لماذا يُهمَل الكتّاب والأدباء السوريون في بلدهم

camera iconمكتبة الأسد في دمشق خالية من القراء (الباحثون السوريون)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – روزنة

يقول جمال الدين الأفغاني، “يموت الأديب في الشرق حيًا ويحيا ميتًا”، وهو ما ينطبق على حال الأدباء السوريين، إذ يعاني أغلبهم من التهميش والإقصاء، وما إن يرحلوا حتى يبدأ التكريم ومنح الجوائز تقديرًا لما قدموه في حياتهم.

برنامج “صدى الشارع” عبر راديو “روزنة” طرح تساؤلًا حول طريقة تقدير الأدباء السوريين. هل أخذوا حقهم بالتكريم والاحتفاء في حياتهم؟ ومن المسؤول عن التقصير في هذا الجانب؟

وبُثت الحلقة بعد وفاة الكاتب السوري فاضل أبو السعود السباعي، في 25 من تشرين الثاني الماضي، في العاصمة السورية دمشق، عن عمر ناهز 91 عامًا، وبعد وفاته بدأ سوريون بالحديث عن مؤلفاته التي أغنت الإرث العربي وكتاباته المناهضة للاستبداد والديكتاتورية.

التكريم حسب الموقف السياسي

ترى الكاتبة والروائية السورية ابتسام تريسي، أن بعض الكتّاب يكرمون وهم أحياء، لكنهم من أسمتهم “المنضوون تحت السلطة”، لافتة إلى أن الوزارات تكرمهم وتمنحهم الجوائز، كما تؤمّن لهم العمل في الاعلام، وتكرّس أقلام النقاد لمديحهم، أما الذين لا يكرمون فهم مهمشون بسب عدم مهادنتهم للسلطة، وبسبب تعبيرهم عن مواقفهم الحرة.

الباحث السوري معبد الحسون، يرى أن النظام السوري دائمًا ما ينظر إلى الأدب والإبداع من ناحية الفائدة والمكاسب المحققة له، وما يحققه له المحتوى من دعاية، وبالتالي هو يدرس بعمق الفنان أو الأديب قبل أن يقدر مدى اهتمامه به.

واعتبر الحسون أن مسألة تقدير الأدباء من عدمه متعلقة بطبيعة الأنظمة، وأن الممارسات من الحكومة بحق الأدباء تبدأ من التعتيم الكامل عليه حتى إهماله أو تقريب شخصيات لا تقدم له مضمونًا، بل تحقق له الدعاية والمنفعة.

من جهة أخرى، أضافت الروائية تريسي، أن مشكلة القراءة هي مشكلة بنيوية، إذ كرّس النظام السوري، من وجهة نظرها، لدى الجمهور العام فكرة أن القراءة لا فائدة منها، معتبرة أن الدولة ساعدت على تنمية ثقافة التلقي، وأصبحت القراءة لدى كل فرد عبارة عن نزوع فردي.

ونوهت تريسي إلى أن السلطة ليست وحدها المسؤولة عن تهميش الأدباء، فجمهور القراء مسؤول أيضًا، وضربت مثالًا الشهرة التي حققها نزار قباني، بينما لم يذكر أحد الشاعر ابن ريف إدلب محمد الشيخ هاني.

عقبات تواجه الأدباء والشعراء في مسيرتهم

حصرت الروائية تريسي الصعوبات التي تواجه الأدباء، بما تقوم به دور النشر العربية من تحديد معايير معينة للكتب التي ستنشرها، معتبرة أن الناشر عبارة عن تاجر همه الربح، فهناك أقلام يهتم بها أصحاب دور النشر ويرفضون الطباعة لسواها.

كما تلعب الجوائز، من وجهة نظرها، دورًا في انتشار الكاتب وتسليط الضوء عليه، فيصبح الطريق بالتالي أمامه ممهدًا للنشر.

وأضافت أن السلطات تضع في حسبانها أسماء معينة تقدمها للجمهور القارئ، و”القارئ للأسف لا يمارس عملية البحث عن الكتاب أساسًا”.

وكرد فعل على الصعوبات الموجودة، يلجأ بعض الكتاب إلى العزلة، بينما يصر آخرون على الاستمرار في الكتابة رغم كل العوائق والتحديات، وفق الروائية.

طبيعة القراء تخلق دورًا في زيادة العقبات أمام الكتاب والروائيين، وفق الصحفي السوري نجم الدين السمان، “فهناك دول كثيرة تقرأ بشكل أكبر من كل قراء الوطن العربي”، مشيرًا إلى أن المشكلة تكمن في وجود “نقص وعي لدى الناس مختلف عن وعي السلطة ومؤسساتها”.

ما دور التكريم

لا يعني التكريم بالضرورة جوائز، وقد يكفي الاهتمام والاحتفاء لمنح الكاتب التكريم، وقد يكون للجوائز المقدمة للكتّاب نواحٍ إيجابية وأخرى سلبية، بحسب السمان، فعندما تقدم في مجتمع ثقافته قائمة على وضع التلقي، ينصرف اهتمام الجمهور لاسم الأديب الحاصل على الجائزة وليس للمضمون، بالتالي يقبل الجمهور على الكاتب لأنه تلقى جائزة.

أما الجانب الإيجابي، فيزيد باتساع ملعب الثقافة وحضورها في مجتمع ما، والعكس بالعكس.

التحولات على معالم المشهد الأدبي بعد الثورة السورية

يرى الصحفي نجم الدين السمان أن الثورة أظهرت كتّابًا كان صوتهم مغيبًا، وخلال السنوات التسع ظهر كتّاب جدد، وسيظهر آخرون، مضيفًا أن “الأدب السوري الحر” بعد الثورة ظهر بقوة على الساحة، لكنه يحتاج إلى مؤسسات وإعلام موازٍ له، يدعمه ويظهره، “وهذا يجب العمل عليه”.

واعتبر أن الروايات الثورية حاليًا تحتاج إلى أن تنتشر بشكل أوسع، مضيفًا أن “رابطة الكتاب السوريين” تحوي 400 عضو، وأسهمت بشكل متواضع في نشر الكتب.

لكن الباحث معبد الحسون يرى أن مجال النشر أمام السوريين محدود حاليًا، فالنشر الورقي يحتاج إلى تكلفة مادية عالية غير متوفرة لدى كل الكتّاب، بينما يوفر النشر الإلكتروني حلًا، كونه متاحًا للجميع ووصوله أعلى، وهو موازٍ لمنصات التواصل الاجتماعي ولثورة الإنترنت، لكنه وقبل كل شيء يحتاج إلى دعم من الدولة.


أُعدت هذه المادة ضمن اتفاقية التعاون بين صحيفة عنب بلدي وراديو روزنة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة