“قانون التطوير والاستثمار العقاري”.. أداة النظام السوري لمصادرة العقارات وهدمها

tag icon ع ع ع

أحمد صوان

صدر قانون التطوير والاستثمار العقاري رقم (15) بتاريخ 9 من تموز 2008، وتم الترويج له بأنه سيكون العصا السحرية للقضاء على أزمة السكن وإزالة مناطق المخالفات، وأحدث القانون “الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري”، التي تهدف إلى تنظيم أعمال التطوير العقاري في سوريا، وجذب الاستثمارات العربية والأجنبية للمشاركة فيه، وإقامة مدن وضواحٍ سكنية متكاملة، ومجمّعات عمرانية جديدة، إضافة إلى معالجة مناطق السكن العشوائي، وفق ما نصت عليه المادة (3) من القانون. 

كما حددت المادة (6) منه مهام مجلس إدارة الهيئة، بتقديم المقترحات لإحداث مناطق التطوير العقاري التي تخضع لأحكام هذا القانون، واقتراح استملاك العقارات وأجزائها لإحداث مناطق التطوير العقاري، ويتم إحداث منطقة التطوير العقاري بهدف توفير وتهيئة الأراضي اللازمة لإقامة مناطق سكنية وتأمين خدماتها ومرافقها، وإنشاء المساكن عليها، وهدم وإعادة بناء أو تأهيل وتجديد مناطق سكنية قائمة، وفقًا للمادة (10) من القانون. 

ويتم تأمين العقارات اللازمة لإحداث مناطق التطوير العقاري من أملاك الدولة الخاصة غير المخصصة لإحدى الجهات العامة، ومن الاستملاكات، إذ ورد في المادة (11) من القانون، “تستملك العقارات الواقعة ضمن مناطق التطوير العقاري والعائدة للأفراد لمصلحة الجهة الإدارية، وتسجل باسمها في السجل العقاري بقرار من رئيس مجلس الوزراء سواء كانت ملكًا صرفًا أم ملكًا للوقف”، وأجازت المادة (18) من القانون للشركات العربية والأجنبية المتخصصة في التطوير العقاري إحداث فروع لها في الجمهورية العربية السورية. 

منطقة الحيدرية في حلب المثال الأبرز لتطبيق قانون التطوير العقاري

لا شك أن النظام يطبق هذا القانون على عديد من المناطق السورية، ونستعرض هنا “الحيدرية” كإحدى هذه الحالات:

تعتبر منطقة الحيدرية في حلب من أكثر المناطق التي تعرضت للدمار والتهجير، وقد أعلن النظام منذ أسبوعين انتهاء المرحلة الأولى من مشروع التطوير العقاري في هذه المنطقة، وصارت جاهزة لطرحها للاستثمار بالشراكة مع “الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري”. 

وعمدت الحكومة إلى إهمال المناطق الشرقية من حلب بشكل كبير منذ أن أحكمت سيطرتها عليها بداية عام 2017، فمنعت الراغبين بترميم منازلهم وعقاراتهم من القيام بذلك، كما مُنع سكانها من العودة إليها.

وفي بداية عام 2019 بدأت عمليات الهدم للمباني والشقق السكنية في حي الحيدرية ثم ترحيل الأنقاض، وتساءل أهل المنطقة حينها عن الهدف الحقيقي من تنفيذ مشروع التطوير العقاري على منطقتهم، خاصة أن معظم السكان من المعارضين للنظام والمهجرين، وسوف تسلب ممتلكاتهم التي تم هدمها ومحوها تمامًا من وجه الأرض، دون أن تبقى لهم أي ضمانة قانونية تحفظ حقوقهم، أو أن تلتزم “هيئة التطوير العقاري” بتعويضهم عن عمليات الهدم والاستملاك، خاصة أن معظم المهجرين يتعذر عليهم العودة إلى مناطق سيطرة النظام لتفقد عقاراتهم أو للمطالبة بحقوقهم، ويقول أصحاب هذه المساكن إن المنازل التي لم تدمرها الطائرات يتم هدمها بذريعة الخوف من انهيارها، أو بحجة تطبيق قانون التطوير العقاري عليها.

معضلة وثائق إثبات الملكية

تتمثل الكارثة الكبرى لأصحاب هذه المساكن في أنهم لا يملكون أي وثائق ملكية لها، كون معظم هذه البيوت هي أبنية مخالفة وغير مرخصة أو مسجلة في السجل العقاري، ما يعني أن هدمها وإزالة آثارها سيحرمهم من أي حقوق للملكية فيها، نظرًا إلى زوال عنصر الحيازة والبناء الذي يملكونه، أما الأرض فليس لهم فيها أي ملكية، ما يعني أن عملية الهدم جردتهم من أي مستند أو دليل يثبت ملكيتهم لهذه البيوت التي لم يبقَ لها أثر.   

بدأت المرحلة الأولى من “مشروع التطوير العقاري” في حي الحيدرية، بمساحة 28 هكتارًا، سيتم استملاكها بموجب المادة (11) من القانون التي تنص على أنه، “تستملك العقارات الواقعة ضمن مناطق التطوير العقاري والعائدة للأفراد لمصلحة الجهة الإدارية وتسجل باسمها في السجل العقاري”.

جدير بالذكر أن إيران ليست بعيدة عن هذه المشاريع، لأن الوفد الوزاري السوري الذي زار إيران في العام 2019 عقد الاتفاق على تأسيس شركات إنشاءات مشتركة بين الجانبين، ومشاريع إعمار، من ضمنها مشروع بناء 30 ألف وحدة سكنية في جميع المحافظات السورية، وكذلك تأسيس شركات إيرانية- سورية حكومية مشتركة في مجالات البناء والتعمير والطرق.

أخيرًا، إن كلًا من قانون التطوير والاستثمار العقاري، والقانون رقم (10) لعام 2018، يتكاملان ويوفران فرصة للنظام مع شركائه وحلفائه، لاستكمال السيطرة على أملاك المعارضين، وعملية التغيير الديموغرافي، كما أن قانون التطوير والاستثمار العقاري يتيح للحكومة سلب العقارات والمساكن وهدم ما بقي سليمًا منها، خاصة بعد أن حرف النظام هذا القانون عن غايته الأساسية، وسخره لتنفيذ هذه الأهداف.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة