حوار مع فرمان محمود: آفاق ومخاوف بشأن الحوار الكردي- الكردي في سوريا

فرمان محمود عضو الحزب الديمقراطي الكردي "بارتي" (تعديل عنب بلدي)

camera iconفرمان محمود عضو الحزب الديمقراطي الكردي "بارتي" (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

حوار: أسامة آغي

تشهد المنطقة الشرقية في سوريا أحداثًا متسارعة وتسابقًا من الأطراف الفاعلة، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتركيا، على تثبيت نفوذها في المنطقة، وقد برزت خلال الأسابيع الماضية قضية الحوار الكردي- الكردي الذي لاقى ردود فعل متضاربة.

ويعتبر “المجلس الوطني الكردي” أحد المكونات السياسية التي شارك في الحوار، ما طرح إشارات استفهام حول مواقفه وممارساته السياسية التي توصف بالازدواجية، وذلك بعد مشاركته في تأسيس “جبهة السلام والحرية” التي تضم مكونات عربية وكردية في منطقة شرق الفرات، رغم أن المجلس جزء من “الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية” المعارضة، ويتبنى آراءه ومواقفه السياسية.

ولفهم تحركات “المجلس الوطني الكردي”، وتسليط الضوء على الحوار الكردي- الكردي ودوافع المجلس منه، التقت عنب بلدي بعضو المكتب السياسي للحزب “الديمقراطي الكردي” في سوريا (البارتي)، المهندس فرمان محمود.

هيمنة ونفوذ في المجلس

حول ازدواجية مواقف “المجلس الوطني الكردي” وما يدور حول خروجه عن توافقاته مع “الائتلاف” بعد انضمامه إلى الحوار الكردي- الكردي، واشتراكه في تأسيس “جبهة السلام والحرية”، قال محمود فرمان لعنب بلدي، إنه “يجب تمييز مرحلتين أساسيتين من عمر المجلس الوطني الكردي، المرحلة الأولى كانت تعبيرًا حقيقيًا عن تطلعات الحركة السياسية الكردية، والمكون الكردي عمومًا”.

ويرى محمود أن هذه المرحلة من نشوء “المجلس الوطني” حدثت مع بدايات الثورة السورية، وكان طرح المجلس “واقعيًا ووطنيًا”، وكانت تركيبة هيئاته جماهيرية، ضمت قطاعات واسعة من المستقلين، ومن مختلف الفعاليات الشبابية والنسوية، ومن فعاليات اجتماعية وثقافية.

ووفقًا لفرمان، تلقى “المجلس الوطني الكردي” دعمًا كبيرًا من رئيس إقليم شمال العراق، مسعود برزاني، وترك له حرية اتخاذ القرارات السياسية، مطالبًا إياه، كما قال، “بضرورة التنسيق مع جميع القوى الوطنية السورية”.

لكن فرمان محمود أضاف، لتوضيح سبب تغير سياسة “المجلس الوطني الكردي”، أن “طول أمد الثورة السورية، وما صاحبها من تعرجات وتدخلات وظهور التنظيمات الإرهابية، وتشكّل التحالف الدولي لمحاربة داعش، وممارسة سلطة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) لشتى أشكال القمع، وتنفيذ سلسلة اغتيالات بحق الناشطين السياسيين، وحاجة القوى الدولية الكبرى إلى احتواء جميع قوى الصراع من جهة، والعوامل الذاتية الداخلية، حيث الانشقاقات التي شهدتها كثير من الأحزاب المنضوية تحت لوائه، ودور المال السياسي، خلق قوى متنفذة في المجلس الوطني الكردي، استطاعت مصادرة إرادته وقراره وفرض توجهاتها بعيدًا عن واقع وطموح مكونات هذا المجلس”، بحسب تعبيره.

وبالتالي يعتقد فرمان أن “المجلس الوطني الكردي” يمر حاليًا بمرحلته الأصعب في الحوار الكردي- الكردي، مدفوعًا بعوامل فشله، ومستفيدًا من حاجة حزب “PYD” لتمثيل سياسي يستطيع من خلاله المشاركة السياسية في مفاوضات “جنيف”.

“جبهة السلام” ولدت بقيصرية

أعلنت أربعة كيانات معارضة للنظام السوري في منطقة شرق الفرات، في 29 من تموز الماضي، عن تشكيل “جبهة السلام والحرية”، المكونة من “المجلس الوطني الكردي” و”تيار الغد السوري” و”المجلس العربي في الجزيرة والفرات” و”المنظمة الآثورية الديمقراطية.

ويرى فرمان أن “جبهة السلام والحرية” جاءت عبر ولادة قيصرية، وبطريقة غير مألوفة ومفاجئة، ويعتقد أنها تفتقد إلى الدعم الشعبي، و”لم تلقَ ترحيبًا لدى كثير من القوى والفعاليات السياسية، الذين يرون فيها محاولة للالتفاف على موقع المجلس الوطني في الائتلاف السوري المعارض”.

واعتبر محمود أن “الائتلاف” هو أكبر تجمع سياسي، ويحظى بدعم واعتراف دولي، وأن “جبهة السلام والحرية تثير كثيرًا من المخاوف من جهة خلق شرخ بين المكونات السورية”، وأضاف، “حتى من جهة التوقيت فالشعب السوري بحاجة إلى إطار وطني جامع”.

ويتكون “الائتلاف” من عدد من الحركات والأحزاب والتجمعات السياسية، العربية والكردية والآشورية، بالإضافة إلى فصائل من “الجيش الحر”، وجماعة “الإخوان المسلمون”، والكتلة الوطنية الديمقراطية، والمكون التركماني، ورابطة “العلماء السوريين” الإسلامية، وفقًا للموقع الرسمي لـ”الائتلاف”.

وينصح عضو المكتب السياسي لحزب “البارتي” “المجلس الوطني الكردي” بقوله، “أعتقد أن المجلس الوطني الكردي مطالب في هذه المرحلة الحساسة من عمر الثورة السورية، بتكثيف جهوده وتواصله مع جميع قوى المعارضة، من أجل السعي إلى تحقيق أهداف الشعب السوري وفق القرار الدولي 2254”.

وحول إمكانية نجاح الحوار الكردي- الكردي وأهميته لسوريا، قال فرمان “لا أحد يستطيع الإنكار بأن التقارب الكردي– الكردي ضروري ومهم، ليس للمكون الكردي فقط وإنما لبقية المكونات السورية الأخرى أيضًا”. 

لكن يؤخذ على هذا الحوار اقتصاره على طرفين فقط، واستبعاده لقوى سياسية رئيسة، وهيئات ومنظمات المجتمع المدني، وعدم إشراك الرأي العام الكردي فيه، ويأمل أن ينتج هذا الحوار رؤية سياسية كردية- سورية، بعيدًا عن المحاور الكردستانية، ومنسجمة مع رؤى القوى الوطنية الديمقراطية للوصول إلى سوريا ديمقراطية تعددية، بحسب تعبيره. 

تعايش بين الإثنيات.. ولكن

تتهم القوى الكردية بفرض سيطرتها “بالقوة” في منطقة شمال شرقي سوريا، وممارستها انتهاكات بحق السكان من المكونات العرقية الأخرى.

وسبق أن أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تقريرًا، في آذار الماضي، قالت فيه إن هناك عملية إقصاء للمكون العربي عن مفاصل اتخاذ القرارات، داخل المؤسسات العسكرية والمدنية التابعة لـ”مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد).

وذكر التقرير أن أغلبية المكوّنات العربية في المنطقة تنظر بسلبية إلى “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والمؤسسات المدينة المرتبطة بها، لا سيما “مسد”.

وقالت وكالة الاستخبارات التابعة للجيش الأمريكي، بحسب التقرير، إن “قسد” و”وحدات حماية الشعب” (الكردية) تستأثران بمراكز السلطة واتخاذ القرارات حتى داخل الإدارات المدنية.

واعتبر التقرير أن هذا السلوك يؤكد عدم رغبة تلك القوات في تقاسم السلطة مع العرب، حتى في المناطق ذات الأغلبية العربية، على الرغم من أن أغلب العناصر المنتشرين على خطوط الجبهات في تلك المناطق هم من العرب.

ودفع هذا التقرير “مسد” إلى التقرب من العشائر العربية في المنطقة التي تتكون من عدة أعراق وإثنيات مختلفة، منها الآشوريون والسريان والعرب والكرد.

ويرى فرمان محمود عضو المكتب السياسي لحزب “البارتي”، أن “منطقة شمال شرقي سوريا هي منطقة تعايش إثنيات مختلفة”.

وأردف، “ولكن لا أتفق من جهة أخرى اعتبار هذا المكون أو ذاك هو الأكبر في المنطقة”.

وبرأيه، “توجد مناطق كردية يشكل الكرد فيها الأغلبية العظمى، ومع ذلك فإن الواقع السوري لا يحتاج إلى مزيد من التفكك، والحفاظ على الهوية الوطنية السورية باتت مسؤولية الجميع، باعتبارها الضامن الوحيد والكفيل بإنجاح الثورة السورية، وإسقاط النظام الدموي الإجرامي، وبناء سوريا جديدة لكل السوريين”.

لا أفق لمؤتمر وطني جامع

تعالت في الفترة الماضية أصوات تطالب بمؤتمر وطني جامع للسوريين، خاصة مع الخلافات السياسية والعسكرية لقوى الثورة السورية، وتزايد نفوذ روسيا وإيران في مناطق سيطرة النظام السوري، وتقدم الأخير واستعادته مناطق كانت تحت سيطرة المعارضة.

ويرى فرمان محمود أن الوضع الحالي للقوى السياسية المعارضة للنظام السوري، وتشظيها وارتهانها لقوى وأجندات دولية وإقليمية، لا تسمح لأي منها، ومن ضمنها “المجلس الوطني الكردي”، بإطلاق الدعوة إلى مؤتمر ينبثق عنه جسم وطني، بحيث يكون أكثر تمثيلًا من جميع الأطر الموجودة حاليًا، بحسب رأيه.

ويعتقد فرمان أن مؤتمرًا وطنيًا جامعًا ينبغي أن يكون “سوريًا صرفًا” لا سلطة لأحد عليه، وهو ما يتعارض مع مصالح العديد من القوى الدولية والإقليمية.

وأضاف فرمان، “لذلك ومن أجل نجاح مؤتمر كهذا، أعتقد أنه يستلزم من جميع الأطراف المشاركة فيه التوقيع على وثيقة عهد تتضمن ثلاثة مبادئ أساسية”.

وحدد محمود هذه المبادئ “بضرورة إنهاء جميع الاحتلالات داخل الأراضي السورية، وجميع منظومات الاستبداد، ومجيء نظام ديمقراطي تعددي”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة