“كورونا” يرهق سكان السويداء والحكومة لا تستجيب

camera iconدوّار في السويداء (السويداء 24)

tag icon ع ع ع

السويداء – ريان الأطرش

“أرتدي كمامتي لعدّة مرات في الأسبوع الواحد، لأني لا أستطيع شراء كمامة يوميًا، أفضّل أن أحضر لأولادي طعامًا بثمنها”، هكذا يروي محمد الفارس (اسم مستعار لأسباب أمنية)، وهو أحد قاطني مدينة السويداء، لعنب بلدي، معاناته مع ارتفاع أسعار وسائل الوقاية من فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).

في 29 من أيار الماضي، سجّلت السويداء أول إصابة بفيروس “كورونا” بحسب ما صرّحت به مديرية الصحة في المحافظة، ومنذ ذلك التاريخ بدأ عدد الإصابات بالارتفاع، ليصل مؤخرًا إلى 47 إصابة في مناطق مختلفة من المحافظة، مع تسجيل ثلاث حالات وفاة، وفق إحصائية وزارة الصحة حتى تاريخ إعداد التقرير.

وفي حديث لعنب بلدي، قال طبيب من منظومة إسعاف المشفى “الوطني” في السويداء (تحفّظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، إن الأرقام التي تعلنها مديرية الصحة في المحافظة “ليست دقيقة”، وإن الإصابات “أكثر من المعلن”.

وكان معاون مدير صحة دمشق، أحمد حباس، أكد في منشور عبر صفحته الشخصية في “فيس بوك“، أن “عدد الإصابات بالفيروس المعلَنة في سوريا، أقل بكثير من العدد الحقيقي”.

تكاليف الوقاية عالية

ترافق ارتفاع أعداد الإصابات في سوريا مع ارتفاع أسعار المواد اللازمة للوقاية من الفيروس، فقد ازداد سعر علبة القفازات (100 قفاز) من 800 ليرة سورية إلى 25 ألف ليرة، في حين قفز سعر علبة الكمامات (50 كمامة) من ألفي ليرة مع بداية انتشار الفيروس إلى 20 ألف ليرة حاليًا.

ويبلغ سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية نحو 2200 ليرة، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات.

ويعيش 83% من السوريين تحت خط الفقر، بحسب أرقام الأمم المتحدة، بينما يبلغ متوسط الرواتب 90 دولارًا، بحسب موقع “Numbeo” المتخصص برصد تكاليف العيش عالميًا.

وأكد عدد من الصيادلة في السويداء، التقتهم عنب بلدي، أن تسعير وسائل الوقاية من كمامات وغيرها يكون من قبل وزارة الصحة في حكومة النظام السوري.

وكان الصناعي عاصم طيفور، الذي يمتلك عدة شركات في قطاعات الصناعة والتجارة، ربط بين ارتفاع أسعار الكمامات وقرار فتح باب التصدير لها.

وأوضح أن القرار اتّخذ بناء على طلب غرف الصناعة والتجارة، ما أسهم في ارتفاع أسعارها.

وقال طيفور، “الأدهى من ذلك، تقدّم أحد الصناعيين بآلة إلكترونية لإنتاج كمامات ووُضعت في شركة الدبس، وهي تنتج نحو 300 كمامة في الدقيقة، لكن جاء القرار بإيقافها وإخراجها من المعمل”.

وتساءل طيفور عن سبب إيقافها، مشيرًا إلى أنها لا تكلّف الحكومة ليرة واحدة.

أعباء إضافية

يعاني أهالي السويداء في تأمين متطلبات حياتهم اليومية، في ظل ارتفاع الأسعار غير المسبوق، ليشكل شراء الوسائل الوقائية من فيروس “كورونا” عبئًا إضافيًا يزيد من معاناتهم، عدا عن اضطرارهم يوميًا للوقوف في طوابير وسط الازدحام.

وتحدث المواطن “أبو باسل” (اسم مستعار) لعنب بلدي، عن معاناته في سبيل الحصول على ربطة خبز واحدة قائلًا، “أخرج يوميًا في الصباح الباكر لشراء ربطة الخبز، وأنتظر لأكثر من ساعة مع عشرات الأهالي حتى يأتي دوري أمام الفرن الآلي في المدينة”.

وأضاف، “أرتدي كمامة من دون القفازات نظرًا لارتفاع أسعارها، وأستخدم كمامتي لمرات عديدة لمدة أسبوع كامل”.

وأشار إلى أن معظم الذين يقفون يوميًا أمام الفرن لا يرتدون الكمامات ولا حتى القفازات، ولا يراعون مسألة التباعد بين الشخص والآخر، لأنه “ليس بمقدور الأهالي سوى التضرّع إلى الله والاتّكال عليه والدعاء بابتعاد الفيروس”، على حد تعبير “أبو باسل”.

تقصير حكومي

أجمع عدد من أهالي السويداء، ممّن تحدثوا إلى عنب بلدي، على تقصير الحكومة في اتخاذ إجراءات لضبط انتشار العدوى بالفيروس، وطالبوها بتأدية مسؤولياتها أمام المواطنين.

وقال “أبو محمود”، وهو بائع خضار في المدينة، إن “الحكومة ملزمة بتأمين المواد اللازمة للوقاية من كورونا وتوزيعها مجانًا على الأهالي بسبب ارتفاع سعرها، لا سيما أن شريحة كبيرة من الأهالي لا تستطيع شراءها”.

وأضاف لعنب بلدي، “لا بد من فرض حظر شامل، وتأمين متطلبات حياة المواطن اليومية من قبل الحكومة وإيصالها إلى بيوتنا كما فعلت معظم دول العالم، ولكن مهما طالبنا وعلت أصواتنا، فإننا معتادون على أن المواطن آخر ما تفكر به حكومتنا”.

جهود فردية

في المرحلة الصعبة التي تمر بها سوريا بشكل عام، والسويداء بشكل خاص، انطلقت حملات عديدة في المدينة لمحاولة ضبط انتشار الفيروس أو تقديم المساعدة في حالة الإصابة أو التوعية من مخاطر الفيروس.

ورصدت عنب بلدي حملة “نحن قدها”، التي انطلقت مع بداية تفشي فيروس “كورونا”، بهدف توزيع سلل صحية أو ألبسة واقية.

وأفاد المتطوع في الحملة علي القادر (اسم مستعار لأسباب أمنية)، عنب بلدي، أن المتطوعين في الحملة يتواصلون مع مختصين ومختصات، ويقدمون استجابات بالتعاون مع خبراء في المجال الصحي.

ووفقًا لما ذكره المتطوع، فإن الحملة لا تزال مستمرة، إذ يجري التحضير لخطط استجابة في المناطق الأكثر انتشارًا للفيروس، إضافة إلى 100 سلة من التبرعات ستوزع في ريف السويداء ضمن حملة توعية، و12 ليترًا من الكحول وعلب الفيتامين، إضافة إلى تجهيز 20 قطعة لباس واقٍ لعمال النظافة مع قفازات وكمامات.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة