لقاحات “كوفيد- 19”.. الأمل بإنهاء الجائحة

لقاحات "كوفيد- 19"
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

قد يكون اللقاح الذي يقي من الإصابة بفيروس ““كورونا المستجد” (كوفيد- 19) هو الأمل حاليًا بإنهاء هذه الجائحة، ويعتبر هذا اللقاح أسرع لقاح تم تطويره في التاريخ، حيث استغرق ذلك عشرة أشهر فقط، بينما يستغرق إنتاج اللقاحات عادة عدة سنوات، ولكن مع بدء إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بمنح الموافقات على استخدام اللقاحات التي صنعتها بعض الشركات، بدأت الشائعات تنتشر حول مخاطر استخدام هذه اللقاحات، ما جعل كثيرين من سكان العالم يترددون في الحصول عليها، لذلك فإننا سنعرف في مقالنا هذا ببعض الحقائق المتعلقة بلقاحات “كوفيد- 19”.

ما فائدة أخذ لقاح “كوفيد- 19”

يؤدي أخذ اللقاح إلى تكوين استجابة مناعية بالأجسام المضادة في الجسم، وبذلك فإنه قد يحمي من الإصابة بـ”كوفيد- 19″، وكذلك فإنه يقي من الأدوار الحادة والمضاعفات الخطيرة للمرض في حال حدوثه، كالإصابة بالالتهاب الرئوي أو الحاجة إلى دخول العناية المركزة أو حدوث الوفاة.

ما لقاحات “كوفيد- 19” المطروحة حاليًا؟

هناك أربعة لقاحات لـ”كوفيد- 19″ وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على استخدامها بشكل طارئ، هي لقاح “فايزر/ بيونتيك” الأمريكي- الألماني، ولقاح “موديرنا” الأمريكي، ولقاح “سبوتنيك V” الروسي، ولقاح “سينوفارم” الصيني.

وهناك لقاح خامس هو لقاح جامعة “أكسفورد/ أسترازينيكا” البريطاني، وهو لقاح يمر حاليًا بالمرحلة النهائية من الاختبارات.

وعادة ما تستغرق عملية موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بين عدة شهور وعدة سنوات، ولكن نظرًا إلى وجود حاجة ملحة إلى لقاحات “كوفيد- 19″، فقد أصدرت ترخيص استخدام طارئًا للقاحات “كوفيد- 19” استنادًا إلى كمية بيانات أقل مما هو مطلوب عادة، مشترطة أن تُظهر البيانات أن اللقاحات آمنة وفعالة قبل إصدار ترخيص استخدام طارئ.

ما آلية عمل لقاحات “كوفيد- 19” وما مدى فعاليتها؟

لقاح “فايزر/ بيونتيك” (Pfizer/Biontech)

يحتوي هذا اللقاح على شيفرة وراثية حول العامل الممرض، حيث  يستخدم الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA)، وهو مادة جينية تقرؤها خلايا الجسم لصنع البروتينات، حيث تؤدي هذه المادة الموجودة في اللقاح إلى تحفيز الخلايا على إنتاج بروتين سبايك “Spike protein” الموجود على سطح فيروسات “كورونا” والذي يمنحها شكلها التاجي، فيقوم جهاز المناعة بإنتاج أجسام مضادة ضد هذا البروتين باعتباره غريبًا عن الجسم، وبالتالي يتم اعتراض الفيروسات عند دخولها الجسم قبل دخولها إلى الخلايا وتكاثرها، وننوه إلى أن الشيفرة الوراثية الموجودة في اللقاح لا تغير من الشيفرة الوراثية داخل نواة الخلية.

يعطى هذا اللقاح للأشخاص بعمر 16 سنة فأكثر، وهو يعطى على جرعتين بفاصل 21 يومًا، وقد أظهرت البيانات أن مفعوله يبدأ بعد الجرعة الأولى بفترة وجيزة، وأن نسبة فعاليته 95٪ بعد سبعة أيام من الجرعة الثانية.

وهو يخزن بدرجة حرارة -70 درجة مئوية لعدة أسابيع، بينما يحتفظ بفعاليته لمدة تصل حتى خمسة أيام بدرجة حرارة الثلاجة العادية (+2 إلى +8 درجة مئوية).

لقاح “موديرنا” (Moderna)

يحتوي لقاح “موديرنا” على الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) كما في لقاح “فايزر/ بيونتيك”، ومن الناحية العلمية، يتشابه اللقاحان في آلية العمل كثيرًا.

وهو يعطى للأشخاص بعمر 18 سنة فأكثر، ويعطى بجرعتين تفصل بينهما 28 يومًا، وقد أظهرت البيانات أن اللقاح فعال بمعدل 94.1%.

ويخزن هذا اللقاح بدرجة حرارة -20 درجة مئوية لمدة تصل حتى ستة أشهر، بينما يبقى مستقرًا لمدة 30 يومًا بدرجة حرارة الثلاجة العادية.

لقاح “سبوتنيك في” (Sputnik V)

سمي اللقاح نسبة إلى اسم أول قمر صناعي سوفييتي “سبوتنيك”، ويرمز حرف “V” في اسم اللقاح إلى الانتصار على فيروس “كورونا المستجد”.

ويعمل هذا اللقاح عن طريق زرع الجين المسؤول عن بروتين سبايك في فيروس خامل (فيروس غدي adenovirus)، وعند إعطاء اللقاح للشخص يؤدي دخول الفيروس إلى إنتاج البروتين سبايك، فيتعامل معه الجهاز المناعي بإنتاج الأجسام المضادة، وعند دخول فيروس “كورونا المستجد” إلى الجسم يتم التعامل معه من قبل جهاز المناعة.

يعطى لقاح “سبونتيك V” بجرعتين، وقد ثبتت فعاليته في 91.4% من الحالات، وتصل فعاليته ضد الحالات الصعبة والوخيمة للعدوى بفيروس “كورونا المستجد” إلى 100%.

ويمكن تخزين اللقاح على شكله مجففًا بالتبريد (الجاف) عند درجات حرارة الثلاجة العادية.

لقاح “سينوفارم” (Sinopharm)

يعمل بالطريقة التقليدية القديمة المتبعة في اللقاحات، فهو لقاح معطل، أي يحتوي على الفيروس الذي تم إنشاؤه في المختبر ثم قُتل، وبالتالي فهو غير معدٍ، ويؤدي إعطاؤه إلى قيام الجهاز المناعي بتشكيل أجسام مضادة لهذا الفيروس بعد حوالي أربعة أسابيع من الحقن، وبالتالي التعامل مع الفيروس الحي عند دخوله إلى الجسم.

يجب أخذ جرعتين من اللقاح على مدار 28 يومًا، وذكرت الشركة المصنعة أن الجرعة الأولى توفر حماية بنسبة 97% فقط، لذا فإن التطعيم بجرعتين يرفع نسبة الحماية إلى 100%، ولكن أظهرت التجارب السريرية أنه يملك فعالية بنسبة 86%.

ويحتاج لقاح “سينوفارم” إلى التخزين في درجات حرارة الثلاجة العادية، وهذه هي ميزة اللقاحات التقليدية، ما يجعل عملية النقل والتوزيع أسهل بكثير من اللقاحات الأمريكية.

لقاح جامعة “أكسفورد/أسترازينيكا”

هذا اللقاح هو عبارة عن فيروس رشح عادي جرى تعديله جينيًا، وهو عادة ما يصيب قرود الشمبانزي، وقد جرى تعديل الفيروس لمنعه من إصابة الأشخاص، ولكي يحمل نماذج لجزء من فيروس “كورونا”، يعرف باسم بروتين سبايك، وحالما تصبح هذه النماذج داخل الجسم فإنها تبدأ بإنتاج بروتين سبايك الخاص بفيروس “كورونا”، الذي يتعرف عليه جهاز المناعة في الجسم ويعتبره تهديدًا فيحاول تدميره، وعندما يواجه جهاز المناعة الفيروس في الواقع، فإنه يعرف الآن ما الذي سيفعله.

يعطى هذا اللقاح على جرعتين، وكانت نسبة الحماية 62% عندما أعطي المتطوعون جرعتين عاليتين، لكن هذه النسبة ارتفعت إلى 90% عندما أعطي الأشخاص جرعة منخفضة تلتها جرعة عالية، ومن غير الواضح أسباب وجود هذا الفرق في النسبة.

يخزن لقاح جامعة “أكسفورد” بدرجة حرارة الثلاجة العادية، لذلك فهو أسهل للتخزين وفي إيصاله إلى كل ركن في العالم من اللقاحات الأمريكية.

من يُستبعد من أخذ اللقاح؟

  • من لديهم حساسية من أحد مكونات اللقاح.
  • النساء الحوامل أو من يرغبن بالحمل لعدم وجود بيانات كافية حتى الآن تثبت أنه آمن لهن دون مضاعفات.
  • الأطفال تحت سن 16 سنة، إذ لا توجد معطيات مؤكدة عن سلامته بالنسبة لهم.

لمن تكون الأولوية بأخذ اللقاح؟

نظرًا إلى محدودية جرعات اللقاح المتوفرة، لن يتمكن الجميع من الحصول على لقاح “كوفيد- 19” فورًا، لذا فقد أوصت الهيئة الاستشارية لممارسات التمنيع في أمريكا بضرورة إعطاء لقاحات “كوفيد- 19” وفق ما يلي:

  1. المرحلة الأولى: لموظفي الرعاية الصحية والمقيمين البالغين في دور الرعاية الطويلة الأجل.
  2. المرحلة الثانية: للأشخاص بعمر 75 سنة فأكثر والعاملين الأساسيين في الخطوط الأمامية، مثل المسعفين والمدرّسين وموظفي قطاع النقل وموظفي محال البقالة.
  3. المرحلة الثالثة: للأشخاص بعمر يتراوح بين 65 و74 سنة، وكذلك الأشخاص بعمر يتراوح بين 16 و64 سنة ممن هم معرضون للإصابة بأعراض “كوفيد- 19” شديدة، بسبب وجود حالات صحية كامنة لديهم (السكري والسمنة المفرطة)، وكذلك جميع العاملين الأساسيين، مثل موظفي الخدمات الغذائية والبناء.

هل يحتاج إلى لقاح من أُصيب سابقًا بـ”كوفيد- 19″؟

لأن تكرار العدوى أمر ممكن، وبما أن “كوفيد- 19″ يمكن أن يسبب مضاعفات طبية خطيرة، فقد يكون من الأفضل لمن أُصيبوا سابقًا بالمرض أن يأخذوا اللقاح المخصص له، وخاصة أنه ليس هناك أي حدث ضار سيحدث، كما أن الحماية من اللقاح في الواقع قد تكون لمدة أطول من تلك التي تحدث من العدوى الطبيعية، كما أكد خبراء الأمراض المعدية أن الفيروسات التاجية تشتهر بتحفيز استجابة مناعية معيبة وغير كاملة لدى البشر.

ولكن ينصح من أُصيب سابقًا بـ”كوفيد- 19” بالانتظار لمدة 90 يومًا من ظهور النتيجة قبل أن يأخذ اللقاح.

ما الآثار الجانبية المحتملة لأخذ اللقاح؟

كغيرها من اللقاحات، يمكن أن تؤدي لقاحات “كورونا المستجد” إلى رد فعل تحسسي بحالات نادرة جدًا، لذلك يجب أن يخضع من يأخذ اللقاح للمراقبة لمدة 15 دقيقة للتأكد من عدم حدوث أي رد فعل تحسسي، وتشمل علامات رد الفعل التحسسي: الطفح الجلدي، وتورمًا في الوجه والحلق، وصعوبة التنفس، وسرعة ضربات القلب، والدوخة، والضعف.

كذلك يمكن لهذه اللقاحات أن تسبب آثارًا جانبية طفيفة بعد الجرعة الأولى أو الثانية، وتشمل: الألم أو الاحمرار أو التورم في مكان حقن اللقاح، الحُمى، الإرهاق، الصداع، الألم العضلي، القشعريرة، ألم المفاصل، الاضطرابات الهضمية.

وغالبًا ما تكون هذه الآثار الجانبية خفيفة وتزول بعد يومين على الأكثر (24– 36 ساعة)، ويمكن تخفيفها عن طريق تناول الباراسيتامول أو الأيبوبروفين، علمًا أن هذه الآثار الجانبية قد تظهر خلال أسابيع من تلقي اللقاح وأحيانًا خلال شهرين من تلقيه.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة