عقوبات تكبّل “المركزي السوري” وتدفعه إلى مافيات الحرب

camera iconحازم قرفول وأسماء وبشار الأسد - 24 كانون الأول 2020 (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – علي درويش

تكرر فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية على مصرف سوريا المركزي منذ عام 2011، وطالت إضافة إلى المصرف، رئيس النظام، بشار الأسد، وزوجته ومقربين منهما، ومؤسسات ورجال أعمال وضباطًا في الجيش والأفرع الأمنية.

بلغ عدد الحزم المفروضة على النظام، منذ بدء تطبيق قانون “قيصر” لحماية المدنيين في حزيران الماضي، ست حزم أحدثها كانت في 22 من كانون الأول الحالي.

وكان المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جويل ريبورن، قال خلال مؤتمر صحفي حضرته عنب بلدي، في 3 من كانون الأول الحالي، إن الولايات المتحدة ستستمر بتطبيق برنامج العقوبات، وهناك المزيد خلال الأسابيع المقبلة، مشيرًا إلى وجود فريق قوي في واشنطن يخطط لزيادة العقوبات دومًا.

وأضاف، “نعمل دومًا على تطوير عقوباتنا (…) ولن نساعد الحكومة السورية بأي جهود لإعادة الإعمار”، نافيًا منع وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا، ومؤكدًا أن لدى الإدارة استثناءات واضحة.

تكرار العقوبات تكبّل “المركزي” وتضيّق على تمويل النظام

تضيّق العقوبات المتتالية على البنك المركزي نشاطه في العمليات المالية، فكل عقوبة جديدة تتضمن إضافة بند تحرم “المركزي” من نشاط أو عمليات جديدة.

وأوضح الباحث الاقتصادي مناف قومان، في حديث إلى عنب بلدي، أن فرض العقوبات على المركزي يهدف للتضييق على مداخل ومخارج تمويل النظام واحتياجاته بشكل أكبر، وهذا ما سيدفع النظام نحو مزيد من الاعتماد على شبكات غير رسمية للتهرب من العقوبات.

وسبق أن طالت “المركزي” عقوبات سابقة، مثل حرمانه من طباعة العملة، ثم إيقاف التعاملات الائتمانية والمالية وتجميد أرصدة، وهو ما أسهم، حسب قومان، في قطع “المركزي السوري” عن نافذة التمويل الدولية والنظام المالي العالمي، واضطره للبحث عن حلول وطرق أخرى للتهرب من العقوبات، وعملت كل من روسيا وإيران والصين على مساعدته في هذا الإطار.

وتسببت العقوبات الحالية والسابقة في تكبيل البنك المركزي، الذي يلعب دورًا رئيسًا في تمويل عمليات استيراد السلع والخدمات، وعلى الرغم من استثناء عمليات تمويل الصفقات التجارية والمساعدات الإنسانية والإغاثية، فهذا لا يعفي “المركزي” من تشديد الرقابة على كل عملية مالية يقوم بها، للتأكد من عدم خرقه العقوبات، وستؤدي هذه الرقابة إلى إبطاء عمل “المركزي” وتنفيذ الصفقات، ونفور من قبل التجار والشركات والدول من التعامل معه نتيجة التعقيد، وخوفًا من أن تطالها العقوبات، حسب قومان.

وقد يكون هذا ما دفع الحكومة للتخلي عن سياسات دعم بعض المواد الأساسية، وإلقاء العبء على التجار والأسواق، لاستيراد المادة من خلال دولار السوق السوداء.

ويعزى ارتفاع سعر صرف الليرة أمام الدولار إلى هذا الجانب، لعدم قدرة “المركزي” على تمويل عمليات الاستيراد، حسب قومان.

وأكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا في إيجاز صحفي هاتفي حصلت عنب بلدي على نسخة منه، في 23 من كانون الأول الحالي، أنه على الرغم من حظر مصرف سوريا المركزي وأنشطته من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، فقد اتخذت الوزارة “خطوة مهمة جدًا تتمثل في إضافة مصرف سوريا المركزي رسميًا إلى قائمة المواطنين المدرجين بشكل خاص التابعة لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك) التابع لوزارة الخزانة”.

إذ سيكون التعامل مع المصرف المركزي محظورًا بشكل صريح، باستثناء بعض المجموعات الإنسانية المحددة، وستصدر وزارة الخزانة ومكتب “أوفاك” بعض الإرشادات حول ما يسمح به وما لا يسمح به في هذا الصدد.

التحول إلى اقتصاد حرب

بحسب الباحث الاقتصادي مناف قومان، فالعقوبات هي استمرار لحملة التضييق الدولية على النظام لدفعه نحو الحلول السياسية، والاقتصاد السوري منذ اندلاع الثورة حوّل من هويته وحالته الرسمية إلى اقتصاد حرب يعتمد على شبكات غير رسمية وشبكات منتفعين.

وأشار قومان إلى أن الشخصيات المعاقَبة على علم بأن العقوبات ستطالهم عاجلًا أو آجلًا، لذلك يلجؤون دومًا إلى شبكات تبييض أموال وتهريب للتهرب من العقوبات، ومع اشتدادها، ستحاول تلك الشبكات تعميق العلاقة أكثر مع النظام الذي سيغدو بحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى.

إذ شملت العقوبات الأخيرة العديد من الأفراد المباشرين لعائلة أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري، وهم فواز الأخرس وسحر عطري الأخرس وفراس وإياد الأخرس، إضافة إلى لينا محمد نذير كناية، وهي مديرة في مكتب الرئاسة السورية، الذي يعمل بملفات وقرارات لجنة مكافحة الفساد في “القصر الجمهوري”، وزوج كناية النائب في مجلس الشعب محمد همام محمد عدنان مسوتي.

كما أدرجت أربع شركات تمتلكها كناية أو مسوتي على قائمة العقوبات، وهي شركات “سوران” (Souran Company) و”ليا” (Lia Company) و”ليتيا” (Letia Company) و”بوليميديكس المحدودة المسؤولية” (Polymedics LLC).

كما فُرضت عقوبات على قائد شعبة الاستخبارات العسكرية السورية، اللواء كفاح ملحم، لدوره كـ”أحد مهندسي معاناة الشعب السوري”، وبسبب أعماله في منع وقف إطلاق النار في سوريا.

وفُرضت عقوبات جديدة على مجموعات تابعة لعامر تيسير خيتي، الذي خضع سابقًا للعقوبات، وتضم هذه الكيانات، شركة “العامر لصناعة الخرسانة والحجر”، و”العامر لصناعة البلاستيك”، وشركة “الليث الذهبي لخدمات النقل والشحن”، و”العامر للتطوير والاستثمار العقاري”، وشركة “جود لاند”.

وعلّق المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا في إيجازه الصحفي حول الشخصيات المعاقَبة، أن العقوبات جاءت بسبب “انخراط أسماء الأسد وعائلتها في محاولة للسيطرة على المزيد من الأصول والموارد في قلب مافيا نظام الأسد”، وأصبحوا نشطين سياسيًا ومحوريين في جهود نظام الأسد في إطار مواصلته حشد الموارد لاستمرار حربه ضد الشعب السوري.

كما أن مسألة فرض العقوبات على لينا كناية وزوجها محمد مسوتي، تكمن في أنهما “كانا في الأساس وكيلًا ماليًا وجبهة مالية لأسماء الأسد وبشار الأسد”، حسب ريبورن.

وأضاف، “تم تمكينهما من السيطرة على أصول تم الاستيلاء عليها من رجال أعمال سوريين آخرين، ونمت هذه الأصول شيئًا فشيئًا حتى أصبحت إمبراطورية تجارية خاصة بهما”، واصفًا إياهما بـ”المافيا القويَّين ضمن نظام الأسد”.

وأشار ريبورن إلى أن الأموال والشركات التي يمتلكها الزوجان ليست أموالهما حقًا، بل “يديران هذه المصالح في الحقيقة بالنيابة عن بشار الأسد وأسماء الأسد”، وتابع، “هكذا يحتفظ بشار الأسد بكثير من أمواله، وذلك عبر حفظ أشخاص آخرين له، ثم تمكينهم سياسيًا لجمع هذه الأصول”.

ونبّه ريبورن إلى أن لينا كناية هي أقرب مستشارة في القصر الرئاسي لكل من أسماء الأسد وبشار الأسد، مضيفًا أن فرض عقوبات عليها هي طريقة لضرب أصول بشار وأسماء الأسد.

وتعمل الشركات التي تملكها وزوجها بشكل أساسي في أعمال الاستيراد والتصدير، خاصة في دول الخليج، وفرض العقوبات يقطع الطريق “الذي كانت تستخدمه مافيا نظام الأسد لتحاول الحفاظ على استمرار المصالح التجارية في الخليج”، حسب ريبورن.

كما وجه رسالة إلى مجتمعات الشركات في الخليج، وقال إن عليها “توخي الحذر الشديد والقيام بالعناية الواجبة، وعدم الانخراط في هذا النوع من النشاط التجاري”.

وكانت السفارة الأمريكية في دمشق قالت، الأحد الماضي عبر حسابها في “تويتر”، إن الولايات المتحدة فرضت منذ توقيع قانون “قيضر” عقوبات على أكثر من 90 من داعمي الأسد لـ”إدامة حرب وحشية لا داعي لها”، ليرتفع عدد المعاقَبين بعد الحزمة السادسة الأخيرة إلى 108 أشخاص وكيانات.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة