الحكومة اللبنانية.. مخاض لم ينتهِ تحت الضغوط الغربية

camera iconمقر الحكومة اللبنانية في غياب تشكيلها، الخميس، 19 من تشرين الثاني، (مصدر الصورة قناة الغد)

tag icon ع ع ع

بدأ رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، سعد الحريري، في 23 من تشرين الأول الماضي، مشارورات سياسية غير ملزمة، مع الأطراف والقوى اللبنانية، لتشكيل حكومة اختصاصات، بناءً على ما اقترحه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في المبادرة الفرنسية التي طرحها خلال زيارته للبنان.

خارطة طريق فرنسية.. تفشل؟

هذه الزيارة التي تُعتبر الأولى لمسؤول أجنبي بعد وقوع انفجار بيروت في 4 من آب الماضي، والذي راح ضحيته نحو 180 شخصًا، حملت للساسة في لبنان مبادرة حول تشكيل “حكومة مهمات” لبنانية مكونة من الاختصاصين الذين لا ينتمون للأحزاب السياسية، للقيام بإصلاحات محددة خلال عدة أشهر.

وقدم ماكرون في زيارته الأولى في 7 من آب الماضي، مهلة محددة للقوى السياسية في لبنان لتشكيل حكومة خلال أسبوعين، وفقًا لخارطة طريق فرنسية تنص على تشكيل حكومة لها مهمة محددة، وهي القيام بإصلاحات ملحة وعاجلة، بما يضمن دعم المجتمع الدولي وجذب استثمارات أجنبية، وتقديمه مساعدات للبنان.

لكن الحريري عبّر، في 26 من أيلول الماضي، عن أسفه بسبب فشل مبادرة الرئيس الفرنسي بشأن تشكيل الحكومة في لبنان، بعد اعتذار مصطفى أديب في 23 من الشهر نفسه عن تشكيلها، باعتبارها “الفرصة الوحيدة والأخيرة لوقف الإنهيار وإعادة إعمار ما دمره انفجار مرفأ بيروت”.

ومنح ماكرون القوى السياسية اللبنانية خلال مؤتمر صحفي عقده في 27 من أيلول، مهلة جديدة تمتد بين “أربعة وستة أسابيع” لتشكيل الحكومة، متهمًا الفئة السياسية التي فشلت في تسهيل تأليفها بـ “خيانة جماعية”، وندد ماكرون بـ “نظام من الفساد يتمسك به الجميع لأن الجميع يستفيدون منه”.

ونقلت وكالة الشرق الأوسط الجديد عن صحيفة الأخبار اللبنانية أنه “رغم تمديد الرئيس ماكرون لمهلة مبادرته، فإن المبادرة انتهت فعليًا”.

والتقى مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى، باتريك دوريل، بالرئيس الحريري، في 12 من تشرين الثاني الحالي، للوقوف على مستجدات تشكيل الحكومة.

أبرز العقبات

نقلت وكالة “الأناضول”، في 31 من تشرين الأول الماضي، عن مصادر لبنانية وصفتها بالمطلعة، أن التفاؤل بتشكيل حكومة لبنانية في وقت قريب بدأ ينحسر مع تصاعد الحديث عن عقبات تعترض تشكيلها.

وتتجلى تلك العقبات في سعي “التيار الوطني الحر” الذي يرأسه وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، للحصول على عدد وزارات يؤمن له ولحلفائه الثلث المعطل في الحكومة، بالإضافة إلى تمسك باسيل بالتحالف مع “حزب الله”، وسعي الأخير لتسمية بعض الوزراء في الحكومة.

ويتزامن ذلك مع مطالبات بمنح حقيبة وزراية للطائفة الدرزية من خارج الحزب التقدمي الاشتراكي.

وتتعامل القوى والكتل السياسية اللبنانية مع الحكومة التي يجري تشكيلها على أنها حكومة محاصصة، في الوقت الذي يذهب فيه الحريري لتشكيل حكومة من الاختصاصين، مع التكتم على آسماء أعضائها.

وانتقد باسيل الاتهامات الموجهة لتياره بعرقلة تشكيل الحكومة، بالقول إن التيار لم يقدم أي مطالب.

واعتبر باسيل في تغريدة عبر حسابه في “تويتر”، أن سبب عدم تأليف الحكومة هو عدم تناسب الوعود المعطاة للداخل مع تلك المعطاة للخارج.

المحامي اللبناني، طارق شندب، قال، في حديث إلى عنب بلدي، إن هناك ضغطًا أمريكيًا لعدم منح أي دور في الحكومة لـ”حزب الله”، في الوقت الذي يصرّ فيه التيار الوطني الحر بالتحالف مع “حزب الله” على الهيمنة على الثلث المعطل من وزارات الحكومة المنتظرة.

وتعمل فرنسا على تصدير أسماء معينة وتعويمها ضمن الحكومة القادمة، في غياب وجود أي اسم درزي لتولي حقيبة وزارية، سواء من قبل وليد جنبلاط، أو طلال أرسلان.

ولا يوجد في القانون اللبناني ما يحدد المهلة الزمنية أمام رئيس الحكومة لطرح تشكيلته الوزارية أمام رئيس الجمهورية، وهذا ما اعتبره شندب ثغرة من ثغرات الدستور اللبناني.

تباين في المواقف بين فرنسا وأمريكا

وهناك تباين في الموقفين الأمريكي والفرنسي إزاء تشكيل الحكومة، فالجانب الفرنسي محاصر بمهلة زمنية منحها للطبقة السياسية، ويعمل من دون الحديث عن قضايا الفساد، لإعادة تدوير الطبقة السياسية وتشكيل حكومة بمشاركة “حزب الله”، على خلاف الموقف الأمريكي، إذ فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على جبران باسيل، كما ترفض أي وجود وزاري لـ”حزب الله” في الحكومة.

وبحسب شندب، تشكل العقوبات الأمريكية بارقة أمل للبنانيين، الذين شهدوا لأول مرة عقوبات بحق شخصيات سياسية، في ظل هيمنة الطبقة السياسية على القضاء.

ويسعى فريق رئيس الجمهورية، ميشيل عون، و”حزب الله” للهيمنة على الثلث المعطل في كل حكومة، لاسيما بعد اتفاق الدوحة الذي جرى في عام 2006، للسيطرة على القرار السياسي، بما يشكل انتهاكًا للدستور اللبناني.

وأكّد المحامي شندب أنه لا يوجد في الدستور اللبناني ما يسمى بالثلث المعطل، كما لا يوجد ما يحدد عدد وزارات الحكومة بـ 24 أو 18 وزارة، أو أكثر أو أقل، لكن كل فئة سياسية تسعى للاستئثار بالوزارات الخدمية لتحقيق المكاسب المادية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة