الملايين تُضخ.. كيف تُستخدم “مواقع التواصل” في سباق الانتخابات الأمريكية

camera iconمناظرات ترامب وبايدن في الانتخابات الرئاسية، 19 تشرين الاول 2020 (BBC)

tag icon ع ع ع

لا تزال الانتخابات الرئاسية الأمريكية والمنافسة بين الحزبين “الجمهوري” و”الديمقراطي” تتصدر أخبار وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية، وذلك مع اقتراب موعدها وترقب إعلان نتائجها مطلع تشرين الثاني المقبل.

ما يميز الانتخابات الأمريكية هو دور وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما “تويتر” الذي استخدمه كل من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ومنافسه، جون بايدن، كأداة مستقطبة وموجهة لآراء الشارع الأمريكي، ومؤثرة في خياراته.

ومن المقرر إجراء الانتخابات في 3 من تشرين الثاني المقبل، إذ أدلى 13 مليون ناخب أمريكي (أكثريتهم ديمقراطيون) بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المبكرة عبر صناديق الاقتراع، ومن المتوقع اكتمال التصويت عبر البريد الإلكتروني يوم الانتخابات في 3 من الشهر المقبل.

بحسب خبراء في الانتخابات، فإن إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية (2021- 2025) قد لا يتم ليلة الانتخابات، وقد يستغرق ظهور النتائج عدة أيام، أو حتى أسابيع، وفق قناة “بي بي سي” الأمريكية.

“تويتر” والإعلام التقليدي.. لمن الغلبة؟

من أجل فهم أثر مواقع التواصل على الانتخابات الأمريكية خصوصًا، والسياسة الأمريكية عمومًا، لا بد من تسليط الضوء على ما أحرزته تلك المواقع في مضمار السباق الذي تخوضه مع الإعلام التقليدي (المتلفز، المكتوب، المسموع).

دور الإعلام التقليدي تراجع خلال السنوات الماضية، إذ أغلقت وأفلست صحف ورقية، وتراجع دور وسائل الإعلام المرئية لحساب وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن دور “السوشال ميديا” وخصوصًا “تويتر” زاد بروزًا، في ظل غياب الحياد بين وسائل الإعلام التي تأثرت بالانقسام السياسي بين الأحزاب، وبالتالي لا تنقل سوى وجهة نظر الحزب الذي يمثلها.

المعطيات المذكورة أسهمت في تراجع مستوى الاحتراف والموضوعية في الإعلام التقليدي، وفي هذه البيئة اعتمد ترامب على “تويتر” كوسيلة لنقل توجهاته وأحيانًا أوامره وقراراته.

فاعتماد “تويتر” وسيلة للإعلام والإخبار زاد من أهميته، لا سيما أنه يعكس المواقف على حقيقتها دون أن يتولى المسؤولون عن وسائل الإعلام التقليدية تعديلها أو اجتزاءها بما يخدم توجهاتها، وهو ما يجعلها أكثر مصداقية وعفوية. 

كما أن حدّة الانقسام السياسي في الولايات المتحدة لم تترك مكانًا للمحايدين، إذ إن الاستقطاب حاليًا هو السائد، ما يجعل التأييد أو المعارضة شاملًا بصدد ما يقوله أحد الأطراف.

“تويتر” أرض الأخبار الخصبة

يرى الإداري في مؤسسة “جيل ميديا” لخدمات التسويق و“السوشال ميديا” شاكر المصري، أن مواقع التواصل الاجتماعي لاعب مهم في الانتخابات الرئاسية بالنسبة للدول، عازيًا الأمر لانتشارها الواسع وسهولة الوصول إلى الجمهور، فضلًا عن أنها المصدر الأول للأخبار خاصة لفئة الشباب التي تمثل الشريحة الأكبر في جميع الدول.

وأضاف شاكر في مقابلة مع عنب بلدي “يلجأ المرشحون إلى وسائل التواصل الاجتماعي، لعرض برامجهم الانتخابية، ولكسب ثقة الجمهور والتواصل معه، واعتماد البيانات والأرقام لمعرفة توجهات هذا الجمهور”.

واعتبر أن “تويتر” من أهم مصادر الأخبار على مستوى العالم، مقارنة مع “فيس بوك” الذي يعد منصة أساسية للفيديو والصورة، بينما يلجأ المتابعون إلى “تويتر” لمعرفة آخر الأخبار في العالم، بدلًا من “فيس بوك”. 

وأظهر تحليل لصحيفة “الغارديان” البريطانية، أنه على مدار عام 2019 أنفقت حملة ترامب ما يقرب من 20 مليون دولار على أكثر من 218 ألف إعلان مختلف على “فيس بوك”.

“تويتر” على محك الانتخابات 

ليس من المبالغة القول إن الانتخابات الأمريكية الحالية ستكون الاختبار الكبير الأول لأهمية ودور وسائل التواصل الاجتماعي، وتطرح تساؤلًا فيما إذا كان ترامب سينجح في جعل “تويتر” (الذي يغرد عبره من دون رقيب) أكثر أهمية مما يسميه “الأخبار الكاذبة”، بمعنى المحطات الأمريكية التابعة للديمقراطيين، التي يتهمها ترامب بالتحامل ضده منذ وصوله إلى السلطة، وضد نجاحه الذي لم يكن متوقعًا في انتخابات 2016.

وكان ترامب شكك بالتصويت عبر البريد مرارًا، وقال إنه إذا سُمح بالتصويت في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل عبر البريد العادي “فستكون أكبر عملية احتيال على الإطلاق”.

الانتخابات الأمريكية الحالية ستكون امتحانًا لحجم تأثير الإعلام بشكل عام على توجهات وطريقة تفكير المواطن الأمريكي، لا سيما وأن وسائل التواصل أكثر صدقًا وعفوية وتلقائية من الإعلام التقليدي، الذي لديه ضوابط أشد وتوجهات مسبقة.  

فبعد سنوات من الضخ المتواصل ضد سياسات الرئيس ترامب، ستأتي الانتخابات لترينا إلى أي درجة نجح أو فشل الإعلام بإحداث فرق ذي معنى في مواقف المواطن الامريكي، وهو من الصعب معرفته قبل يوم الانتخابات لغياب مصادر محايدة للمعلومات.

أداة يُساء استخدامها

عندما أدركت وسائل التواصل الاجتماعي أهميتها وتأثيرها، بدأت هي أيضًا بمحاولة لعب دور سياسي، وتمثل ذلك بإجراءات “تويتر” في حذف بعض الأخبار أو التشكيك في صحة بعض التعليقات، ما جعلها تبدو أحيانًا كطرف غير محايد، مع ضرورة الإشارة إلى أن من يتولى التدقيق في محتوى المنشورات، هم أشخاص لهم خلفياتهم الثقافية وتوجهاتهم السياسية.

ويذهب إداري “السوشال ميديا” شاكر المصري، إلى أن بعض الشخصيات السياسية وخاصة في عالمنا العربي لا تواكب تطورات العصر بشكل عام، ومنها “السوشال ميديا”، لذلك لا تعطي أهمية لها، مستدركًا أن البعض الآخر لا يريد الاحتكاك بالجمهور بشكل مباشر، خوفًا من التعرض لانتقادات أو اتهامات بسبب سقف الحرية المرتفع على هذه المنصات.

ولفت شاكر إلى أن بعض الرؤساء يستغلون منصات التواصل الاجتماعي للترويج لحملاتهم الانتخابية، وضمنها ممكن أن تكون هناك خطابات تحض على الكراهية ضد فئات معينة من المجتمع، أو مغالطات لكسب ثقة فئة معينة من الجمهور على حساب أخرى.

“ترامب” في مصيدة الرقابة

وكانت إدارة “تويتر” عطلت، في 14 من تشرين الأول الحالي، عددًا من الحسابات الزائفة، التي ادعت أنها تعود لداعمين لترامب من أصحاب البشرة السوداء.

وقال القائمون على “تويتر” حينها، إن تلك الحسابات انتهكت القواعد الخاصة بالرسائل غير المرغوب فيها والتلاعب بالمنصة، لافتة إلى أن العديد من الحسابات استخدمت لغة متطابقة، بما في ذلك عبارة: “نعم أنا أسود، وسأصوت لترامب!”.

واستخدمت بعض الحسابات صورًا لرجال سود، تم نشرها سابقًا في تقارير إخبارية، كما كان لبعض الحسابات عشرات الآلاف من المتابعين.

آنذاك، قال الباحث المختص في المعلومات المضللة على مواقع التواصل دارين لينفيل، لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إن جميع الحسابات التي كان يراقبها صارت الآن معطلة، لكنها “تركت أثرًا بالفعل”.

وجاء إجراء تعطيل الحسابات الآنفة الذكر قبل أقل من ثلاثة أسابيع من موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية، المقررة في 3 من تشرين الثاني المقبل.

كما أوقف “تويتر”، في حزيران الماضي، مقطع فيديو هاجم فيه ترامب شبكة “سي ان ان”، إذ صنف الموقع تغريدة ترامب التي احتوت على مقطع فيديو مزيف للشبكة، في خانة “إعلام متلاعب فيه”.

وقال ترامب في الفيديو المحجوب، إن “أمريكا ليست المشكلة، بل الإعلام المزيف”.

وقال المتحدث باسم “تويتر”، حينها، “هذه التغريدة صنفت كذلك استنادًا إلى سياساتنا المتعلقة بوسائل الإعلام الصناعية والتلاعبية لإعطاء الناس مزيدًا من السياق”.

ويظهر في مقطع الفيديو، الذي يمتد لـ60 ثانية، طفلًا أسود يركض من طفل أبيض، وكتب على التصميم المزيف لـ”سي ان ان” المضاف إلى المقطع: “رضيع خائف يهرب من طفل عنصري”، وذلك قبل أن تستكمل تتمة الفيديو الذي يظهر فيه الطفلان يركضان نحو بعضهما ويتعانقان.

ورد المتحدث باسم الشبكة على ترامب حينها، “شبكتنا غطت القصة ولكن تمامًا كما وقعت، تمامًا كما نشرنا مواقفك تجاه العرق، وأرقام استطلاع الرأي الخاصة بك، وسنستمر بالعمل مع الحقائق وندعوك للقيام بالأمر ذاته، عوضًا عن التغريدة بمقاطع فيديو مزيفة تستغل الأطفال الأبرياء. كن أفضل”.

ووفقًا لسياسة “تويتر”، فإنه يمنع استخدام المنصات لتضخيم معلومات على نحو مصطنع أو حجبها، أو الانخراط في نشاط يتلاعب بتجارب الناس أو يزعجها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة