نحو 200 ألف مصاب شمالي سوريا ينتظرون المساعدات

في يوم “ذوي الإعاقة” العالمي.. تواصل فرح الزحف إلى مدرستها بإدلب

camera iconأمينة وإخوتها في طريقهم إلى المدرسة. كل صباح ، تساعد زينب ، 7 سنوات ، أمينة في رحلتهم إلى المدرسة، 12 آذار 2018 (يونيسيف)

tag icon ع ع ع

تتجاوز الطفلة فرح ماجد العلي المثل القائل “اطلب العلم ولو في الصين” بعزيمتها في التوجه إلى مدرستها، في بلدة حربنوش شمالي إدلب، زحفًا على الأيدي.

لم تكن هكذا حال فرح ابنة العشر سنوات، قبل عام 2015، عندما سقطت قذيفة صاروخية أطلقتها مدافع قوات النظام السوري على مسكنها في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، وأدت إلى شل قدمها.

قسوة الحياة في غوطة دمشق الشرقية، وقصف النظام الذي لم يكن يهدأ هناك، دفع فرح (يتيمة الأب)، وما تبقى من عائلتها للنزوح إلى قرية الزفر الكبير بريف أبو ضهور شرقي إدلب، ومع تقدم قوات النظام السوري للسيطرة على المنطقة، نزحت مجددًا إلى واقع أقسى في مخيم “السكة” على أطراف بلدة حربنوش، حيث تقيم الآن.

وفي اليوم العالمي لـ”ذوي الإعاقة”، الموافق اليوم الخميس 3 من كانون الأول، فإن جلّ ما تتمناه فرح التي تعيش مع أمها وإخوتها السبعة، العودة إلى حياتها الطبيعية، وتأمين متطلبات معيشتها الأساسية، خصوصًا في ظل غياب المعيل (الأب)، الذي قضى في أثناء مداهمات قوات النظام السوري لمدينة دوما.

جد فرح، نايف محمد العلي، أوضح لعنب بلدي أن الطفلة لا تمتلك عكازات أو أدوات تعينها على التنقل، لافتًا إلى أنها تضطر إلى الزحف للتنقل بشكل عام، وللوصول إلى مدرستها ضمن المخيم، مناشدًا المنظمات الإنسانية تقديم المساعدة.

عمى متوارث

“عيشتنا صعبة وقاعدين بهالخيمة، والدنيا شتاء”، بهذه الكلمات وصف إبراهيم أنور عز الدين سوء حالتهم المعيشية، موضحًا لعنب بلدي أن أخواته الثلاث مصابات بالعمى، نتيجة زواج القربى.

زيارات إبراهيم وأخواته، حياة ووردة وحنان، المكوكية بين أطباء العيون في إدلب لم تأتِ بنتيجة، ويعلل الأطباء استحالة شفائهن بالإعاقة الخلقية.

وأشار إبراهيم، الذي في قيم بمخيم “أرض الوطى” شمالي إدلب، إلى غياب زيارات المنظمات الإغاثية لتسأل عن حالهم أو تقدم ما يعينهم على مأساتهم.

عام جديد على المعاناة

ويوافق اليوم، الخميس 3 من كانون الأول، اليوم العالمي لـ”ذوي الإعاقة”، وكانت الأمم المتحدة خصصت هذا اليوم منذ عام 1992 لدعم هذه الفئة وزيادة الفهم لقضايا الإعاقة.

كما يدعو هذا اليوم إلى إدخال أشخاص من ذوي الإعاقة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية.

واعتبر رئيس “رابطة الأطباء الدوليين”، مولود يورت سفن، أن نسب إصابات الساق وبتر الأذرع في سوريا هي الأكبر في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

وبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، فإن 86 ألف سوري (معظمهم أطفال)، انتهت إصابتهم منذ 2011 إلى بتر الأطراف، وينتظرون تقديم المساعدة لهم.

وأوضح تقرير المنظمة أن 1.5 مليون سوري يعيشون مع إعاقات مستديمة، وطالبت المنظمة المجتمع الدولي بتوسيع إطار الدعم المقدم لتأهيل المصابين ودمجهم في المجتمع من جديد.

كما أن هناك 3.3 مليون طفل يتعرضون لمخاطر المتفجرات على اختلاف أنواعها، بحسب المدير الإقليمي لـ”يونيسف” في الشرق الأوسط، خيرت كابالاري.

وبحسب تقرير لفريق “منسقو استجابة سوريا”، في نيسان الماضي، فإنه يوجد أكثر من 198 ألف شخص من ذوي الإعاقة في شمال غربي سوريا.

ويتفاقم الوضع في الشمال الغربي من سوريا، لا سيما مع انتشار المخيمات في محافظة إدلب، التي تؤوي نحو أربعة ملايين نازح، وسط اكتظاظ المخيمات وانتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وتدهور الليرة السورية.

“كورونا” يسرق الاهتمام

تحدثت معظم الحالات التي قابلتها عنب بلدي، عن غياب دور المنظمات الإنسانية والإغاثية، وسط تردي الوضع المادي وغياب فرص العمل.

وعلى الرغم من المناشدات المستمرة، لم تقدم لكثير من ذوي الإعاقة في المحافظة معدات مساعدة لحالتهم الصحية، ولا أطراف صناعية لحالات البتر.

مدير مؤسسة “الأمل” لذوي الإعاقة العاملة في ريف حلب، محمد عكوش، أوضح لعنب بلدي أن أهم أسباب تراجع دعم المنظمات في شمال غربي سوريا، هو اتجاه اهتمامهم إلى متطلبات مكافحة فيروس “كورونا”.

كما اشتكى هو أيضًا من قلة المواد والدعم، مشيرًا إلى أن الدعم بات مقتصرًا هذه الأيام على التوعية والدعم النفسي.

وتضم مؤسسة “الأمل” مدرسة لذوي الإعاقة، ومركز معالجة فيزيائية، ومركز أطراف صناعية، كما تقدم للمستفيدين مستهلكات طبية (كراسي متحركة، عكازات، حفاضات وأدوية)، وجميع خدماتها بالمجان.

وتتكفل كل من منظمات: “IHH” التركية، و”إسلاميك ريليف”، و”جمعية عطاء”، و”جمعية شام الخير”، و”تكافل الشام”، و”بنفسج”، بالدعم لذوي الإعاقة، شمال غربي سوريا.

اكتظاظ وعيوب تصنيع

من جانبه، علل مدير التنسيق بين الجهات المانحة ومركز الأطراف الصناعية في مدينة إدلب، أحمد الداني، سبب عدم استفادة كثيرين من الدعم، بالضغط الكبير على المراكز المجانية، إذ يضطر المصاب إلى حجز دور، وقد يطول موعده لأشهر، لافتًا إلى أن المراكز المأجورة باهظة الثمن وكثير من المصابين ليس بمقدورهم تحمل تكاليف تركيب الأطراف.

وأضاف أن الأطراف لا تصمد كثيرًا عند الاستخدام، بسبب سوء التصنيع ونوعية المواد المستخدمة لصناعة الأطراف المركبة، مشيرًا إلى أن التصنيع يكون في مركز “الحسن” بمدينة إدلب، وأنه لا توجد جهات إنسانية خارجية تقدم أطرافًا ذات جودة أعلى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة