زيت الزيتون في حمص.. إنتاج مخيّب للآمال ينهك المزارعين

camera iconلافتة معصرة تلبيسة الأوتوماتيكية على أتوستراد حمص حماة - 10 كانون الأول 2020 (عنب بلدي/ عروة المنذر)

tag icon ع ع ع

حمص – عروة المنذر

في معصرة لزيت الزيتون على أوتوستراد حمص- حماة، يجتمع نحو 20 من مزارعي الزيتون في ريف حمص الشمالي يوميًا منتظرين الانتهاء من عصر محصولهم وتحويله إلى زيت، ومتنبئين مسبقًا بموسم “مخيّب للآمال”.

“يمكن مشاهدة خيبة الأمل تعلو وجوه أغلب المزارعين”، كما قال حسين لعنب بلدي، وهو سائق إحدى السيارات التي تعمل على نقل الزيتون إلى المعصرة، مشيرًا إلى أن إنتاج الزيت انخفض إلى نصف ما كان عليه عام 2019.

ارتفاع في التكاليف وانخفاض بالإنتاج

ارتفعت تكاليف إنتاج المحاصيل الزراعية مع تضاعف أسعار الأسمدة والمبيدات، التي تتبع تسعير الدولار بالسوق السوداء، وارتفاع أسعار المحروقات في الأسواق بعد قرارات حكومية صدرت خلال الأشهر الماضية، ما زاد من تكلفة حراثة الأراضي وسقايتها.

أما أجور الأيدي العاملة وأجور العصر في المعاصر فتضاعفت مرتين أو أكثر مقارنة بالأعوام السابقة، وارتفع سعر تنكة الزيت، بوزن 16 كيلوغرامًا، من 60 ألف ليرة سورية إلى نحو 100 ألف ليرة.

قال “أبو هشام”، أحد مزارعي الزيتون في مدينة الرستن، لعنب بلدي، إن الحكومة حددت أجور عصر الزيتون بـ55 ليرة سورية للكيلوغرام، بينما كان بـ14 ليرة في عام 2019، وأما أجور الأيدي العاملة فارتفعت من عشر ليرات لقطاف الكيلوغرام الواحد عام 2019 إلى 30 ليرة في العام الحالي.

وخسرت الليرة السورية أكثر من أربعة أضعاف قيمتها خلال العام الماضي، إذ تراوح سعر الصرف خلال موسم عصر الزيتون عام 2019 بين 550 و650 ليرة للدولار الواحد، فكانت قيمة صفيحة الزيت تصل إلى 92 دولارًا، بينما بلغ سعر الصرف مقابل الدولار في العام الحالي 2720 ليرة، حسب موقع “الليرة اليوم“، لتكون قيمة صفيحة الزيت 36 دولارًا فقط.

وتوجد في محافظة حمص 65 معصرة زيتون، توقفت منها 20 وبقيت 45 داخل الخدمة، حسبما أوضح رئيس دائرة الأشجار المثمرة في مديرية زراعة حمص، ناجي ساعد، لموقع “الوطن أونلاين“، وحددت الحكومة نسبة 6% من إنتاج الزيت يتركها المزارع لصاحب المعصرة في حال عدم قدرته على دفع أجور العصر، وتتقاضى المعاصر مبلغ 65 ليرة لعصر الكيلوغرام الواحد، أو 55 ليرة في حال ترك المزارع “البيرين”، وهو مخلفات الزيتون بعد العصر ويستخدم في التدفئة، لصاحب المعصرة.

وأشار المزارع “أبو هشام” إلى أن أجور نقل المحصول زادت ثلاثة أضعاف على ما كانت عليه عام 2019، بينما انخفضت نسبة الإنتاج إلى النصف، “في العام الماضي أنتجت كل ستة كيلوغرامات من الزيتون كيلوغرامًا من الزيت، أما في العام الحالي فاحتاج إنتاج الكيلوغرام من الزيت إلى عصر 13 كيلوغرامًا من الثمار”.

زيت مغشوش

انتشر زيت الزيتون المغشوش بشكل ملحوظ في أسواق ريف حمص الشمالي، ويكون الغش من خلال خلط زيت الزيتون بالزيت النباتي، بنسبة الثلث للزيت النباتي والثلثين لزيت الزيتون.

قال سامر الشيخ، أحد تجار زيت الزيتون في ريف حمص الشمالي، لعنب بلدي، إن ظاهرة الغش انتشرت “بشكل كبير”، وبرأيه فإن انخفاض الإنتاج كان السبب، وهذا بدوره سبب “ضرب الثقة بين البائع والمشتري”، وأضاف أن اكتشاف الزيت المغشوش بحاجة إلى تجار محترفين، ما جعل الكثيرين ضحية للغش.

ونتيجة لذلك، يصر بعض المشترين على التوجه إلى المعاصر بشكل مباشر، وقال عدنان بربر، أحد سكان قرية الزعفرانة، لعنب بلدي، إنه يتفق مع أحد المزارعين ويشرف بنفسه على تعبئة التنكة من مزراب الزيت ووضعها جانبًا، “فالزيت هو المادة النقية الوحيدة الطبيعية التي ما زلنا نتناولها بلا أي مواد حافظة أو كيماوية”.

تغير مناخي يضعف الإنتاج

“على مدى 15 عامًا، لم تشهد المنطقة ضعفًا بالإنتاج كالعام الحالي”، حسبما قال المزارع الستيني زكريا، أحد مزارعي قرية غرناطة، لعنب بلدي، “مزارعو الزيتون معتادون على ضعف في نسبة حمل الأشجار بين عام وآخر، وكما يقول المثل الشعبي فإن الزيتون سنة بشيل وسنة بحيل”، إلا أن انخفاض إنتاج الزيت ليس معتادًا للمزارعين.

أرجع مزارعون ومهندسون زراعيون التقت بهم عنب بلدي السبب في ضعف كمية الزيت المنتجة إلى ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف الماضي.

المهندس الزراعي وليد كاجو، من أبناء مدينة تلبيسة، قال لعنب بلدي، إن موجات الحر المتلاحقة الصيف الماضي هي  السبب الرئيس بتناقص نسبة تحويل الزيت، “في درجات الحرارة المرتفعة تستهلك الشجرة كمية أكبر من الماء، ما يخفف نسبة تحويل الزيت، وحين استمرت موجة الحر ما يقارب الشهرين ضعف الإنتاج بهذا الشكل”.

وتراوحت درجات الحرارة ما بين 43 و50 درجة مئوية، في حين يبلغ معدل درجات الحرارة صيفًا في المحافظة ما بين 29 و36 درجة، وبرأي المهندس الزراعي فإن ثمن تنكة الزيت المنخفض لا يكافئ ما يقدمه المزارعون من تكاليف وجهد للإنتاج.

وتعتبر شجرة الزيتون من أهم الأشجار المثمرة في سوريا وأكثرها انتشارًا في محافظة حمص، وبحسب تصريحات رئيس دائرة الأشجار المثمرة في مديرية زراعة حمص، ناجي ساعد، فإن المساحة المزروعة للعام الحالي بلغت 96.5 ألف هكتار، ووصل عدد أشجار الزيتون إلى 16 مليونًا، منها 13.7 مليون شجرة مثمرة وفي طور الإنتاج.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة