عملية “قيصر”.. حين يصنع النظام السوري إدانته بيده

tag icon ع ع ع

حملت صور “قيصر” المسربة أكبر حجية يمكن الاستناد إليها من قبل المنظمات الحقوقية والمحاكم الدولية لإدانة حكومة النظام السوري بـ“جرائم حرب” ضد المعتقلين السوريين داخل مراكز الاعتقال التابعة له، إذ وثّق الضابط السوري “قيصر” (اسم مستعار) 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل عام 2014، قُتلوا تحت التعذيب، وسرّبها إلى خارج سوريا، وأكد مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) صحتها، وأثارت الرأي العام العالمي حينها وعُرضت في مجلس الشيوخ الأمريكي.

في كتابها “عملية قيصر في قلب آلة الموت السورية”، ذكرت الكاتبة الفرنسية غارانس لو كازن شهادة 14 شخصًا ممن عاشوا عملية تسريب الصور، من بينهم الضابط “قيصر”، أو من كانت لديهم تجربة اعتقال في سجون النظام السوري، وكتبت على لسانهم في 171 صفحة كيف هُرّبت الصور إلى خارج سوريا في العام 2013.

يشعر القارئ عند قراءة الكتاب وكأنه يشاهد تفاصيل الحياة داخل المجتمع العسكري في قوات النظام السوري، إذ يروي “قيصر” أسباب أرشفة الصور ضمن العمل العسكري فيقول، “تؤرشف الشرطة العسكرية أدلة حوادث الجنود ووفياتهم لتقديمها إلى القضاء العسكري منذ 50 عامًا، ويوثق النظام كل شيء كي لا ينسى، لذلك فهو يوثق موتاه”.

تفيد الصور القضاة والمحققين، وتكمل الملفات، وسيحتاج إليها القضاة يومًا إذا ما وجب إعادة فتحها، وفق ما جاء في الكتاب.

وبعد بداية الاحتجاجات في سوريا وخلال النزاع المسلح، حافظت القوات العسكرية التابعة للنظام السوري على روتين أرشفة كل شيء يحصل ضمن عملها، “من دون أن يتخيل النظام أن ذلك الروتين قد يُستخدم ضده يومًا ما”، لأن الأجهزة الأمنية في سوريا تمتلك شعورًا بالحصانة المطلقة ولا تتخيل أبدًا إمكانية محاسبتها.

كان “قيصر” يعلم بأنه سيتوقف عن عمل أرشفة جرائم النظام ذات يوم، لكنه كان يؤجل هذا القرار خوفًا على عائلته وعلى نفسه، وخلال عامين نسخ تلك المستندات سرًا، قبل أن تجري أمور هروبه بشكل آمن، لكن وبحسب الشاهد “سامي” (اسم مستعار) صديق الضابط “قيصر” المقرب، فلا يمكن أن يتم ذكر آلية حماية “قيصر” من قبل عناصر “الجيش السوري الحر”، كون ذلك قد يشكل خطرًا على العناصر الذين شاركوا بذلك.

الكتاب بسيط في لغته، يعتمد في معظم صفحاته على شهادة الشهود الذين التقت بهم الكاتبة.

في عام 2017، مُنحت جائزة “حقوق الإنسان الدولية” لمدينة نورنبيرغ الألمانية إلى المصور “قيصر”، لأنه استحقها لإرادته ألا تظل انتهاكات حقوق الإنسان الموثّقة دون عقاب، ولأنه تعرض لمخاطر كبيرة من أجل ذلك، وثقت هذه المخاطر في كتاب الصحفية الفرنسية غارانس لو كازن.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة