تعا تفرج

عن منتخب البراميل أحكي

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

“اقعد دغري وإحكي أعوج”، مثل شعبي ينطبق على كل شيء معمول به لدى نظام الأسد الذي يُعرف، أيضًا، باسم نظام البراميل.

خذ مثلًا فكرة النقابات المهنية. في كل أنحاء العالم الاشتراكي، والرأسمالي، والـ”بينَ بين”، تدافع النقابة عن أعضائها، وإذا قصرت معهم تعتذر لهم رسميًا، وبشكل علني، وإذا كان التقصير محرزًا يستقيل أعضاء النقابة ورئيسُها، وتجرى فيها انتخابات مبكرة، على عكس ما يحصل في سوريا الدولة الفاشلة، حيث النقابة تحمّل العضو ما لا طاقة له به من اشتراكات، إضافة إلى حسم نسبة معينة مما يقبضه العضو لقاء بعض نشاطاته الإضافية. وأما رئيس النقابة (النقيب الذي غالبًا ما تنتقيه الأجهزة الأمنية من أكثر أعضاء النقابة خسة ونذالة) فلا شغل له ولا مشغلة سوى بهدلة الأعضاء، وتخوينهم، وتهديدهم بالفصل، ويكفي أن أضرب مثالًا على ذلك بزهير رمضان الذي فُرض على الفنانين السوريين بالقوة، ومن يومها وهو يردح للفنانين الذين هربوا من براميل معلمه بشار الأسد، ويضع لمن يريد منهم العودةَ إلى وطنه شروطًا أصعب من الشروط التي وضعتها النمسا على صربيا سنة 1914، بدعم من ألمانيا، وأدت، في المحصلة، إلى نشوب الحرب العالمية الأولى.

ضمن هذا السياق العجيب، يمكنك أن تتأمل الخبر الذي نشرته صحيفة “عنب بلدي” عن اعتذار ستة لاعبي كرة قدم سوريين من الاتحاد الرياضي العام (الأعضاء اعتذروا لنقابتهم، وليس العكس!). وفي سوريا، كما تعلمون، لا يكفي الاعتذار، بل يجب أن يُرفق بقليل من النفاق، وتمسيح الجوخ، واللحمسة، والتَرْطيل، بدليل أن أحد المعتذرين خص بالمديح اتحادَ كرة القدم ورئيسَه حاتم الغايب، واستمر لاعب آخر بالمديح حتى وصل إلى الآمر بإلقاء البراميل على الشعب السوري، بشار الأسد، ووالده في قبره، وأقصد لاعب فريق الوحدة علي رمال، الذي أشار إلى أن القائمين على الاتحاد هم من أبناء مدرسة حافظ الأسد المتسمة بالتسامح!

أصبح التسامح، الآن، ضروريًا جدًا من أجل عبور السوريين إلى المستقبل، ولكن، ثمة أشياء قد لا يستطيعون التسامح بها (والله معهم حق)، منها أن يعيش أحد لاعبي كرة القدم معززًا مكرمًا على حساب الشعب السوري، ويلعب ضمن فريق لا شغل له ولا مشغلة غير تحقيق الخسائر، وإذا صادفَ، في دُبر الأيام، أن سجل هدفًا في مرمى فريق آخر، تراه ينط، ولا يحط، ويتشقلب، ويركض باتجاه الكاميرا، ويعلن عن إهدائه الهدفَ لآمر إلقاء البراميل، أو إلى والده الذي هندس عملية تخريب سوريا، في قبره.

هذه المواقف المائعة خلقت انقسامًا حادًا بين صفوف السوريين قبل سنوات، في أثناء مشاركة المنتخب السوري في بطولة آسيا، ووقتها أطلق السوريون الذين هجرهم ابن حافظ الأسد على الفريق السوري اسم “منتخب البراميل”، ولم تتمكن الشعارات التي أطلقها النظام خلال 50 سنة، من قبيل اللحمة الوطنية، وسقف الوطن، والعلاك المصدي، ونصف كيلو ليمون، أن تقنع السوريين المطرودين من وطنهم بأن هذا الفريق يمثلهم، أو بالتوقف عن البصاق على لاعبيه، وعلى آمر البراميل الذي يهدونه أهدافهم السخيفة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة