مشكلة تسبب كثيرًا من الإحراج.. كيف نتعامل مع فرط التعرق

فرط التعرق
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

يتعرق جسم الإنسان، في الوضع الطبيعي، عند وجوده في بيئة حارة، إذ يحاول الجسم التكيف والتأقلم مع البيئة المحيطة للمحافظة على درجة حرارة الجسم الداخلية ضمن الحدود الطبيعية المقبولة، وذلك بهدف تمكين الجسم من أداء وظائفه الفيزيولوجية، ولذلك فإن ارتفاع درجة حرارة الجسم الداخلية يدفع الجسم للتعرق، لأنه يفقد الجسم الحرارة عن طريق التبخير.

ولكن يعانى العديد من الأشخاص من مشكلة كثرة التعرق، وهي مشكلة تسبب زيادة الالتهابات الجلدية، كما تؤدي إلى كثير من الإحراج بسبب رطوبة اليدين أو الملابس المبللة، كما أنها مشكلة مزعجة عمومًا.

ما المقصود بفرط التعرق

فرط التعرق (Hyperhidrosis) هو إفراز كميات كبيرة من العرق بشكل لا يتناسب مع الجهد المبذول، أو إفراز العرق بصورة زائدة عن المعدلات الطبيعية التي يفرزها الجسم دون بذل أي مجهود.

ومن الممكن أن يكون فرط التعرق في أوقات معينة فقط، مثل الانفعالات العاطفية أو في أثناء النوم، كذلك من الممكن أن يكون فرط التعرق في كامل البدن، أو يكون في المناطق التي توجد بها الغدد العرقية بشكل أكبر، مثل منطقة تحت الإبطين والوجه والكفين والقدمين.

تنتشر مشكلة فرط التعرق في جميع أنحاء العالم بين نحو 1-6% تقريبًا من المراهقين والبالغين، كما أن النسب لا تختلف بين الذكور والإناث.

وتظهر المشكلة، بشكل عام، في مرحلة الطفولة أو في مرحلة البلوغ، إلا أنها قد تظهر أيضًا في أي مرحلة من مراحل العمر.

ما أعراض وعلامات وجود فرط تعرق؟

هناك بعض العلامات التي تشير إلى وجود مشكلة العرق الزائد، وهي:

  • صعوبة الاحتفاظ بالملابس جافة: بلل الملابس بشكل شبه دائم، وخاصة في منطقة تحت الإبطين.
  • عدم وجود فائدة من مزيل العرق: تعذر القضاء على رائحة العرق الكريهة رغم استخدام أكثر الأنواع فعالية.
  • التعرق بعد الاستحمام: وعدم وجود علاقة بين النظافة والتعرق، إذ إن الأشخاص الذين يعانون من فرط التعرق يكتشفون وجود عرق في الجسم حتى بعد الاستحمام مباشرة.
  • التعرق في الأجواء الباردة: التعرق يرافق الجسم في الأجواء الحارة عادة، ولكن حين لا يرتبط بصيف أو شتاء فإن ذلك يشير إلى مشكلة فرط التعرق.
  • التعرق المستمر في الأطراف (فرط التعرق الراحي الأخمصي): حدوث تعرق مستمر في كف اليد وفي أخمص القدم، وعدم اقتصاره على المناطق المعروفة بالتعرق مثل الإبط والوجه.
  • بلل الثياب وأغطية السرير في أثناء النوم (فرط التعرق في أثناء النوم): يحدث ذلك على الرغم من أن درجة حرارة الغرفة وعدد الأغطية المستخدمة مناسب.

ما أسباب فرط التعرق؟

هناك نوعان من فرط التعرق، يمكن التفريق بينهما:

فرط التعرق الأساسي:

يقصد به فرط التعرق مجهول السبب (Idiopathic hyperhidrosis)، الذي قد ينطوي على مكوّن وراثي، إذ إنه ينتشر في العائلات أحيانًا، وهو الشكل الأكثر شيوعًا من فرط التعرق، وفيه يحدث فرط في تعرق الجسم بأي وقت، دون وجود سبب صحي معيّن أو نشاط بدني أو ارتفاع بدرجة حرارة الجو، وتتفاقم المشكلة عند تعرض المصاب للقلق أو التوتر أو الانفعال، أي إنه يرتبط بالحالة النفسية المضطربة، ويؤثر هذا النوع عادة على راحة اليدين وباطن القدمين (فرط التعرق الراحي الأخمصي) وأحيانًا على الوجه.

فرط التعرق الثانوي:

يقصد به فرط التعرق الناجم عن حالة طبية ما، وهو الشكل الأقل انتشارًا من فرط التعرق، وعادة ما يؤدي إلى حدوث التعرق في كل الجسم، وأكثر الحالات الطبية التي يرتبط بها فرط التعرق:

  • انخفاض نسبة السكر في الدم.
  • الداء السكري.
  • اضطرابات الهرمونات كما في سن الإياس عند النساء، وفرط نشاط الدرق، وورم القواتم (فيوكروموسايتوما) الذي يصيب غدة الكظر، والمتلازمة السرطاوية (كارسينوئيد).
  • العدوى كالإنفلونزا والتيفية والمالطية والسل والإيدز والتهاب شغاف القلب.
  • الحمل.
  • اضطراب الغدد اللمفاوية.
  • ارتفاع مستوى الأملاح في الجسم.
  • النوبة القلبية.
  • خلل في الجهاز العصبي الودي.
  • النقرس.
  • داء الرعاش (باركنسون).
  • البدانة.
  • انقطاع النفس في أثناء النوم.
  • إدمان المشروبات الكحولية والمخدرات.
  • الأورام المختلفة كاللمفومات واللوكيميا وسرطان الكبد وسرطان العظام.
  • تناول بعض الأدوية، مثل حاصرات مستقبلات بيتا والفيزوستيجمين والبيلوكاربين ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات والستيروئيدات والأتورفاستاتين والنابروكسين وأدوية الداء السكري.

كيف يمكن علاج فرط التعرق؟

للتخلص من فرط التعرق بشكل عام يمكن اللجوء إلى عدة إجراءات منها:

  • ارتداء الملابس الفضفاضة: لأن الثياب الضيقة التي تحتوي على الألياف الصناعية كالنايلون قد تؤدي إلى تفاقم الأعراض.
  • ارتداء الأحذية الجلدية: لأن المواد الصناعية الموجودة في الأحذية تزيد من التعرق.
  • ارتداء الجوارب: يفضّل السميكة والناعمة المصنوعة من الألياف الطبيعية لامتصاص الرطوبة.
  • الانتظار بين الاستحمام وارتداء الملابس: بعد الاستحمام يجب الانتظار بضع دقائق قبل ارتداء الملابس حتى يصبح الجسم باردًا وجافًا، خاصة بعد الحمامات الساخنة، ما يساعد في منع تعرق الإبطين بعد الاستحمام مباشرة.
  • حلق الإبطين: يمكن أن تقلل حلاقة الإبطين من التعرق المفرط لاحتواء الشعر على الرطوبة، كما أن حلاقة تلك المنطقة تساعدك في التخلص من رائحة الجسم الكريهة مع العرق.
  • الماء البارد لليدين والقدمين: غمس اليدين والقدمين المتعرقتين في الماء البارد لمدة 15 إلى 20 دقيقة في اليوم يمكن أن يخفف المشكلة إلى حد كبير.
  • التوقف عن التدخين: يرفع النيكوتين درجة حرارة الجسم، ويسرع نبض القلب، ويؤدي إلى عمل الغدد العرقية بمرور الوقت، لذا فالإقلاع عنه يساعد على الحد من التعرق الزائد.
  • استخدام مضادات التعرق الموضعية: تتوفر على شاكل بخاخ رذاذ أو على شاكل مرهم جِل أو كمستحلب، وتعمل مضادات التعرق على قتل البكتيريا المسببة للرائحة وتمنع الغدد العرقية من إفراز عرق تحت الإبط، ويعتبر مستحضر الألومنيوم كلوريد هيكساهيدريت الأوسع انتشارًا لهذا الغرض من بين هذه المستحضرات، ويتم دهن هذه المستحضرات المضادة للتعرق قبل النوم وعلى جلد جاف في المناطق التي ينمو فيها الشعر بمنطقة الإبطين، ثم يتم غسلها في الصباح.
  • الأدوية الفموية: هناك عدة مجموعات دوائية قد تفيد في العلاج:
  1. مضادات الكولين (أوكسيبوتينين- بروميد البروبانثيلين) التي تقلل التعرق للجسم بأكمله، وقد تكون لها آثار جانبية، مثل الإمساك واحتباس البول والدوخة وجفاف الفم.
  2. أدوية الاكتئاب التي تساعد على معالجة القلق الذي يؤدي إلى نوبات التعرق وخاصة في منطقة الوجه.
  3. البنزوديازيبينات (كلونازيبام) التي قد تمنع العلامات الجسدية للقلق مثل التعرق.
  4. حاصرات قنوات الكالسيوم والإندوميتاسين قد تفيد في علاج فرط تعرق الراحتين.
  • الحقن الموضعي بذيفان الوشيقية (البوتوكس): فقد تبين أن هذه المادة ناجعة بفضل تأثيرها المضاد للأستيل كولين في مستوى التقاء العصب مع العضل وكذلك في مستوى التعصيب الودي لغدة العرق، بالنتيجة فإنها تقلل كمية العرق المفرز في وحدة المساحة من جلد العضو المصاب، لذلك يمكن أن يفيد حقنها في الوجه أو كف اليد، فعند فرط التعرق في كف اليد يتم حقن 50 حقنة تحت الجلد لكميات قليلة جدًا من الذيفان، وهذا يؤدي إلى توقف التعرق لفترة ما بين أربعة و12 شهرًا.
  • الإرحال الأيوني: يستخدم لعلاج فرط التعرق الراحي الأخمصي، ويتمثل بوضع اليدين أو القدمين أو كلتيهما في وعاء يحتوي على مستوى ضحل من المياه، بحيث يتم تمرير تيار كهربائي منخفض الشدة عبره لمدة تتراوح بين عشرين إلى ثلاثين دقيقة، ويُعتقد أن فعاليته ناتجة عن قدرته على الحد من خروج العرق إلى سطح الجلد، وتجدر الإشارة إلى إمكانية إجراء ذلك في المنزل، بحيث يتم تطبيقه عدة مرات في الأسبوع الواحد في بداية العلاج، ويجدر التنويه إلى أنه يمنع استخدام هذا الإجراء على المرأة الحامل والأشخاص المصابين بالاضطرابات القلبية، أو مرضى الصرع، أو الأشخاص الذين خضعوا لزراعة مفصل صناعي أو جهاز تنظيم ضربات القلب.
  • الجراحة: هناك عدة أنواع للعمليات الجراحية لعلاج فرط التعرق:
  1. عملية قص جزء من الأعصاب الودية التي تقوم بتعصيب الغدد العرقية في أماكن مختلفة من الجسم، ويتم قصها في الفراغات ما بين أضلاع القفص الصدري، والمضاعفات التي يمكن أن تنشأ عن هذه العملية تتعلق بفرط التعرق التعويضي، أي ظهور فرط التعرق في منطقة أخرى من الجسم لم تكن مصابة بهذه الظاهرة قبل العملية.
  2. علمية جراحية لاستئصال الغدد العرقية في الأماكن المصابة.
  3. شفط الدهون تحت الجلد في الأماكن المصابة بفرط التعرق، ما يؤدي إلى إزالة الغدد العرقية ويقلل من الظاهرة.
  • الليزر: تتم عملية علاج فرط التعرق بالليزر من خلال تقطيع القنوات العرقية وشفط الغدد العرقية بطريقة آمنة تمامًا، فينتج عن ذلك تقليل عدد وكفاءة الغدد العرقية، وبالتالي انخفاض مستوى التعرق إلى المستوى الطبيعي، وما يميز هذه العملية عن بقية الأساليب هو انعدام وجود آثار جانبية أو مضاعفات، بالإضافة إلى الوقت الوجيز الذى تتم خلاله العملية (تستغرق العملية بالكامل نحو ساعة واحدة).





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة