رجل في الأخبار.. تدوينات محمد أوسو المرئية تعيد تواصله مع الجمهور

الممثل السوري محمد أوسو - (تعديل عنب بلدي)

camera iconالممثل السوري محمد أوسو (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

“عدونا الأول الذي يسمح لكل هذه الأمور أن تحدث هو أننا نفتقد لنوع من الوعي، الوعي الذي يلزمنا لنستطيع أن نتعايش مع بعضنا بسلام”.

يسرد الفنان السوري محمد أوسو، في “أسرار” ينشرها عبر “يوتيوب”،بالحديث عن أسباب الوضع الأمني والسياسي المتردي في منطقة الشرق الأوسط، من وجهة نظره، التي يقول إنها قد لا تكون صحيحة، لكنه يركز على أن معظم الأزمنة التي مرت على هذه المنطقة كانت محشوة بالحروب والدماء والصراعات، وذلك بسبب عدم امتلاك أفراد هذه المنطقة وعيًا يسمح لهم بالتعايش بين بعضهم، على الرغم من تنوعهم دينيًا وعرقيًا وقوميًا وإثنيًا.

وضرب أوسو مثالًا بسيطًا، على حد تعبيره، لشرح مضمون فكرته، ففي سلسلة “أسرار محمد أوسو” قال الفنان مستاء، “نحن كأديان، هناك من ينظر إلى نفسه كشعب الله المختار، وآخرون يعتقدون بأنهم أبناء الرب، وآخرون يرون بأنهم خير أمة أخرجت للناس”، وهذا الاعتقاد يؤدي إلى استمرار الصراع في المنطقة باقتتال دائم إلى أن يسيطر طرف على الآخر، وبعد فترة يشتد عود الطرف الضعيف المغلوب كي لا يوفر فرصة فرض سيطرته والاستيلاء على الطرف الغالب في وقت سابق.

“جيلنا أكل الضرب”

ولم يتحدث أوسو عن فكرة التعايش هذه كي تُطبق في الوقت الحالي، لأن “جيلنا أكل الضرب” وانتهى الأمر، وفق تعبيره، وإنما يبوح بأفكاره للأجيال المقبلة التي يمكن أن تستفيد من حديثه.

“لا تطلبن محبة من جاهل، المرء ليس يحب حتى يفهما”، يقتبس أوسو كلمات الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي ليدعم فكرته عن التفاهم، الذي من دونه لا يستطيع أفراد المنطقة أن يعيشوا بتوافق آمن وهم بذات الثقافة التي تتطلب الجرأة لتتغير.

ويوجد أشخاص يستفيدون من أي انقسام يحدث أو يمكن أن يحدث، بحسب أوسو، الذي تمنى أن تتشكل حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، وأن يبتعد الشخص في بلدان الشرق الأوسط عن “استئثار الأمور لنفسه”.

تدوين مرئي

في أيار الماضي، نشر الفنان أوسو أول تسجيل مصوّر له ضمن سلسلة “أسرار محمد أوسو”، ليستثمر مواقع التواصل الاجتماعي كي يعيد تواصله مع جمهور غاب عنه 13 عامًا من خلال الشاشة الصغيرة، فمنذ عام 2007، كانت آخر شخصية محورية أداها هي “هارون”، في مسلسل “كثير من الحب كثير من العنف” وشاركته بطولة العمل الفنانة نادين سلامة، والفنان عبد الحكيم قطيفان.

ومنذ ذلك الوقت لم يلعب أوسو أي شخصية في أي عمل درامي تلفزيوني.

وتعتبر هذه التسجيلات الذي يستمر أوسو برفعها عبر “يوتيوب”، ضمن ظاهرة “المدونات المرئية” أو ما يعرف بـ”Vlog“، التي انتشرت في الوقت الذي اهتم الجمهور بصناعة محتواه بنفسه عبر المنصات المرئية في الإنترنت مثل “يوتيوب”، ليتحدث من خلالها عن يومياته أو قضاياه أو آرائه في مجالات الحياة المختلفة.

ولا يعد أوسو الوحيد من بين الفنانين السوريين الذين بدؤوا بالتواصل مع جمهوروهم عبر تدوينات مرئية تُرفع بشكل منتظم عبر “يوتويوب”، إذ بدأ في مؤخرًا الممثل السوري باسم ياخور بنشر مقاطع مسجلة عبر قناته الافتراضية في “يوتيوب”، للتحدث مع الجمهور عن كواليس أعماله ومهنة التمثيل.

وترتكز تدوينات أوسو المرئية على سرد محطات من حياته الشخصية التي أسهمت بوصوله إلى عالم التمثيل، ففي أول خمس حلقات من السلسلة تحدث عن مغامراته بالهروب من المدرسة لقراءة الروايات والكتب، وهوسه بحلمه وهو التمثيل، وكيف كان للفنان السوري ياسر العظمة أثر كبير على بداية خطواته نحو الشهرة.

ويتجه ياسر العظمة أيضًا للتواصل مع الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد انقطاع طويل، في برنامج سمّاه “إن رضيت دمشق“.

الفنان السوري ياسر العظمة في مقطعه الترويجي لبرنامج جديد يحمل اسم “إن رضيت دمشق” - 20 من آب 2020 (يوتيوب)

ولا يكون الحديث في معظم وقت حلقات محمد أوسو عن حياته الشخصية، وإجابات لطالما انشغل معجبو أوسو بطرح أسئلتها، بل يخصص في بعض الحلقات جزءًا منها للحديث عن قضية معينة أو فكرة وُجدت في باله، كالسر رقم “11” الذي عنونه بـ”مشاكل مسلسل هارون” والحديث عن الحب، بينما كان النصف الأول من الحلقة عن التعايش السلمي بين شعوب منطقة الشرق الأوسط.

اقرأ أيضًا: ياسر العظمة ينقلب على التلفزيون وشركاته

استهلاك “أفشل” أعمالًا جديدة

في نيسان عام 2019، كان أوسو قد عاد إلى العمل الدرامي عبر مسلسل أطلق عليه اسم “الأعدقاء”، في إشارة إلى الأصدقاء والأعداء، وطرحه على الجمهور من بوابة “يوتيوب”، وكانت قصته تدور حول حياة شاب سوري (محمد أوسو) لجأ إلى أمريكا، ودخل فيما يبدو في دوامة من المشكلات المرتبطة بأسرته في سوريا، وبفتاة كانت تطلب منه المساعدة قبل أن يعرفها شخصيًا، وبصديق استدان منه المال ولم يعده.

إلا أن هذا العمل لقي انتقادات عديدة من الجمهور، إذ التزم أوسو بنمطية شخصياته السابقة، وبالنكتة السريعة التي استهلكها في أعماله التلفزيونية، إذ عاش أوسو بين السوريين، كفنان ذي شخصية متميزة ببساطتها وخفة ظلها، بدءًا من شخصية “كسمو” في مسلسل “بكرا أحلى”، ثم شخصية “سلطة” في مسلسل “كسر الخواطر”، لتتحول مشاهده إلى مقاطع متفرقة يتناقلها الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويحوز أسلوبه الكوميدي على إعجاب فئة كبيرة من الجمهور السوري.

وكانت الشهرة التي حققها الفنان أوسو ظاهرة لافتة، إذ لعبت شخصيته الأولى (كسمو) دورًا كبيرًا في انتشاره، خصوصًا أن أوسو اعتمد في الشخصيات التي لعبها، وهي من تأليفه، على شخصيات شعبية قريبة من الناس، وكان لهذا الدور الأكبر في تحقيقه هذا الانتشار.

وكان مسلسل “بكرا أحلى” نقلة نوعية في حياة أوسو الفنية، بعد تجربته في كتابة لوحات منفصلة، من “بقعة ضوء” و”مرايا”، إذ فاز المسلسل بجائزة “مهرجان دمشق للأعمال التلفزيونية”.

ورغم عدم ظهوره في الإعلام، وغيابه عن الساحة الدرامية لسنوات، بعدما اعتقله النظام السوري عام 2012 بسبب معارضته له، ثم مغادرته سوريا، فإن أعماله تركت بصمة واضحة لدى الجمهور السوري، الذي يطالب بصورة مستمرة بعودته إلى الدراما السورية.

وبرز ذلك جليًا عندما أعلن الممثل وائل رمضان عن جزء ثانٍ من مسلسل “بكرا أحلى” عام 2005، الذي ألفه أوسو ولعب دور البطولة فيه، إذ اعتبر الجمهور أن وجود أوسو في المسلسل شرط لنجاحه، وإلا سيكون محكومًا عليه بالفشل.

وكانت شخصية “هارون” هي الشخصية المحورية الأخيرة التي أداها أوسو، قبل أن يتحول إلى أداء الأدوار المساعدة، فيما يعتبر تراجعًا في مسيرته الفنية، فقدم دورًا صغيرًا في مسلسل “الوزير وسعادة حرمه” بطولة أيمن زيدان، الذي لم يحقق نجاحًا يذكر.

وكان النظام السوري اعتقل أوسو بعد اندلاع الثورة عام 2011، ولف الغموض مصيره، إذ تداول ناشطون أخبارًا عن تصفيته في المعتقل، ليظهر في صورة جمعته بالممثل السوري المعارض عبد الحكيم قطيفان عام 2016، بعد أن غادر سوريا باتجاه الولايات المتحدة الأمريكية، التي يقيم فيها منذ أكثر من ثلاث سنوات.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة