تعا تفرج

تحية إلى كل من يفخخ ويفجر

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

أشعر بالسعادة عندما يصلني خبرٌ ملخصه أن جهة ما، معلومة أو مجهولة، قامت بتفجير سيارة مفخخة، أو موتوسيكل، أو حتى بسكليت صغير ذي مرايا وطويطات، في تجمع للمدنيين، فيُقتل منهم من يقتل، ويجرح من يجرح، ويعيش الآخرون في ذعر، وحزن، وألم…

حينما سمعت بتفجير مدينة الباب الأخير، سررت أكثر، لأنه تفجير، ما شاء الله كان، يعبئ الرأس، 18 قتيلًا وقعوا على الأرض مثل أكياس الخردق، (لا مِن تمهم ولا من كمهم) والجرحى، يا سلام، سبعون، وإذا الحظ واتى فلا بد أن ينقص عدد الجرحى، مع مرور الأيام، ويزيد عدد الوفيات، فتكون الغلة محرزة، بالصلاة على أشرف الخلق، سيما وأن تفخيخ السيارة وتفجيرها يكلف نقودًا، فتخيلوا لو أن كل هذه التكلفة راحت على قتيلين وكم جريح! أي والله ما بتحرز.

سعادتي بنبأ تفجير مدينة الباب جعلني أهرع إلى اللابتوب، أفتحه وأباشر التقليب في مواقع الإنترنت، باحثًا عن فيديو للتفجير، وعندما عثرت عليه جلستُ “أستمخّ وأمزمز” بأحداثه، وقد أعجبني، على وجه الخصوص، منظر الطفل الذي يحمله رجلان من “الدفاع المدني” ويركضان به، وأقول لنفسي: سلمت يدا كل من جهز، ومن فخخ، ومن أمسك جهاز الروموت كونترول وضغط على الزر، فهذا الطفل، مثلًا، لولا التفجير ممكن أن يعيش 80 سنة أخرى، خاصة إذا كانت سلالته خالية من الأمراض الوراثية، كتصلب الشرايين، والسكري، وارتفاع الضغط، والتهاب الكبد الفيروسي، وأما الآن فقد لا يصل به الرجلان إلى باب مركز الإسعاف إلا ويكون قد فارق الحياة، ووقتها، بلا شك، سأتذكر أطفال الغوطة وخان شيخون الذين قتلهم ابنُ حافظ الأسد بالكيماوي، والأطفال الذين قُتلوا بالقذائف والبراميل في مختلف أنحاء البلاد، وعددهم بالألوف، وأقول لنفسي، يجب ألا نغضب من هؤلاء المجاهدين لأنهم يكتفون، في كل تفجير، بقتل عشرة أو 20 إنسانًا بينهم عدد صغير من الأطفال، فابن حافظ الأسد عنده جيش ودولة وشبيحة، ووراءه إيران و”حزب الله” وروسيا، وأما هم فعددهم قليل، وتمويلهم شحيح، وكل إنسان يشتغل على قد إمكانياته.

تعمقت بالبحث أكثر، حتى وصلت إلى خبر موسع نشرته صحيفة “عنب بلدي” ينص على أن فرق “الدفاع المدني” استجابت لـ13 تفجيرًا خلال أيلول الماضي، ضربت مختلف مناطق سيطرة المعارضة في محافظة إدلب وريف حلب، وهذا لا يزيد في حالة السرور والبهجة عند الإنسان وحسب، بل ويطمئنه إلى أن وتيرة استهداف المدنيين في تصاعد مستمر، وهذا التصاعد يعوض سكان هذه المنطقة عن قصف الطيران الأسدي والروسي المتوقف منذ فترة، وأظن أن عقل الإنسان لا يمكن أن يقبل بأن يعيش هذا الجزء من الشعب السوري فترة طويلة دون أن تصل إلى أذنيه أصوات البُمّ والدُمّ والخبط والرقع التي اعتاد عليها خلال السنوات التسع الماضية، فلو حصل ذلك هل تتوقعون ماذا سيحصل بعدها؟

نعم، نتوقع أن يبطر هذا الشعب، ويطالب بطعام جيد، ورعاية صحية، وماء وكهرباء ومدارس للأطفال، ولا تستغربوا أن يطالب البعض بإنشاء حدائق عامة!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة