تعا تفرج

البروتستانت الصينيون يقتلون الشيشان

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

كان يعيش في بلدتنا رجل طيب ومحترم يقال له أبو صلاح. كنا نلقبه “الشارد”، لأنه يبقى مشتتَ الذهن، فكأنّ عقله يعمل بحل عشرين مسألة رياضية في آن واحد، وعندما يدخل أحد أبناء أخيه أو أخته ويحكي له حكاية واقعية مضحكة، كان ينفُض رأسَه وكأنه يستفيق من حلم، يفكر بالقصة قليلًا، ثم ينفلت بالضحك، ويقول: الله عليك يا فلان، ضحكتني وما كان جاية عَبَالي أضحك. كه كه كه.. ولا يتوقف عن الضحك حتى يصبح على حافة السعال.

هذا الأمر يحصل مع كاتب هذه الأسطر، في هذه الأيام، إذ بينما أكون غارقًا في الحزن على بلدنا التي هدمتها سلالةُ حافظ الأسد الخسيسة بالاشتراك مع العصابة التي يقودها وريثه المسطول، وأتفرج على خيبات المعارضين، واقتتال الفصائل المتأسلمة فيما بينها واستبدادها بالأهالي، وتفاهمات الدول الغازية على تقاسم النفوذ في سوريا، وأنتظر إحصائيات “كورونا” على أمل أن تنخفض، ولكنها ترتفع، وتزداد نسبة الوفيات، وفجأة يأتيني خبر، أو أقرأ تعليقًا، أفكر فيه مليًا، ثم أنفلت بالضحك مثل العم الشارد “أبو صلاح”.

البارحة أرسل إليّ أحد الأصدقاء رابط فيديو متداولًا بكثرة على صفحات التواصل الاجتماعي، يتحدث فيه الدكتور سعد فايز جابر، وزير الصحة الأردني، عن انتشار وباء “كورونا” في الأردن، ونصحني بمشاهدته. نفضت رأسي وتساءلت عن السبب الذي يجعل صديقي ينصحني بمشاهدة هذا الفيديو بالذات. وقبل أن أفتحه توقعت أن معالي الوزير سيقدم إحصائيات عن انتشار “كورونا” في الأردن، ويعطي فكرة موسعة عن الإجراءات التي تتبعها وزارته للوقاية والعلاج، ولكن، بعد أقل من نصف دقيقة من بداية الحديث، يقول الوزير، حرفيًا: لغاية البارحة، تم إلقاء القبض على 73 ممن حاولوا الهرب من مراكز الحجر، وتم إلقاء القبض على عدد من الذين يضعون الكحول في أنوفهم لكي يكون الفحص سليمًا!

ضحكتُ لأن هذا الفيديو ذكرني بالناطق الرسمي لوزارة الداخلية السورية في الثمانينيات، عندما كان يظهر في فترات متقاربة ليدلي بحديث يتعلق بضبط خلية إرهابية، مستخدمًا عبارة “تم القبض على…” بمعدل خمس مرات في الثانية!

ولكن هذه الذكرى جعلتني أكتئب، وأعود إلى حالة الشرود التي ورثتها من العم “أبو صلاح”، ولكي أتخلص منها ذهبت إلى رابط زاويتي في صحيفة “عنب بلدي” المعنونة “خذوا ماكرون واتركوا لنا فيروز”. لم أكترث بالتعليقات التقليدية التي تقول لي: تضرب، سخيف، بايخ، حقير، عليك وعلى عنب بلدي… فهذه اعتدنا عليها، ولكن ما أدهشني وأعادني إلى حالة الشرود، تعليق طويل كتبه أحدهم يقول فيه ما معناه إننا، نحن المسلمين، يجب أن نقاطع فيروز لأنها نصيرية (يقصد نصرانية)، تحب حسن نصر الله، وعندها ولد شيعي (يقصد: شيوعي) اسمه غسان الرحباني (زياد)، وهم من طائفة فلاديمير بوتين الذي يقتل شيوخنا ونساءنا وأطفالنا (فكأن بوتين لا يقتل شبابًا وصبايا)، ولهم علاقة قوية مع المذهب البروتستانتي الحاكم في الصين، الذي يرتكب المجازر بحق إخوتنا الشيشان (يقصد الإيغور).

وبقيت أقرأ حتى استغرقت بضحك أوصلني إلى حافة السعال.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة