مدينة الأشباح.. زيارة لأردوغان تفتح سيناريوهات أمام عقوبات أوروبية

camera iconصورة للرئيس التركي أردوغان معلقة على مبنى في الجزء الشمالي من قبرص / 15 آب 2019 (shutterstock)

tag icon ع ع ع

تستمر الخلافات السياسية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، في ظل إصرار الأخيرة على الاستمرار في أعمال التنقيب عن الثروات الباطنية شرقي المتوسط، بينما يعتبر الاتحاد ما تفعله أنقرة “استفزازيًا”.

حدة الخلاف بلغت مستوى جديدًا، في 26 من تشرين الثاني الحالي، عندما أجمع البرلمان الأوروبي (في قرار غير ملزم) على فرض عقوبات بحق تركيا، بعد فتح الأخيرة، في 8 من الشهر الحالي، جزءًا من منطقة مرعش (فاروشا باليونانية) الحدودية بين شقي جزيرة قبرص.

وفي 15 من تشرين الثاني الحالي، زار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، منتجع “مرعش”، وقال من هناك، “أؤمن بأننا شرعنا في مرحلة ستفضي إلى الإقرار بواقع جمهورية شمال قبرص التركية بالمنطقة والعالم أجمع”.

وأضاف، “زيارتنا إلى منطقة مرعش بشمال قبرص التركية تعكس إصرارنا على اتخاذ الخطوات اللازمة لإحياء المنطقة (…) من يرون زيارتنا إلى منطقة مرعش مجرد نزهة لم يستوعبوا رسائلنا”.

مرعش في لمحة

وبقيت مرعش (تسمى بمدينة الأشباح) مغلقة منذ عام 1974 (46 عامًا)، وتقع بمدينة غازي ماغوسا بجمهورية شمال قبرص التركية، إذ تعد من أشهر المناطق السياحية في الجزيرة والبحر المتوسط قبل إغلاقها.

ومنذ الإغلاق تعاني جزيرة قبرص من انقسام بين شطرين، تركي في الشمال ويوناني في الجنوب.

ولم تحظَ جمهورية شمال قبرص التركية المعلنة من جانب واحد باعتراف دولي، ولا تعترف بها سوى تركيا كدولة ذات سيادة.

وفي 2004، رفض القبارصة في الشق الجنوبي خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيد شطري الجزيرة.

تركيا وسيناريو العقوبات

الكاتب التركي برهان الدين دوران، قال في تقرير نشرته جريدة “صباح” التركية، إن “قادة الغرب يتجهون إلى مفترق طريق جديد مع سياسات تركيا في المنطقة”، لافتًا إلى أن نقاشات الأوروبيين حول التعاون وفرض العقوبات على تركيا تأخذ شكلًا جديدًا، “قد تتضح معالمها في كانون الأول المقبل”.

وعلى الرغم من إبداء أردوغان استعداده لفتح صفحة جديدة مع أوروبا والولايات المتحدة، فإن عدم اليقين والنظرة التنافسية ما زالت متواصلة لدى الغرب، وفق دوران.

ودعا الكاتب الأوروبيين إلى الاستجابة لفكرة أنقرة بتحويل شرق المتوسط إلى منطقة سلام وتعاون، بحسب ما ترجمته عنب بلدي.

بدوره، يرى المحلل السياسي التركي طه عودة، في حديث إلى عنب بلدي، أنه كان من المتوقع فرض عقوبات أوروبية على تركيا في القمة التي عُقدت في تشرين الأول الماضي، لافتًا إلى أن ذلك لم يتم “بفضل المناورات التركية والتحركات الدبلوماسية”. 

كما أنه لا تزال أمام أنقرة فرصة في اللعب على التناقضات بين الدول الأعضاء في الاتحاد، في ظل عدم وجود رؤية جامعة وشاملة لديه لفرض عقوبات على تركيا.

وفي ذات السياق، يرى الموقف الرسمي التركي أن الإدارة الأمريكية الجديدة (المتمثلة بجو بايدن)، لا يمكنها تبني موقف من شأنه أن يتجاهل تركيا، بحسب عودة، الذي يؤكد أن تركيا ضرورة جيوسياسية في المنطقة.

وأمس الجمعة، وافق البرلمان الأوروبي، بتأييد 631 صوتًا مقابل معارضة ثلاثة، وامتناع 59 عن التصويت، على قرار غير ملزم، يدعم طلب قبرص الذي يحث الاتحاد الأوروبي على “اتخاذ إجراء وفرض عقوبات صارمة ردًا على أفعال تركيا غير القانونية”، وفق موقع البرلمان الأوروبي الرسمي.

ووصف قرار البرلمان أنشطة التنقيب التي تقوم بها تركيا عن الغاز في شرق البحر المتوسط بـ”غير القانونية”.

بينما قال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، في أثناء الجلسة، “تركيا تعلم ما ينبغي أن تفعله (…) المواجهة أو التعاون، الأمر يرجع لهم”.

عقوبات من جيب أوروبا؟

ما يجب أن يعيه الاتحاد ولا سيما ألمانيا، أن اتخاذ قرار فرض العقوبات على تركيا من شأنه أن يضر بمصالحهم الاقتصادية، بحسب الكاتب التركي برهان الدين دوران.

وأكد الكاتب التركي أن الحقائق الجيوسياسية الجديدة في العالم تتطلب التعامل مع تركيا الجديدة على أساس “المصالح المشتركة”، مناديًا بضرورة تسوية النزاعات بين تركيا واليونان من خلال الدبلوماسية.

ويذهب المحلل السياسي المهتم بالشأنين التركي والروسي عبد الفتاح أبو طاحون، إلى أن ضرر العقوبات يمكن أن يصيب أوروبا قبل أن يصيب تركيا.

وأشار أبو طاحون، في حديثه إلى عنب بلدي، إلى أنه رغم فرض أوروبا عقوبات على روسيا، لم تلتزم تركيا بهذه العقوبات وأبقت التبادل التجاري مفتوحًا.

وأوضح أن بإمكان روسيا وتركيا الحفاظ على وضعهما بمواصلة التعاون التجاري رغم العقوبات، وبالتالي تعزل أوروبا نفسها في المثلث الجغرافي (تركيا، أوروبا، روسيا). 

ويرى أن تركيا ليست عاجزة عن إيجاد تعويض ومخرج اقتصادي من ضمن علاقاتها التحالفية.

وسبق أن أعد الاتحاد الأوروبي قائمة عقوبات ضد تركيا، في أيلول الماضي، على خلفية الصراع على الغاز في شرقي المتوسط، لكنه لم يقر هذه العقوبات.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة