سماسرة “البطاقة الذكية” في حمص.. خدمة أم استغلال

camera icon"البطاقة الذكية" في سوريا- (سانا)

tag icon ع ع ع

حمص – عروة المنذر

لم يخلّص “ذكاء البطاقة الذكية” السوريين من معاناتهم مع طوابير الانتظار، ودفع الرشاوى للموظفين الحكوميين، على أبواب ”المؤسسة الاستهلاكية الاجتماعية” سابقًا، “والسورية للتجارة” حاليًا.

فسرعان ما ظهر في ريف حمص سماسرة يتقاضون مبالغ معيّنة من المواطنين، لمساعدتهم في تحصيل مخصصاتهم من المواد المدعومة، ما زاد معاناتهم في الحصول عليها.

وبعد ارتفاع أسعار السلع الأساسية في سوريا، أدرجت حكومة النظام السوري مخصصات من السكر، والزيت، والشاي، والأرز، على قائمة موادها المدعومة عن طريق “البطاقة الذكية”.

وبدأ اعتماد مشروع “البطاقة الذكية”، الذي تنفذه شركة “تكامل”، منذ آب عام 2018، لتوزيع المخصصات من مادة البنزين والمازوت والغاز، وتوفير المواد الغذائية الأساسية للأسر بأسعار مخفضة، وتحديد مخصصات العائلة السورية من هذه المواد شهريًا، تحت عنوان “ترشيد استهلاك المخصصات”.

عمولة تحصيل إضافية

يستغل بعض السماسرة حاجة أهالي ريف حمص الشمالي للحصول على مخصصاتهم من المواد المدعومة، والمتوفرة عن طريق “البطاقة الذكية”، إذ يأخذون “عمولة تحصيل” تبلغ 200 ليرة سورية، عن كل كيلوغرام أرز أو سكر أو ليتر زيت، ويقسم المبلغ بالتساوي بين السمسار والموظف في المؤسسة، الذي يقوم بدوره بقطع البطاقة وتسليم المواد للمواطنين.

زياد جودت (36 عامًا)، وهو عامل بناء من سكان مدينة الرستن، قال لعنب بلدي، “منذ بدء الحكومة بتحميل مخصصاتنا على البطاقة الذكية، استطعت الحصول على حصتي من المواد مرة واحدة بمفردي، لكنني اضطررت حينها لتعطيل عملي لمدة يومين كاملين”.

دفع ذلك زياد إلى الاستعانة بأحد السماسرة لتحصيل مخصصاته من البطاقة لاحقًا، الذي استغل حاجته وعدم قدرة المؤسسة على زيادة منافذ البيع، وتوفير الكميات المطلوبة، على حد قوله.

نور (تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية)، هو أحد السماسرة الذين التقتهم عنب بلدي، ويعمل أحد أقاربه في المؤسسة السورية للتجارة، ويقصده أهل منطقته لمساعدتهم في تحصيل مخصصاتهم.

يحصل نور على المخصصات لما لا يقل عن 150 بطاقة، ويتقاضى عن كل كيلوغرام واحد 100 ليرة له و100 ليرة لموظف المؤسسة، وقال إنه استطاع بذلك تأمين دخل إضافي.

وأضاف نور أنه بدأ بهذا العمل عندما طلب من أحد أصدقائه، الذي يعمل في “المؤسسة السورية للتجارة”، مساعدته في تحصيل مخصصات بطاقته وبطاقات أقربائه، ثم تحولت إلى “خدمة” يقدمانها للذين لا يرغبون بالوقوف في الطابور والانتظار طويلًا.

السمسرة تضاعف المعاناة

زاد ظهور سماسرة “البطاقة الذكية” من معاناة المواطنين غير القادرين على دفع مبالغ إضافية لتحصيل مخصصاتهم، فعند وصول المواد إلى مراكز “المؤسسة السورية للتجارة”، يقتطع الموظفون المخصصات للذين يدفعون عمولة إضافية لهم، ما يعقّد الأمور ويزيد من معاناة المواطنين المنتظرين في الطوابير.

فادية دلة، أرملة وأم لثلاثة أطفال من سكان مدينة تلبيسة، قالت لعنب بلدي، “في بداية كل شهر تبدأ معركتي على باب المؤسسة السورية للتجارة، لتحصيل مخصصات أسرتي، وأحاول التوفير قدر الإمكان، ولا طاقة لي بدفع المال لسماسرة البطاقة، لكن اعتماد عدد كبير من الأسر عليهم زاد معاناتنا، فبمجرد وصول البضاعة يبدأ الموظفون بقطع البطاقات التي يحصلون على عمولة من أصحابها، ونبقى نحن بانتظار المواد التي تزيد بعد انتهائهم لنتسلمها”.

وأضافت فادية، “قدمنا أكثر من شكوى، والموظفون والسماسرة لا يسرقون مخصصاتنا من المواد، لكنهم يسرقون وقتنا، وجميع الموظفين في المؤسسة يتقاسمون الأرباح، ولا أحد يلقي بالًا لمعاناتنا”.

“كورونا”.. سبب آخر للجوء الناس إلى السماسرة

مع زيادة انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) في سوريا، تقتضي الإجراءات الاحترازية التباعد الاجتماعي، الذي لا يستطيع المنتظرون في الطوابير تطبيقه، ما دفع عددًا من أهالي ريف حمص الشمالي للاعتماد على سماسرة “البطاقة الذكية” في تحصيل مخصصاتهم تجنبًا للعدوى.

خالد الأحمد (40 عامًا)، عامل في مزرعة بمدينة كفرلاها في سهل الحولة بريف حمص، قال لعنب بلدي إنه يلتزم بالإجراءات الوقائية الصارمة، لأن أفراد أسرته يعانون من أمراض مزمنة، ما يعرضهم للخطر في حال أُصيبوا بالفيروس، ولهذا السبب اضطر للجوء إلى السماسرة، تجنبًا للازدحام ونقل العدوى.

وبدأت “مؤسسة التجارة”، مطلع العام الحالي، ببيع السكر والأرز بموجب “البطاقة الذكية”، ويحصل الشخص على كيلوغرام واحد من مادة الأرز ومثله من السكر، على ألا تتجاوز حصة الأسرة المكونة من ثلاثة أو أربعة أفراد ثلاثة كيلوغرامات، والأسر المكونة من خمسة أو ستة أفراد، تحصل على خمسة كيلوغرامات من السكر وأربعة من الأرز، بينما يبلغ الحد الأعلى للأسر المكونة من سبعة أفراد، ستة كيلوغرامات من السكر وخمسة من الأرز.

وتباع 200 غرام من الشاي للفرد بسعر 900 ليرة سورية، ويباع كيلو السكر المدعوم بـ500 ليرة، وسعر كيلو الأرز المدعوم 600 ليرة، سورية وذلك من صالات “المؤسسة السورية للتجارة” حصرًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة